موسوعة الفرق

الفَصلُ الثَّالثُ: واقِعُ الأشاعِرةِ في العَصرِ الحاضِرِ


اتَّجه الأشاعِرةُ المُتأخِّرونَ في القَرنِ الثَّامِنِ وما بَعدَه إلى تقريرِ المذهَبِ الأشعريِّ بالمُتونِ والشُّروحِ والحواشي، واكتفى المؤَلِّفونَ منهم بذِكرِ تعدُّدِ أقوالِ العالِمِ الواحِدِ من أعلامِ الأشاعِرةِ، وذِكْرِ الخِلافاتِ الأشعريَّةِ بَينَ المتقَدِّمينَ والمُتأخِّرينَ منهم [991] يُنظر: ((المدارس الأشعرية)) للشهري (ص: 711). .
ومُنذُ قُرونٍ وإلى يومِنا هذا يَدرُسُ طُلَّابُ العِلمِ المذهَبَ الأشعريَّ في الجامِعِ الأزهَرِ، وجامعةِ القُرَويِّينَ، وجامِعِ الزَّيتونةِ، وخَرَج من هذه المراكِزِ العِلميَّةِ المشهورةِ عُلَماءُ متُضَلِّعونَ بالمذهَبِ الأشعَريِّ.
وفي القَرنِ الهِجريِّ الماضي خَرَج من تركِيا رَجُلانِ مَشهورانِ من عُلَماءِ الحَنَفيَّةِ الماتُريديَّةِ، واستقرَّا في مِصرَ، وكان لهما نشاطٌ كبيرٌ في الدَّعوةِ إلى تأويلِ الصِّفاتِ على مَنهَجِ الأشاعِرةِ والماتُريديَّةِ، وهما:
محمَّد زاهِد الكَوثريُّ المتوفَّى سنة 1371هـ، وهو كثيرُ الرُّدودِ على أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ الذين يلمِزُهم بالألقابِ الشَّنيعةِ، لا سيَّما ابنِ تيميَّةَ وابنِ القيِّمِ، وقد جمع أحمد خيري مقالاتِه في كتابِ: "مقالات الكَوثريِّ".
وقد تأثَّر بالكوثريِّ كثيرٌ من تلاميذِه، وساروا على نَهجِه في نَشرِ مَذهَبِ أهلِ الكلامِ.
والثَّاني هو شَيخُ الإسلامِ في الدَّولةِ العُثمانيَّةِ مصطفى صبري، المتوفَّى سنة 1373 هجريَّة، وله كثيرٌ من المؤلَّفاتِ والمقالاتِ، وقد تأثَّر به كثيرٌ من تلاميذِه، وساروا على نهجِه.
ثمَّ ظهَر بَعدَ ذلك بسنواتٍ الدُّكتورُ محمَّد سعيد رمضان البوطي الذي كان له ظُهورٌ في فضائيَّةِ التلفزيونِ السُّوريِّ في التِّسعيناتِ، وكانت له دُروسٌ في الجامِعِ الأُمَويِّ بدِمَشقَ [992] يُنظر: ((النشاط الأشعري المعاصر)) لمحمد ياسين (ص: 20 - 22). .
وفي السَّنواتِ الأخيرةِ نَشِط أتباعُ المذهَبِ الأشعريِّ نشاطًا كبيرًا، وعقدوا مؤتَمَر الإمامِ أبي الحَسَنِ الأشعريِّ في القاهرةِ سنة 2010م، وصدَرَت أعمالُ المُؤتَمَرِ في أربعةِ مجلَّداتٍ كبيرةٍ مطبوعةٍ عن مركزِ الأزهَرِ للتَّأليفِ والتَّرجمةِ والنَّشرِ.
ثمَّ أقاموا مُؤتَمَرَ الشِّيشانِ المُسَمَّى -زُورًا- مُؤتمَرَ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، الذي عُقِد في جُروزني عاصِمةِ الشِّيشانِ يومَ 25 أغسطس 2016م برعايةِ رئيسِ الشِّيشانِ رمضان قاديروف؛ لدَعمِ النَّشاطِ الأشعَريِّ المعاصِرِ، وقد حضَره كثيرٌ من عُلَماءِ الأشاعِرةِ وأعلامِهم المُعاصِرينَ، وأصدر المؤتمَرُ بيانًا زعَموا فيه أنَّ أهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ هم الأشاعِرةُ والماتُريديَّةُ، ومنهم أهلُ الحديثِ المُفَوِّضةُ في الاعتقادِ، وأهلُ المذاهِبِ الأربعةِ في الفِقهِ، وأهلُ التصَوُّفِ.
أبرَزُ أعلامِ الأشاعِرةِ المُعاصِرينَ الذين لهم نشاطٌ كبيرٌ في الدِّفاعِ عن المذهَبِ الأشعَريِّ:
في مِصرَ: شَيخُ الأزهَرِ أحمدُ الطَّيِّبُ، ومُفتي مِصرَ السَّابِقُ علي جمعة، وأسامةُ الأزهريُّ.
في الأردُنِّ: سعيد فودة وطُلَّابُه.
في اليَمَنِ: علي الجفْريُّ، وعُمَرُ بنُ حفيظٍ، وعبدُ الفتَّاحِ قديش اليافعيُّ، وسيفُ بنُ عليٍّ العصريُّ، المقيمُ في الشِّيشانِ.
في تُونُسَ: نزار حمادي.
في ليبيا: جلال الجهاني المقيم في هولندا.
في الكويتِ: مبارك خالد المبارَك [993] يُنظر: ((النشاط الأشعري المعاصر)) لمحمد ياسين (ص: 37). .
وفي لُبنانَ: عبد الناصر حدارة.
والأشاعِرةُ المعاصِرونَ يحرِصونَ في كتُبِهم ودُروسِهم ومقالاتِهم على تقريرِ المذهَبِ الأشعريِّ وتصحيحِه، ومُهاجمةِ العقيدةِ السَّلفيَّةِ، والطَّعنِ في عُلَماءِ أهلِ السُّنَّةِ، خاصَّةً ابنَ تيميَّةَ الذي يَصِفونَه بالتَّجسيمِ، ويحَذِّرونَ النَّاسَ من كُتُبِه [994] يُنظر: ((النشاط الأشعري المعاصر)) لمحمد ياسين (ص: 60 – 82، 131 - 153) (بتصرُّفٍ يسيرٍ). .
المؤسَّساتُ والمراكِزُ العِلميَّةُ والدَّعَويَّةُ الأشعَريَّةُ:
للأشاعِرةِ المُعاصِرين مُؤَسَّساتٌ ومراكِزُ تهتَمُّ بتقريرِ المذهَبِ الأشعريِّ، ونَشرِ تُراثِ الأشاعِرةِ، ومنها:
1- دارُ المصطفى في حَضْرَموتَ، أسَّسها عُمَرُ بنُ حفيظٍ.
2- مركَزُ أبي الحسَنِ الأشعريِّ للدِّراساتِ العَقَديَّةِ في المغرِبِ.
3- مؤسَّسةُ طابةَ في أبو ظبي، أسَّسها علي الجفري.
4- جامعةُ الإمامِ أبي الحسَنِ الأشعريِّ في داغستانَ.
5- مركزُ تبصير العِلميُّ في الشِّيشانِ.
6- مَعهدُ المعارِج في الأردُنِّ.
7- مَعهدُ مَدارِك في الأردُنِّ.
8- مُؤسَّسةُ أنظار التَّعليميَّةُ.
9- مركَزُ ابنِ عَرَفةَ للتَّكوينِ المُستمِرِّ في العُلومِ الإنسانيَّةِ، أسَّسه نزار حمادي في تونُسَ.
النَّشاطُ الأشعريُّ في الفَضائيَّاتِ والإنترنِت:
لكثيرٍ من أعلامِ الأشاعِرةِ المشهورينَ مواقِعُ في الإنترنِت، وقَنَواتٌ في اليُوتيوب، وصَفَحاتٌ في الفيسِ بوك، ومن ذلك:
1- مَوقِعُ علي الجفْري، وله محاضَراتٌ وحَلَقاتٌ وبرامِجُ مُتعَدِّدةٌ.
2- مَوقِعُ عقيدتي في المغرِبِ.
3- قناةُ سعيد فودة في اليوتيوب، وفيها دروسٌ مرئيَّةٌ له.
4- مُنتدى الأصلين أسَّسه جلال الجهاني سنة 2003م.
5- مُنتدى روض الرَّياحينَ، وهو ذو طابَعٍ صوفيٍّ.
6- مُنتدى الأزهريِّينَ.
7- قناةُ الإرثِ النَّبَويِّ، أُسِّسَت في الأردُنِّ سنة 1433 هـ - 2013م.
دُورُ النَّشرِ المُهتمَّةُ بطباعةِ الكتُبِ الأشعريَّةِ:
توجَدُ للأشاعِرةِ دُورُ نَشرٍ خاصَّةٌ تعتني بنَشرِ كُتُبِهم وتحقيقِها، وطباعةِ الكُتُبِ الأشعريَّةِ القديمةِ والمُعاصِرةِ، ومن تلك الدُّورِ:
1- دارُ الرَّازي في الأردُنِّ.
2- دارُ الفَتحِ في الأردُنِّ.
3- دارُ الذَّخائِرِ في الأردُنِّ.
4- دارُ النُّورِ المُبينِ في الأردُنِّ.
5- دارُ الأصلَينِ للدِّراساتِ والنَّشرِ في الأردُنِّ.
6- دارُ الضِّياءِ في الكُوَيتِ.
7- دارُ المنهاجِ بجُدَّةَ، وهي دارٌ مشهورةٌ باهتمامِها بنَشرِ كُتُبِ المذهَبِ الشَّافعيِّ، إلَّا أنَّها نشَرَت أربعةَ كُتُبٍ في العقائِدِ الأشعَريَّةِ لأبي حامدٍ الغزاليِّ.
وقد تمَّ في هذه الدُّورِ الأشعريَّةِ وغَيرِها طباعةُ ونَشرُ أكثَرَ من مائةِ كِتابٍ أشعريٍّ للمُتقدِّمينَ والمُعاصِرينَ من الأشاعِرةِ، ومنها كتُبٌ أشعريَّةٌ قديمةٌ نُشِرَت لأوَّلِ مرَّةٍ بتحقيقِ بعضِ الأشاعِرةِ المعاصِرينَ [995] يُنظر: ((النشاط الأشعري المعاصر)) لمحمد ياسين (ص: 60 – 82، 131 - 153). .
أبرَزُ مُكَوِّناتِ الخِطابِ الأشعريِّ المعاصِرِ ثلاثةٌ:
1- الدَّعوةُ إلى اتِّباعِ المذهَبِ الأشعَريِّ أو الماتُريديِّ في الاعتقادِ.
2- الدَّعوةُ إلى تقليدِ المذاهِبِ الأربعةِ في الفِقهِ.
3- الدَّعوةُ إلى الطُّرُقِ الصُّوفيَّةِ في السُّلوكِ، كالطَّريقةِ الشَّاذليَّةِ والرِّفاعيَّةِ والعَلويَّةِ [996] يُنظر تفصيل ذلك في كتاب: ((النشاط الأشعري المعاصر)) لمحمد ياسين (ص: 83 - 120). وللأشاعرةِ المعاصِرينَ جُهودٌ عِلميَّةٌ ودَعويَّةٌ لا تُنكَرُ، ولو أنَّهم اقتصروا على تعلُّمِ العلمِ النَّافعِ وتعليمِه والدَّعوةِ إلى اللهِ، وتركوا الدَّعوةَ إلى المذهَبِ الأشعريِّ، واهتمُّوا بتحقيقِ توحيدِ اللهِ سُبحانَه؛ لكان خيرًا لهم، وللأشاعرةِ المتأخِّرينَ والمعاصرينَ ردودٌ طيِّبةٌ على بعضِ المخالفينَ للإسلامِ والسُّنَّةِ، كالذين يُنكِرون بعضَ الأحكامِ القَطعيَّةِ، كحَدِّ الرِّدَّةِ، أو حدِّ رَجمِ الزَّاني المحصَنِ، أو يُنكِرون بعضَ العقائدِ الصَّحيحةِ، كنُزولِ عيسى بنِ مريمَ آخِرَ الزَّمانِ، أو يجَوِّزون الحُكمَ بغيرِ ما أنزَل اللهُ. يُنظر: ((النشاط الأشعري المعاصر)) لمحمد ياسين (ص: 123 - 130). .


انظر أيضا: