موسوعة الفرق

المَبحَثُ الأوَّلُ: تاريخُ نَشأةِ الطُّرُقِ الصُّوفيَّةِ


يَبدو أنَّ أوَّلَ صوفيٍّ وضَع نِظامَ الطُّرُقِ الصُّوفيَّةِ هو الصُّوفيُّ الإيرانيُّ مُحَمَّد أحمَد الميهميُّ المُتَوَفَّى سَنةَ 430هـ، والمَعروفُ باسِم أبي سَعيدٍ؛ فقَد أقامَ في بَلدَتِه نِظامًا للدَّراويشِ، وبَنى خانًا بجِوارِ مَنزِلِه للصُّوفيَّةِ، وجَعلَ نِظامَ تَسَلسُلِ زَعامةِ الطَّريقِ عن طَريقِ الوِراثةِ، ويَبدو كذلك أنَّه من أوائِلِ مَن كَتَب في طَريقةِ التَّربيةِ الصُّوفيَّةِ، وهو سابِقٌ على عبدِ الكريمِ القُشَيريِّ صاحِبِ (الرِّسالةِ القُشَيريَّةِ) والتي كَتَبَ فيها صاحِبُها أيضًا طائِفةً كَبيرةً مِن طُرُقِ التَّربيةِ الصُّوفيَّةِ، والقُشَيريُّ تُوفِّي سَنةَ 465هـ، وكان مَولِدُه سَنةَ 376هـ، وأمَّا مَولِدُ أبي سَعيدٍ فقَد كان في سَنةِ 357هـ، فهو أكبَرُ مِنَ القُشَيريِّ وأقدَمُ. وقَد قيلَ: إنَّه اتَّصَلَ بأبي عبدِ الرَّحمنِ السُّلَميِّ، صاحِبِ كِتابِ (الطَّبَقاتِ)، وأخَذَ عنه الحِرفةَ الأولى، واتَّصَلَ كذلك بأبي العَبَّاسِ القَصَّابِ وأخَذَ عنه الحِرفةَ الثَّانيةَ. وقد انتَشَرَ بَعدَ ذلك في القَرنَينِ الخامِسِ والسَّادِسِ الهجريَّينِ نِظامُ الطُّرُقِ الصُّوفيَّةِ، وانتَقَلَت مِن إيرانَ إلى المَشرِقِ العَرَبيِّ، فظَهَرَتِ الرِّفاعيَّةُ والقادِريَّةُ في العِراقِ، والأحمَديَّةُ والشَّاذليَّةُ في مِصرَ، ثُمَّ ظَهَرَت بَعدَ ذلك الدُّسوقيَّةُ في مِصرَ أيضًا، ثُمَّ تتابَع ظُهورُ الطُّرُقِ الجَديدةِ، وكذلك الطُّرُقُ المُتَفَرِّعةُ مِن طُرُقٍ قَديمةٍ، حَتَّى أصبَحَتِ الطُّرُقُ تُعَدُّ بالآلافِ!

انظر أيضا: