موسوعة الفرق

المَطلَبُ الأوَّلُ: مُؤَسِّسُ الطَّريقةِ أحمَدُ التِّجانيُّ


هو: أبو العَبَّاسِ أحمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُختارِ بنِ أحمَدَ الشَّريفُ التِّجانيُّ. شَيخُ الطَّريقةِ التِّجانيَّةِ ومُؤَسِّسُها، وُلِدَ بعَينِ ماضي بالجَزائِرِ سَنةَ 1150هـ ونَشَأ بها، ورَحَلَ في سَنةِ 1171هـ إلى فاسَ في المَغرِبِ، فلَقيَ بها بَعضَ الشُّيوخِ فأخَذَ عنهم، ثُمَّ رَحَلَ إلى تِلِمْسانَ وأقامَ بها مُدَّةً، وحَجَّ سَنةَ 1186هـ، ومَرَّ بتونُسَ وأقامَ بها مُدَّةً، ورَجَعَ بَعدَ حَجِّه إلى فاسَ.
وفي سَنةِ 1196هـ بَدَأ في تَأسيسِ طَريقَتِه بتِلِمْسانَ وتَلقينِ المُريدينَ أورادَه، ولمَّا استَفحَلَ أمرُه وكَثُرَ الإنكارُ على تَعاليمِه مِن قِبَلِ العُلَماءِ طَرَدَه السُّلطانُ مُحَمَّدُ بنُ عُثمانَ -صاحِبُ وَهْرانَ- من تِلِمْسانَ إلى أبي صمقونَ، فأقبَلَ النَّاسُ على تَعاليمِه وتَلَقَّوها بالقَبولِ، ولمَّا وليَ عُثمانُ بنُ مُحَمَّدٍ بَعدَ وفاةِ أبيه بعَثَ إلى أبي صمقونَ يُهَدِّدُهم إن لم يُخرِجوه، فأخرَجوه فتَوَجَّهَ إلى فاسَ فدَخَلَها سَنةَ 1213هـ، فطَلَب مِنَ السُّلطانِ أبي الرَّبيعِ سُلَيمانَ الجِوارَ، فأجارَه ومَنَحَه دارًا، فصارَ له أتباعٌ كَثيرونَ يَتَغالَونَ فيه إلى حَدٍّ يَفوقُ الوَصفَ، ويُعَظِّمونَه تَعظيمًا بَليغًا، فبَقيَ يَنشُرُ طَريقَتَه فيهم حَتَّى توُفِّيَ سَنةَ 1230هـ.
وخَلَّفَ بَعضَ الآثارِ، منها: (السِّرُّ الأبهَرُ في أورادِ القُطبِ الأكبَرِ) و(جَوهَرةُ الحَقائِق في الصَّلاةِ على خَيرِ الخَلائِقِ) و(جَوهَرةُ الكمالِ في الصَّلاةِ على سَيِّدِ الأرسالِ)، وكُلُّها أورادٌ وأحزابٌ مُقَرَّرةٌ على أتباعِ الطَّريقةِ، وأشهَرُها وأكبَرُها (جَواهِرُ المَعاني)، وهو عِبارةٌ عن سيرةٍ للتِّجانيِّ ومَناقِبِه، ورِواياتٌ عنه، جَمعها صاحِبُه علي حرازم بَرَّادة.
ولم يَترُكِ التِّجانيُّ بدعةً قَديمةً للتَّصَوُّفِ إلَّا ابتَدَعَها، ولا فضلًا مَزعومًا ادَّعاه شَيخٌ صوفيٌّ لنَفسِه إلَّا ادَّعاه هو لنَفسِه وزاد عليه؛ فقد ادَّعى أنَّه هو خاتَمُ الأولياءِ جَميعًا، والغَوثُ الأكبَرُ في حَياتِه وبَعدَ مَماتِه، وأنَّ أرواحَ الأولياءِ مُنذُ آدَمَ إلى آخِرِ وليٍّ لا يَأتيها الفَتحُ والعِلمُ الرَّبَّانيُّ إلَّا بواسِطَتِه هو، وأنَّ قَدَمَه على رَقَبةِ كُلِّ وَليٍّ للَّهِ تعالى من خَلقِ آدَمَ إلى النَّفخِ في الصُّورِ، وأنَّه أوَّلُ مَن يَدخُلُ الجَنَّة هو وأصحابُه وأتباعُه، وأنَّ اللهَ شَفَّعَه في جَميعِ النَّاسِ الذينَ يَعيشونَ في قَرنِه الذي عاشَ فيه!
وأنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أعطاه ذِكرًا يُسَمَّى صَلاةَ الفاتِحِ لِما أُغلِقَ، المَرَّةُ الواحِدةُ منه تَعدِلُ مِنَ القُرآنِ سِتَّ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أخبَرَه ثانيةً أنَّ المَرَّةَ الواحِدةَ منه كذلك تَعدِلُ من كُلِّ تَسبيحٍ وقَعَ في الكَونِ، ومن كُلِّ ذِكرٍ، ومن كُلِّ دُعاءٍ كَبيرٍ أو صَغيرٍ، ومِنَ القُرآنِ سِتَّةَ آلافِ مَرَّةٍ [404] يُنظر: ((جواهر المعاني)) لحرازم (1/ 136). !

انظر أيضا: