موسوعة الفرق

المَطلَبُ الثَّالثُ: وِلايةُ الفقيهِ عِندَ الخُمينيِّ


وهو روحُ اللهِ بنُ مُصطَفى الموسَويُّ الخُمينيُّ. وقد دَرَسَ عُلومَ اللُّغةِ العَرَبيَّةِ والمَنطِقَ والفِقهَ والأُصولَ، وقامَ بتَدريسِ الفِقهِ والأُصولِ، والفلسَفةِ والعُلومِ العَقليَّةِ والأخلاقِ، واستَمَرَّ في ذلك رَغمَ المُضايَقاتِ المُتَكرِّرةِ مِن قِبَلِ حُكومةِ الشَّاهِ البَهلَويِّ.
وبَعدَ الحَربِ العالميَّةِ الثَّانيةِ أصبَحَ أكبَرَ مُنتَقِدي ومُعارِضي الشَّاهِ وحُكمِه العَلمانيِّ المُرتَبِطِ بالغَربِ، وقد اعتُقِل بتُهمةِ التَّحريضِ على الثَّورةِ، ثُمَّ نَفيَ حَيثُ لجَأ إلى النَّجَفِ في العِراقِ. ثُمَّ نَفاه العِراقيُّونَ إلى فرَنسا، وعِندَما غادَرَ الشَّاه إيرانَ عام 1399هـ عاد الخُمينيُّ وأسَّس الجُمهوريَّةَ الإسلاميَّةَ، وبَقي مُرشِدًا أعلى ووصيًّا على الثَّورةِ والحُكمِ.
ومِن مُؤَلَّفاتِه: الحُكومةُ الإسلاميَّةُ، وكَشفُ الأسرارِ، وتَحريرُ الوسيلةِ، وغَيرُها. وقد توُفِّي عامَ 1409ه [1902] يُنظر: ((تتمة الأعلام)) لمحمد خير رمضان (ص: 185). .
ووِلايةُ الفقيهِ عِندَ الخُمينيِّ تُعَدُّ امتِدادًا للفِكرِ الشِّيعيِّ وتَطَوُّرِه حَولَ هذه المَسألةِ، غَيرَ أنَّه كان أكثَرَ ظهورًا عِندَ الخُمينيِّ؛ نظرًا لقيامِه بتَطبيقِ هذه النَّظَريَّةِ عَمَليًّا، مِمَّا تمَثَّل باعتِمادِ جُمهوريَّةِ إيرانَ الحاليَّةِ في دُستورِها على وِلايةِ الفقيهِ، فكان الخُمينيُّ أوَّلَ نائِبٍ للإمامِ يحكُمُ إيرانَ، ويُرجَعُ إليه في كُلِّ شُؤونِ الدَّولةِ [1903] يُنظر: ((الدستور الإسلامي للجمهورية الإسلامية في إيران)) (ص: 20). .
وتَنُصُّ المادَّةُ الخامِسةُ مِنَ الدُّستورِ الإيرانيِّ الذي وضَعَه الخُمينيُّ على التَّالي: (في زَمَنِ غَيبةِ الإمامِ المَهديِّ (عَجَّل اللهُ تَعالى فرَجَه) تَكونُ وِلايةُ الأمرِ وإمامةُ الأمَّةِ في جُمهوريَّةِ إيرانَ الإسلاميَّةِ بيدِ الفقيهِ العادِلِ، المُتَّقي، البَصيرِ بأُمورِ العَصرِ، الشُّجاعِ القادِرِ على الإدارةِ والتَّدبيرِ وفقًا للمادَّةِ 107) [1904] ((دستور إيران: 1979-1989م)) (ص: 10). .
وهذا الأمرُ يُعَدُّ مِنَ المُبتَدَعاتِ في المَذهَبِ الإماميِّ؛ فالقُدَماءُ والمُحدَثونَ مِن أئِمَّةِ المَذهَبِ -أمثالُ الكُلينيِّ، والصَّدوقِ، والمُفيدِ، والطَّبَرسيِّ، ومُرتَضى الأنصاريِّ، والنَّائينيِّ- لم يتَجاوزوا بالفقيهِ العادِلِ مَرتَبةَ الوِلايةِ الخاصَّةِ، كما أنَّ إثباتَ الوِلايةِ العامَّةِ للفقيهِ قد ينتَهي إلى التَّسويةِ بَينَه وبَينَ الإمامِ المَعصومِ الذي يُؤمِنونَ به.

انظر أيضا: