موسوعة الفرق

المسألةُ الرَّابعةُ: هل يجوزُ أن يُسمَعَ كلامُ اللهِ تعالى أم لا؟


الأشْعَريَّةُ على الجوازِ، والماتُريديَّةُ على عدَمِ الجوازِ.
ويفسِّرُ الماتُريديُّ سماعَ كلامِ اللهِ بمعنى إعلامِ اللهِ إيَّانا للكلامِ، كما أعلَمَنا قُدرتَه وربوبيَّتَه، ومعلومٌ أنَّ قُدرةَ اللهِ تعالى وربوبيَّتَه من المعلوماتِ لا من المسموعاتِ.
وقولُ الماتُريديَّةِ باطِلٌ، غيرَ أنَّه أوفقُ لمَذهَبِهم في الكلامِ النَّفسيِ الذي ليس بحرفٍ ولا صوتٍ؛ لأنَّه إذا لم يكُنْ بحرفٍ ولا صوتٍ، فلا يُتصوَّرُ سماعُ كلامِ اللهِ تعالى، وقولُ الأشاعِرةِ حَقٌّ لكِنَّه يناقِضُ قولَهم بالكلامِ النَّفسيِّ، وقولُ الماتُريديَّةِ بِدعةٌ مبنيَّةٌ على بدعةِ الكلامِ النَّفسيِّ، الذي ابتدَعَها ابنُ كُلَّابٍ، وقولُ الماتُريديَّةِ مخالِفٌ لمَذهَبِ السَّلَفِ.
بعضُ نصوصِ الماتُريديَّةِ في نفيِ سماعِ كلامِ اللهِ سُبحانَه:
1- قال أبو منصورٍ الماتُريديُّ: (إنَّ اللهَ أسمع موسى عليه السَّلامُ كلامَه بحروفٍ خَلَقَهَا وصوتٍ أنشأَه)  [682] ((التوحيد)) (ص: 59). .
وقال الماتُريديُّ أيضًا: (ألقى في مسامِعِه صوتًا مخلوقًا على ما شاء، وكيف يشاءُ)  [683] ((تفسير الماتريدي)) (9/ 141). .
2- قال أبو المُعينِ النَّسَفيُّ: (إنَّ اللهَ أسمعَ القرآنَ جِبرائيلَ بالصَّوتِ والحَرفِ المخلوقينِ، فحَفِظَه جبرائيلُ ونقله إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)  [684] ((بحر الكلام)) (ص: 29). .
3- قال البياضيُّ: (التكليمُ لا يتوقَّفُ على السَّماعِ من اللهِ بالذَّاتِ، وليس في النَّظمِ الجليلِ أنَّه سمع موسى من اللهِ تعالى يعني قولَه تعالى: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء: 164] ... فهو بواسطةِ الحُروفِ والأصواتِ المخلوقةِ في الشَّجَرةِ في تكليمِ موسى)  [685] ((إشارات المرام)) (ص: 151، 152). .
والرَّازيُّ الأشْعَريُّ صرَّح بعدَمِ سماعِ كلامِ اللهِ؛ لأنَّ علَّةَ صِحَّةِ المسموعيَّةِ هي الصَّوتيَّةُ فقط، وأبو المعالي الجُوَينيُّ فَسَّر سماعَ كلامِ اللهِ بكَونِه مفهومًا معلومًا، وعلى هذا يكونُ الخلافُ بَينَ الأشْعَريَّةِ والماتُريديَّةِ لفظيًّا، كما صرَّح به بعضُ الماتُريديَّةِ؛ فكِلا الفريقينِ في الحقيقةِ على عَدَمِ جوازِ سماعِ كلامِ اللهِ سُبحانَه.

انظر أيضا: