موسوعة الفرق

المَطلَبُ الثَّاني: الفِدائيُّونَ


النِّظامُ الفِدائيُّ أوجَدَه الحَسَنُ الصَّبَّاحُ، وكان مصدرًا لكَثيرٍ مِنَ الرُّعبِ والهَلَعِ في النَّاسِ. وكان للفِدائيِّ إقدامٌ وجُرأةٌ على التَّضحيةِ الجَسَديَّةِ، بتَصميمٍ وعَزمٍ وثَباتٍ. لقد كان الإرهابُ صِناعَتَهم، والفَسادُ شَريعَتَهم، وقاموا بأعمالٍ فوضَويَّة اهتَزَّ لها العالَمُ الإسلاميُّ ما يَقرُبُ من قَرنَينِ مِنَ الزَّمانِ نَشَروا خِلالَها الرُّعبَ والفَزَعَ في النُّفوسِ، وقَتَلوا ما لا يُحصى عددًا من خَلقِ اللهِ!
وقد ذُكِرَ أنَّ الحَسَنَ اتَّبَعَ طَريقةً للسَّيطَرةِ على أتباعِه بحَيثُ يُنَفِّذونَ أوامِرَه دونَ تَوَقُّفٍ، وقد نَجَحَ في جَعلِ الشَّجاعةِ النَّادِرة وحُبِّ المُخاطَرةِ والصَّبرِ الرِّباطَ الذي يَربِطُ الأفرادَ الذين يَنتَمونَ إلى هذه الفِرقةِ، حتَّى كان الفِدائيُّ منهم يَتَرَقَّبُ الفُرصةَ المواتيةَ لتَنفيذِ مُهِمَّتِه شهورًا بل سِنينَ. ومِن ذلك ما ذُكِرَ من أنَّ الفِدائيِّينَ الذين كُلِّفوا بقَتلِ (كونراد) مَركيز مونتفرات [3110] مونتفرات مدينة إيطالية. قد تَمَكَّنوا مِنَ الإقامةِ في مُعَسكَرِ الصَّليبيِّينَ سِتَّةَ أشهُرٍ كامِلةً يَنتَظِرونَ الفُرصةَ السَّانِحةَ وهم بثيابِ الرُّهبانِ النَّصارى!
لقد كان هَدَف الحَسَنِ أن يَعمَلَ من خِلالِ الفِدائيِّينَ لتَكوينِ مُجتَمَعاتٍ إسماعيليَّةٍ قَويَّةٍ ومُنَظَّمةٍ تنظيمًا دقيقًا يَضمَنُ لها البَقاءَ، ولما تَمَّ للحَسَنِ السَّيطَرةُ على قَلعةِ "أَلَمُوتَ" جَلب إليها نُخبةً مِنَ المُستَجيبينَ للدَّعوة، المَعروفينَ بتَضحيَتِهم، وأخَذَ يَعمَلُ جادًّا على تَدريبِهم على الطَّاعةِ العَمياءِ والإيمانِ المُطلَقِ بما يَقولُه لهم، وعلى حُبِّ المُخاطَرةِ والتَّضحيةِ المُطلَقةِ واحتِقارِ الحَياةِ البَشَريَّةِ، وأنَّ قِوامَ الإسلامِ الصَّحيحِ هو بذلك النَّفسِ، وأنَّ الحَياةَ الدُّنيا إنَّما هي تَجرِبةٌ خاليةٌ مِنَ النَّعيمِ الحَقِّ لا تَعدِلُ في مَتاعِبِها وآلامِها ذَرَّةً من رَغَدِ الحَياةِ الأخرى ونَعيمِها الباذِخِ، وأنَّ السَّبيلَ الحَقَّ إلى اكتِسابِ الجَنَّةِ والتَّقَلُّبِ في نَعمائِها وسَعادَتِها الخالِدةِ هو فِداءُ أنفُسِهم، وأنَّ أقَلَّ مُخالَفةٍ تَبدُرُ منهم تَكونُ سببًا في وُقوعِهم تَحتَ العُقوبةِ والمسؤوليَّةِ إلى الأبَدِ وأنَّ الذي يُقدِّمُ الطَّاعةَ جَزاؤُه الجَنَّةُ. نَفَخَ الحَسَنُ فيهم حُبَّ الفَناءِ في سَبيلِ الدَّعوةِ الجَديدةِ، ولما اشتَدَّ ساعِدُهم استَقدَمَ لهم أحسَن المُدَرِّبينَ على استِعمالِ مُختَلِفٍ أنواعِ الأسلِحةِ المَعروفةِ في ذلك الوَقتِ كما جَلَبَ عِدَّةَ أساتِذةٍ لتَعليمِهم عِدَّةَ لُغاتٍ أجنَبيَّةٍ ولهَجاتٍ مَحَلِّيَّةٍ كان يَتَكَلَّمُها سُكَّانُ البِلادِ، كما كان يُدَرِّبُهم على كيفيَّة إخفاءِ أنفُسِهم ومَن يُرافِقُهم في مُهِمَّاتِهم بحَيثُ لا يَبوحُ الفِدائيُّ بسِرِّه أو سِرِّ الجَماعةِ التي يَنتَمي إليها، فإذا قَبَضَ عليه الأعداءُ كان يَعمِدُ إلى قَتلِ نَفسِه قَبلَ أن يُجبَرَ على التَّكَلُّمِ.
لقد كان الحَسَنُ صارمًا في تَنشِئةِ هؤلاء الفِدائيِّينَ، حتَّى استَطاعَ أن يَنجَحَ في إعدادِ فِئةٍ أصبَحَت نَواةً للحاميةِ الإسماعيليَّةِ. وقد وجَدَ الحَسَنُ وسيلةً جَديدةً يُمكنُ بها لقوَّةٍ صَغيرةٍ مُنَظَّمةٍ ومُخلِصةٍ أن توَجِّهَ ضَرَباتٍ فعَّالةً ضِدَّ عَدوٍّ يَتَمَتَّعُ بتَفَوُّقٍ ساحِقٍ، هذه الوَسيلةُ التي اختارَها الحَسَنُ هي الإرهابُ. فكان الاغتيالُ المُنَظَّمُ أمضى سِلاحٍ في يَدِ الحَشَّاشينَ، وقد كان الرِّفاقُ والفِدائيُّونَ عِمادَ هذا السِّلاحِ المُرَوِّعِ.
إنَّ الفِدائيَّ يَسلُكُ هذا الطَّريقَ تَحتَ رِعايةِ الإمامِ وتَوجيهِه، والخُضوعِ له خضوعًا مُطلقًا، حتَّى أنَّه كما قال نَصيرُ الدِّينِ الطُّوسيُّ: (لو أرادَ له الحَياةَ لما أحَبَّ المَوتَ، ولَو أرادَ له المَوتَ لما أحَبَّ الحَياةَ، ولَو قال له: إنَّ النَّهارَ المُشرِقَ لَيلٌ بَهيمٌ، أو أنَّ اللَّيلَ البَهيمَ نَهارٌ مُشرِقٌ لَما هَجَسَ في قَلبِه أيُّ اعتِراضٍ على هذا القَولِ، ولما حامَ حَول كيفَ يَكونُ الأمرُ كذلك ولماذا؟ فيَنعَدِمُ اختيارُ الإنسانِ النَّاقِصِ الجاهِلِ وإرادَتُه باختيارِ الإنسانِ الكامِلِ العاقِلِ وإرادَتِه) [3111] يُنظر: ((فرقة النزارية)) للعزاوي (ص: 65، 66، 166) نقلا عن النص الفارسي لكتاب ((التصورات)) للطوسي. ويُنظر أيضًا: ((الحركات الباطنية في العالم الإسلامي)) للخطيب (ص: 108). .
ومِن هُنا فإنَّ الإمامَ أوِ المُعَلِّمَ عِندَما يَأمُرُ الفِدائيّ بأن يغتالَ إحدى الشَّخصيَّاتِ المُناوِئةِ للدَّعوةِ، فإنَّ الفِدائيَّ يُسرِعُ بتَنفيذِ الأوامِرِ الصَّادِرةِ إليه انطلاقًا من رَغبَتِه الجامِحةِ في المُساهَمةِ في القَضاءِ على الشَّرِّ المُسَيطِرِ على هذه الحَياةِ الدُّنيا، وشوقًا في الصُّعودِ إلى عالَم الفِردَوسِ والخُلودِ الذي آمَنَ من قَبلُ أنَّه لَن يُمَكِنَه بُلوغُه إلَّا بأن «يَخلَعَ عنه قَميصَ جِلدِه» فيَتَحَرَّرَ من بَدَنِه ومِن كُلِّ ما يَشُدُّه إلى هذا العالَمِ الممتلئِ بالشُّرورِ!
وفي تاريخِ الإسماعيليَّةِ ثَبَتٌ من مَشاهيرِ الرِّجالِ من جَميعِ الأمَمِ سَقَطوا ضَحايا.
ولتِبيانِ حَجمِ الخَطَرِ والرُّعبِ الذي شَكَّلَه الحَشَّاشونَ بصِفةٍ عامَّةٍ والفِدائيُّونَ بصِفةٍ خاصَّةٍ فإنَّ التَّاريخَ يَذكُرُ أنَّه لمَّا همَّ المَلِكُ فيليب السَّادِسُ مَلِكُ فرَنسا بالقيامِ بحَملةٍ صَليبيَّةٍ لاستِردادِ الأماكِنِ التي فقدَتها النَّصرانيَّةُ، بَعَثَ إليه القَسُّ الألمانيُّ «بروكاردوس» الذي قَضى فترةً من حَياتِه في أرمينيا يُحَذِّرُه مِنَ الأخطارِ التي تَنطَوي عليها مِثلُ تلك الحَملةِ. ومِن هذه الأخطارِ كما ذَكَرَ ذاكَ القَسُّ: (أذكُرُ الحَشَّاشينَ الذين يَنبَغي أن يَلعَنَهم الإنسانُ ويَتَفاداهم، وإنَّهم يَبيعونَ أنفُسهم ويَتَعَطَّشونَ للدِّماءِ البَشَريَّةِ، ويَقتُلونَ الأبرياءَ مُقابِلَ أجرٍ، ولا يُلقونَ اعتبارًا للحَياةِ أوِ النَّجاةِ، وهم يُغَيِّرونَ مَظهَرَهم كالشَّياطينِ التي تَتَحَوَّلُ إلى مَلائِكةٍ مِنَ النُّورِ، وذلك أنَّهم يُحاكونَ الحَركاتِ والثِّيابَ واللُّغاتِ والعاداتِ والتَّصَرُّفاتِ التي تَأتيها الأمَمُ والأقوامُ المُختَلِفةُ، وهكذا يَتَخَفَّونَ في ثيابِ الشَّاةِ لتَنفيذِ أغراضِهم، ويَتَعَرَّضونَ للمَوتِ بمُجَرَّدِ أن يكتِشَفَهم النَّاسُ، وحَيثُ إنِّي في الواقِعِ لم أرَهم ولَكِنِّي أعرِفُ عنهم ذلك بالشُّهرةِ والكِتاباتِ الصَّحيحةِ فحَسبُ؛ لذلك لا يُمكِنُني أن أستَطرِدَ أكثَرَ من ذلك أو أعطيَ مزيدًا مِنَ المَعلوماتِ، ولا أستَطيعُ أن أبَيِّنَ كيفَ يُمكِنُ لأحَدٍ أن يَعَرِفَهم من واقِعِ عاداتِهم أو غَيرِها مِنَ العَلاقاتِ؛ لأنَّهم فيما يَتَعَلَّقُ بهذه الأشياءِ غَيرُ مَعروفينَ لي وللآخَرينَ كذلك، كما لا أستَطيعُ أن أبَيِّنَ كيفَ يُمكِنُ أن يَعرِفَهم بأسمائِهم؛ إذ إنَّهم بسَبَبِ بَشاعةِ مِهنَتهم، وكَراهيةِ الجَميعِ لهم يُحاوِلونَ إخفاءَ أسمائِهم بقدرِ ما يَستَطيعونَ، ولذا فلَستُ أعرِفُ سِوى وسيلةٍ واحِدةٍ لوِقايةِ المَلِكِ وحِمايَتِه، وهي أنَّه لا يَنبَغي السَّماحُ بإعطاءِ وظائِفِ القَصرِ المَلَكيِّ أو أيَّةِ خِدمةٍ فيه مَهما كانت صَغيرةً أو مُختَصَرةً أو مُتَواضِعةً إلَّا للمَعروفينَ تمامًا، كما لا يَنبَغي السَّماحُ لأحَدٍ بدُخولِ القَصرِ إلَّا لهؤلاء الذين تُعرَفُ بالتَّحديدِ دَولَتُهم وحُكَّامُهم ونَسَبُهم وحالَتُهم، أي: يَنبَغي باختِصارٍ أن يَكونَ الشَّخصُ المَسموح له بالاقتِرابِ مِنَ المَلِكِ معروفًا تمامًا) [3112] يُنظر: ((الحشاشون)) للويس (ص: 11)، ((بحوث في الفلسفة والتنوير)) لمراد (ص: 21). .
وفي تَقريرٍ كتَبَه مَبعوثٌ أرسَلَه الإمبِراطورُ "فريدريك بريروسة" إلى مِصرَ وسوريا، كَتَب هذا المَبعوثُ: (يوجَدُ عِندَ تُخومِ دِمَشقَ وأنطاكيةَ وحَلَبٍ جِنسٌ مُعَيَّنٌ مِنَ العَرَبِ يَعيشونَ في الجِبالِ يُسَمُّونَ أنفُسهم بالحَشَّاشينَ، ويَعرَفونَ في الرُّومانيَّةِ بسادةِ الجَبَلِ، هذه السُّلالةُ مِنَ الرِّجالِ يَعيشُ أفرادُها بلا قانونٍ... وهم يَعيشونَ في الجِبالِ في شِبهِ مَنَعةٍ كامِلةٍ وراءَ أسوارِ قِلاعِهم الحَصينةِ... ولهم سَيِّدٌ يُلقي أشَدَّ الرُّعبِ في قُلوبِ كُلِّ الأمَراءِ العَرَبِ القَريبينَ والبَعيدينَ على السَّواءِ، وكَذا يَخشاه الحُكَّامُ المَسيحيُّونَ المُجاوِرونَ لهم؛ لأنَّ من عادَتِه أن يَقتُلَهم بطَريقةٍ تَدعو للدَّهشةِ، وهذه الطَّريقةُ كالتَّالي:... يُرَبِّي عددًا من أبناءِ الفَلَّاحينَ الذين يَأخُذُهم مُنذُ طُفولَتِهم المُبَكِّرةِ، وهناك يَجري تَعليمُهم لُغاتٍ مُختَلِفةً كاللَّاتينيَّةِ والإغريقيَّةِ والرُّوميَّةِ والعَرَبيَّةِ وغَيرها، وهؤلاء الشُّبَّانُ الصِّغارُ يُلَقِّنُهم مُعَلِّموهم من شَبابِهم المُبَكِّرِ إلى رُجولَتِهم الكامِلةِ أنَّ عليهم أن يُطيعوا سَيِّدَ القَلعةِ في كُلِّ ما يَقولُه أو يَأمُرُ به، وأنَّهم إذا فعَلوا ذلك فإنَّه سَوفَ يَهَبُهم مَسَرَّاتِ الفِردَوس، وهم يُلَقَّنونَ كذلك أنْ لا أمَلَ لهم في النَّجاةِ إذا قاوَموا إرادَته في أيِّ شَيءٍ، ولاحَظَ أنَّهم مُنذُ الإتيانِ بهم أطفالًا لا يَرَونَ أحدًا سِوى مُعَلِّميهم وأسيادِهم ولا يَحصُلونَ على أيِّ تَعليمٍ آخَرَ، وفي الوَقتِ نَفسِه وعلى فتَراتٍ مُتَفاوِتة يَجري استِدعاؤُهم إلى حَضرةِ الأميرِ فيَسألُهم عَمَّا إذا كانوا راغِبينَ في إطاعةِ أوامِرِه من أجلِ أن يَمنَحَهم نِعمةَ الفِردَوسِ، وعِندَئذٍ يُنَفِّذونَ ما تَلَقَّنوه بدونِ اعتِراضٍ أو ريبةٍ فيَرمونَ بأنفُسِهم تَحتَ قدَمَيه ويُجيبونَ بحَماسةٍ أنَّهم سَوفَ يُطيعونَه في كُلِّ ما يَأمُرُ به، وحينَئذٍ يَقومُ الأميرُ بإعطاءِ كُلٍّ منهم خِنجرًا ذهبيًّا ويُرسِلُهم لقَتلِ مَن يَشاءُ مِنَ الأمَراءِ) [3113] يُنظر: ((الحشاشون)) للويس (ص: 15)، ((بحوث في الفلسفة والتنوير)) لمراد (ص: 20). .
وكَتَبَ المُؤَرِّخُ الألمانيُّ (أرنولد أوف لوبيك): (سَوفَ أحكي الآنَ أشياءَ عن هذا الأمرِ قد تَبدو غَريبةً، ولَكِن أكَّدَ صِحَّتَها لي شُهودٌ يوثَقُ بهم، لقدِ استَطاعَ هذا الشَّيخُ بطُرُقِه السِّحريَّةِ أن يُغريَ قَومَه بأن يَعبُدوه ولا يَقتَنِعوا بإلَهٍ سِواه، وأغراهم بطَريقةٍ غَريبةٍ مستخدِمًا الآمالَ والوُعودَ بالمَسَرَّاتِ والبَهجةِ الخالِدةِ حتَّى جَعَلَهم يُفَضِّلونَ المَوتَ على الحَياةِ، إنَّ إيماءةً منه كافيةٌ لأن تَجعَلَ الكَثيرينَ منهم يَقفِزونَ من فوقِ الأسوارِ المُرتَفِعة فُتدَقُّ أعناقُهم وتَتَحَطَّمُ جَماجِمُهم ويَموتونَ مِيتةً بائِسةً، وهو يُؤَكِّدُ لهم أنَّ أسعَدَهم مآلًا الذين يَسفِكونَ دِماءَ الآخَرينَ ويَلقَونَ حَتفَهم بالتَّالي انتقامًا لفِعلَتِهم؛ ولذا فإنَّهم عِندَما يُختارُ بَعضُهم للمَوتِ بهذه الطَّريقةِ يُعِدُّونَ أنفُسَهم لاغتيالِ مَن يُحَدِّدُهم ببَراعةٍ، ثُمَّ يُسَلِّمونَ أنفُسَهم للمَوتِ سُعَداءَ جَزاءً لِما يَفعَلونَ، والشَّيخُ يُقدِّمُ لهم بنَفسِه خَناجِرَ مُخَصَّصةً لهذه المُهِمَّةِ ثُمَّ يَشمَلُهم على نَحوٍ يَجعَلُهم ينغَمِرون في حالةٍ مِنَ الوَجدِ والابتِهاجِ الغامِرِ ونِسيانِ أيِّ شَيءٍ آخَرَ ويَعرِضُ عليهم بسِحرِه أحلامًا خَياليَّةً ومَسَرَّاتٍ وبهجاتٍ كبيرةً أو بالأحرى مُبَهرَجةً زائِفةً، ويَعِدُهم بأنَّ هذه الأشياءَ ستَكونُ خالِصةً لهم جَزاءً لهم) [3114] ((بحوث في الفلسفة والتنوير)) لمراد (ص: 21). .
ضحايا الحَشَّاشينَ:
ضَحايا الحَشَّاشينَ يَنتَمونَ إلى مَجموعَتَينِ رَئيسيَّتَينِ:
المجموعةُ الأولى: تَضُمُّ الأمَراءَ والقوَّادَ والوُزَراءَ، وقد أحرَزَ الحَشَّاشونَ على هذا المُستَوى نَصرًا كبيرًا لهم في فنِّ الاغتيالِ الذي صارَ يُنسَبُ إليهم، ومِن أبرَزَ ضَحاياهم من هذه المَجموعةِ وأوَّلِها نِظامُ المُلكِ الوَزيرُ السُّلجوقيُّ الشَّهيرُ، والعَدوُّ الأوَّلُ لحَركةِ الحَشَّاشينَ. وهذا الأمرُ ثابِتٌ في مَراجِعِ الشِّيعةِ أنفُسِهم، كما أنَّ اسمَ نِظامِ المُلكِ مَحفوظٌ في (قائِمة شَرَفٍ) للِاغتيالاتِ بقَلعةِ أَلَمُوتَ، كانت تُسَجَّلُ بها أسماءُ الفِدائيِّينَ وأسماءُ مَن قَتَلوهم.
وكان مَقتَلُه بدايةَ سِلسِلةٍ طَويلةٍ مِنَ الهَجَماتِ المُماثِلةِ لاغتيالِ مُلوكٍ وأمَراءَ وقادةِ جُيوشٍ وحُكَّامٍ.
من ضحايا هذه المجموعةِ:
1. الأميرُ برسق الكَبيرُ، اغتيلَ سَنةَ 490هـ.
2. الأميرُ بلكابك سرمز، اغتيلَ سَنةَ 493هـ.
3. الوَزيرُ أبو المَحاسِن عَبد الجَليل الدهستانيُّ، اغتيلَ سَنةَ 495هـ.
4. الأميرُ جَناح الدَّولة حُسَين، اغتيلَ سَنةَ 495هـ.
5. الأميرُ خَلَف بنِ ملاعب، اغتيلَ سَنةَ 499هـ.
6. الوَزيرُ فخر المُلكِ أبو المُظَفَّرِ عَليُّ بنُ نِظام المُلكِ، اغتيلَ سَنةَ 500هـ.
7. الوَزيرُ نِظام المُلكِ (أبو نَصر)، اغتيلَ سَنةَ 503هـ.
8. الأميرُ مَودود، اغتيلَ سَنةَ 507هـ.
9. الأميرُ أحمديل بن إبراهيم الراودي، اغتيلَ سَنةَ 510هـ.
10. الوَزيرُ الكَمال أبو طالِب السميرمي، اغتيلَ سَنةَ 516هـ.
11. الأميرُ قَسيم الدَّولة آقسنقر البرسقي، اغتيلَ سَنةَ 520هـ.
12. الوَزيرُ مُعينُ المُلكِ (أبو نَصر)، اغتيلَ سَنةَ 521هـ.
13. الأميرُ تاج المُلوكِ بوري بنُ طغتكين، اغتيلَ سَنةَ 525هـ.
14. الأميرُ آقسنقر الأحمديلي، اغتيلَ سَنةَ 527ه.
15. الأميرُ شَمسُ المُلوك إسماعيلُ بن بوري، اغتيلَ سَنةَ 529هـ.
16. الخَليفةُ المُستَرشِدُ باللهِ العَبَّاسيُّ، اغتيلَ سَنةَ 529هـ.
17. الخَليفةُ الرَّاشِدُ العَبَّاسيُّ، اغتيلَ سَنةَ 532هـ.
18. السُّلطانُ داوُودَ بنُ السُّلطان مَحمود، اغتيلَ سَنة       538هـ.
19. الأميرُ سَيفُ الدِّينِ أخو عَلاءِ الدِّينِ الغوريِّ، اغتيلَ سَنة 547هـ.
20. النَّائِبُ نَصر خان بنُ أرسَلان خان مُحَمَّد، اغتيلَ سَنةَ 547هـ.
21. الوَزيرُ عَضُدُ الدِّينِ أبو الفَرَج بنُ رَئيسِ الرُّؤَساءِ، اغتيلَ سَنةَ 573هـ.
22. السُّلطانُ بكتمر، اغتيلَ سَنةَ 589هـ.
23. الوَزيرُ نِظام المُلكِ مَسعود بنُ عَليٍّ، اغتيلَ سَنةَ 596هـ.
24. الأميرُ شِهابُ الدِّينِ الغوريُّ، اغتيلَ سَنةَ 602هـ.
25. الأميرُ أغلمش، اغتيلَ سَنةَ 614هـ.
المجموعةُ الثَّانية: تَضُمُّ القُضاةَ والعُلَماءَ وغَيرَهم مِنَ الشَّخصيَّاتِ الدِّينِيَّةِ الذين أدانوا نَظَريَّاتِ الإسماعيليَّةِ وأفتَوا بقَمعِ مَن يَقولُ بها؛ إذ يَقولُ أحَدُ هؤلاء: (إنَّ قَتلَهم أحَلُّ من ماءِ المَطَرِ، ومِن واجِبِ السَّلاطينِ والمُلوكِ أن يَهزِموهم ويَقتُلوهم ويُنَظِّفوا وجهَ الأرضِ من دَنَسِهم، ولا يَجوزُ الاتِّصالُ بهم أو تَكوينُ صَداقاتٍ مَعَهم أو أكلُ لَحمٍ ذُبِحَ بواسِطَتِهم، أوِ الدُّخولِ مَعَهم في زَواجٍ، إنَّ سَفكَ دَمِ مُلحِدٍ منهم أكبَرُ جَزاءً من قَتلِ سَبعينَ من كُفَّارِ اليَومِ) [3115] يُنظر: ((دراسات في الفرق والمذاهب القديمة المعاصرة)) للأمين (ص: 148). .
من ضحايا هذه المجموعةِ:
1. أبو القاسِمِ ابنُ إمامِ الحَرَمَينِ، اغتيلَ سَنةَ 492هـ.
2. الفَقيهُ أحمَد بنُ الحُسَين البَلخيُّ، اغتيلَ سَنةَ 494هـ.
3. الواعِظُ أبو المُظَفَّرِ الخُجَنديُّ، اغتيلَ سَنةَ 496هـ.
4. الواعِظُ أبو جَعفَرٍ بنُ المشاطِ، اغتيلَ سَنةَ 498هـ.
5. القاضي أبو العَلاءِ صاعِد النَّيسابوريُّ، اغتيلَ سَنةَ 499هـ.
6. الفَقيهُ أبو المَحاسِنِ الرويانيُّ، اغتيلَ سَنةَ 502هـ.
7. القاضي عُبَيدُ اللَّهِ بنُ عَليٍّ الخَطيبيُّ، اغتيلَ سَنةَ 502هـ.
8. القاضي صاعِدُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ أبو العَلاءِ، اغتيلَ سَنةَ 502هـ.
9. القاضي أبو سَعدٍ مُحَمَّدُ بنُ نَصرٍ الهَرَويُّ، اغتيلَ سَنةَ 518هـ.
10. الفَقيهُ عَبدُ اللَّطيفِ بنُ الخُجَنْديِّ، اغتيلَ سَنةَ 523هـ.

انظر أيضا: