موسوعة الفرق

المَطلَبُ الثَّاني: الحالةُ الاجتِماعيَّةُ والاقتِصاديَّةُ


كان المُجتَمَعُ العَبَّاسيُّ في تلك الفَترةِ يَنقَسِمُ إلى ثَلاثِ طَبَقاتٍ رَئيسيَّةٍ:
1- الطَّبَقةُ العليا: وتشـتَمِلُ على الخُلَفاءِ والوُزَراءِ والقادةِ والوُلاةِ، ومَن يَلحَقُ بهم مِنَ الأمَراءِ وكِبارِ التُّجَّارِ.
2- الطَّبَقةُ الوسطى: وتَشتَمِلُ على رِجالِ الجَيشِ وموَظَّفي الدَّواوينِ والتُّجَّارِ والصُّنَّاعِ.
3- الطَّبَقةُ الدُّنيا: وتَشمَلُ أغلَبيَّةَ النَّاسِ مِنَ الزُّرَّاعِ وأصحابِ الحِرَفِ والخَدَمِ والرَّقيقِ.
وفي خِضَمِّ تلك الظَّواهِرِ الاجتِماعيَّةِ والاقتِصاديَّةِ التي طَبعُها ما رُويَ مِنَ التَّرَفِ والمُجونِ والفَسادِ والفَقرِ والجَهلِ، وما صاحَبَ ذلك من دَجَلٍ وخُرافةٍ وشَعوَذةٍ وسِحرٍ وطَلاسِمَ وتَنجيمٍ، ظَهَرَ القَرامِطةُ واستَغَلُّوا هذه الأجواءَ المَشحونةَ لإِذكاءِ نارِ الفِتنةِ بَينَ النَّاسِ، مُذَكِّرينَ لهم بما يَلقونَه من ظُلمٍ وعَنَتٍ، وأنَّ ساعةَ الخَلاصِ مِنَ الظُّلمِ والاضطِهادِ قَريبةٌ؛ مِمَّا جَعَلَ النَّاسَ على استِعدادٍ للخُروجِ على وُلاةِ أمورِهم.
وكَذلك انتَشَرَت هذه الدَّعوةُ بَينَ أهلِ الحِرَفِ وعَوامِّ المُدُنِ الذيـن كان مســتوى معيشــتِهم مُتَدَنِّيًا مَعَ جَهلٍ بالدِّينِ وأحكامِه؛ مِمَّا جَعَلَهم طُعمةً سَهلةً للدَّعوةِ القِرْمِطيَّةِ الماكِرةِ، خاصَّةً في مُدُنِ الأحساءِ والقَطيفِ والبَحرينِ؛ حَيثُ استَمَرَّت دَعوةُ حَمدان قِرْمِط؛ إذ أنشَأ أحَدُ دُعاتِه، وهو الحُسَينُ الجَنابيُّ، دَولةً في الخَليجِ، مطبِّقًا روحَ تَعاليمِ سَلَفِه بكُلِّ حَماسٍ، مستغِلًّا حالةَ الفَقرِ والجَهلِ التي كانت سائِدةً آنَذاكَ.

انظر أيضا: