موسوعة الفرق

المَبحَثُ الثَّاني: من أسبابِ اهتمامِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ بالجانِبِ السُّلوكيِّ والأخلاقيِّ: ما يترتَّبُ على تحقيقِه من الأجرِ الكثيرِ والثَّوابِ الجزيلِ


وقد دَلَّت على ذلك النُّصوصُ الشَّرعيَّةُ، ومنها:
1- أنَّ اللهَ تعالى وصَف عبادَه المتَّقين بمحاسِنِ الأخلاقِ، فقال سُبحانَه: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 133-134] .
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أكمَلُ المؤمِنين إيمانًا أحسَنُهم خُلُقًا )) [139] أخرجه أبو داود (4682)، والترمذي (1162)، وأحمد (7402). صحَّحه الترمذيُّ، وابنُ حبان في ((صحيحه)) (479)، والحاكمُ على شرطِ مُسلمٍ في ((المستدرك)) (2)، وابنُ تيميَّةَ في ((الإيمان)) (328)، والألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (1162). .
3- عن عائشةَ رضي اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ المؤمِنَ يُدرِكُ بحُسنِ خُلُقِه دَرَجاتِ قائِمِ اللَّيلِ، صائِمِ النَّهارِ )) [140] أخرجه أبو داود (4798)، وأحمد (24355) واللَّفظُ له. صحَّحه الحاكمُ في ((المستدرك)) (1/128) وقال: على شرطِ مُسلِمٍ، والألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (4798)، وصحَّحه لغيرِه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4798). .
4- عن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ما من شيءٍ يُوضَعُ في الميزانِ أثقَلُ مِن حُسنِ الخُلُقِ )) [141] أخرجه أبو داود (4799)، والترمذي (2003) واللَّفظُ له، وأحمد (27496). صحَّحه ابنُ حِبان في ((صحيحه)) (481)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2003)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1041)، وصحَّح إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (27496). .
5- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ مِن أحَبِّكم إليَّ وأقرَبِكم منِّي مجلِسًا يومَ القيامةِ أحاسِنَكم أخلاقًا )) [142] أخرجه الترمذي (2018). صحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (2018)، وقال الترمذيُّ: حسَنٌ غريبٌ. وحَسَّن إسنادَه شُعَيب الأرناؤوط في تخريج ((رياض الصالحين)) (1738). .
قال ابنُ القَيِّمِ: (الدِّينُ كُلُّه خُلُقٌ، فمن زاد عليك في الخُلُقِ زاد عليك في الدِّينِ) [143] ((مدارج السالكين)) (2/294). .
وقال ابنُ رَجَبٍ في قولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ )) [144] أخرجه الترمذي (1987)، وأحمد (21354) مطَوَّلًا من حديثِ أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه. صحَّحه الحاكم في ((المستدرك)) (178) وقال: على شرطِ الشَّيخَينِ، وابنُ العربي في ((عارضة الأحوذي)) (4/349)، وحَسَّنه ابنُ حَجَرٍ في ((الأمالي المطلقة)) (131)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1987). : (هذا من خِصالِ التَّقوى، ولا تَتِمُّ التَّقوى إلَّا به، وإنَّما أفرده بالذِّكرِ للحاجةِ إلى بيانِه؛ فإنَّ كثيرًا من النَّاسِ يَظُنُّ أنَّ التَّقوى هي القيامُ بحَقِّ اللهِ دونَ حقوقِ عبادِه، فنَصَّ له على الأمرِ بإحسانِ العِشرةِ للنَّاسِ؛ فكثيرًا ما يَغلِبُ على من يعتني بالقيامِ بحقوقِ اللهِ، والانعكافِ على محبَّتِه وخَشيتِه وطاعتِه إهمالُ حقوقِ العبادِ بالكُلِّيَّةِ أو التَّقصيرُ فيها، والجَمعُ بَينَ القيامِ بحُقوقِ اللهِ وحُقوقِ عبادِه عزيزٌ جدًّا لا يقوى عليه إلَّا الكُمَّلُ من الأنبياءِ والصِّدِّيقين) [145] ((جامع العلوم والحكم)) (1/454). .

انظر أيضا: