موسوعة الفرق

المَطلبُ الأوَّلُ: مَرويَّاتُ الشِّيعةِ الإماميَّةِ في المَلائِكةِ


مِنَ المَسطورِ في كُتُبِ الشِّيعةِ أنَّ المَلائِكةَ خُلِقوا مِن نورِ الأئِمَّةِ، وأنَّهم خَدَمٌ للأئِمَّةِ، ومنهم طَوائِفُ قد كُلِّفوا بالعُكوفِ على قَبرِ الحُسَينِ بنِ عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما!
وقد جاءَ في إحدى الرِّواياتِ: (خَلق اللهُ مِن نورِ وَجهِ عَليِّ بنِ أبي طالبٍ سَبعينَ ألفَ مَلَكٍ يستَغفِرونَ له ولمُحِبِّيه إلى يومِ القيامةِ!) [1528] يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (23/320). . وفي رِوايةٍ: (خَلق اللهُ المَلائِكةَ مِن نورِ عَليٍّ!) [1529] يُنظر: ((المعالم الزلفى)) لهاشم البحراني (ص: 249). .
وجاءَ في رِوايةٍ: (وكَّل اللهُ بقَبرِ الحُسَينِ أربَعةَ آلافِ مَلَكٍ، شُعْثٍ غُبْرٍ، يَبكونَه إلى يومِ القيامةِ!) [1530] يُنظر: ((الكافي)) للكليني (1/325). .
وزيارةُ قَبرِ الحُسَينِ رَضِيَ اللهُ عنه هي أُمنيةُ أهلِ السَّماءِ؛ ففي رِوايةٍ: (ليسَ شَيءٌ في السَّماواتِ إلَّا وهم يسألونَ اللهَ أن يُؤذَنَ لهم في زيارةِ الحُسَينِ، ففَوجٌ يَنزِلُ، وفَوجٌ يَعرُجُ) [1531] يُنظر: ((ثواب الأعمال)) لابن بابويه (ص: 54). .
وفي رِوايةٍ عن الأئِمَّةِ أنَّهم قالوا: (إنَّ المَلائِكةَ لخُدَّامُنا وخُدَّامُ مُحِبِّينا) [1532] يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (26/335).  .
وجاءَ في رِوايةٍ عنهم: (إنَّ جِبرائيلَ دَعا أن يكونَ خادِمًا للأئِمَّةِ، قالوا: فجِبريلُ خادِمُنا) [1533] يُنظر: ((كنز جامع الفوائد)) لابن منصور (ص: 483). .
قال ابنُ تَيميَّةَ وهو يرُدُّ على ابنِ المُطَهَّرِ نَقلَه لمِثلِ هذا اللَّقَبِ للمَلائِكةِ: (فتَسميةُ جِبريلَ رَسولِ اللهِ إلى مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خادِمًا: عِبارةُ مَن لا يعرِفُ قَدْرَ المَلائِكةِ، وقَدرَ إرسالِ اللهِ لهم إلى الأنبياءِ!) [1534] ((منهاج السنة)) (2/158). .
وكيف يُطلقُ هذا اللَّقَبُ الوضيعُ فيمَن وصَفه اللهُ بقَولِه: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ [التكوير: 19-20] ، فالمُرادُ بالرَّسولِ الكريمِ هَنا جِبريلُ، وذو العَرشِ هو رَبُّ العِزَّةِ سُبحانَه.
ومِمَّا رَووَه عن أبي عَبدِ اللهِ جَعفرٍ الصَّادِقِ أنَّه قال: (إنَّ المَلائِكةَ لتَنزِلُ علينا في رِحالِنا، وتَتَقَلَّبُ في فُرُشِنا، وتَحضُرُ مَوائِدَنا، وتَأتينا مِن كُلِّ نَباتٍ في زَمانِه رَطبٍ ويابسٍ، وتُقَلِّبُ علينا أجنِحَتَها، وتُقَلِّبُ أجنِحَتَها على صِبيانِنا، وتَمنعُ الدَّوابَّ أن تَصِلَ إلينا، وتَأتينا في وقتِ كُلِّ صَلاةٍ لتُصَلِّيَها مَعنا، وما مِن يومٍ يأتي علينا ولا ليلٍ إلَّا وأخبارُ أهلِ الأرضِ عِندَنا، وما يحدُثُ فيها، وما مِن مَلَكٍ يموتُ في الأرضِ ويقومُ غَيرُه إلَّا وتَأتينا بخَبَرِه، وكيف كانت سيرَتُه في الدُّنيا!) [1535] يُنظر: ((بصائر الدرجات)) للصفار (ص: 27). .
ويقولونَ: إنَّ المَلائِكةَ تَتَولَّى رِعايةَ أطفالِهم، فرَوَوا عن أبي عَبدِ اللهِ جَعفرٍ الصَّادِقِ أنَّه قال: (هم ألطَفُ بصِبيانِنا مِنَّا بهم) [1536] يُنظر: ((بصائر الدرجات)) للصفار (ص: 26). .
والمَلائِكةُ في أخبارِ الشِّيعةِ مُكلَّفونَ بمَسألةِ الوِلايةِ، ولكِنَّهم يقولونَ: إنَّه لم يستَجِبْ منهم إلَّا طائِفةُ المُقَرَّبينَ [1537] يُنظر: ((بصائر الدرجات)) للصفار (ص: 20). رَغمَ أنَّ العُقوبةَ تَحُلُّ بمَن يُخالفُ منهم في أمرِ الوِلايةِ -في زَعمِهم- حتَّى إنَّ أحَدَ المَلائِكةِ عوقِبَ بكَسرِ جَناحِه لرَفضِه وِلايةَ أميرِ المُؤمِنينَ، ولم يبرَأْ إلَّا حينَما تَمسَّحُ وتمَرَّغ بمَهدِ الحُسَينِ رَضِيَ اللهُ عنه [1538] يُنظر: ((بصائر الدرجات)) للصفار (ص: 20). .
ولم تَشرُفِ المَلائِكةُ-بزَعمِهم- إلَّا بقَبولِها وِلايةَ عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه [1539] يُنظر: ((تفسير الحسن العسكري)) (ص: 153)، ((الاحتجاج)) للطبرسي (ص: 31)، ((بحار الأنوار)) للمجلسي (26/338). .
وحَياةُ المَلائِكةِ مَوقوفةٌ على الأئِمَّةِ والصَّلاةِ عليهم؛ لأنَّه ليس لهم طَعامٌ ولا شَرابٌ إلَّا الصَّلاةُ على عَليِّ بنِ أبي طالبٍ ومُحِبِّيه، والاستِغفارُ لشيعَتِه المُذنِبينَ) [1540] يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (26/349). .
وزَعَموا في رِوايةٍ أنَّ المَلائِكةَ كانت لا تَعرِفُ تَسبيحًا ولا تَقديسًا مِن قَبل تَسبيحِ الأئِمَّةِ وتَسبيحِ شيعَتِهم [1541] يُنظر: ((جامع الأخبار)) لابن بابويه (ص: 9)، ((بحار الأنوار)) للمجلسي (26/344). .
وزَعَموا أنَّ المَلائِكةَ تُراعي أمرَ الشِّيعةِ على وَجهِ الخُصوصِ، فإذا خَلا الشِّيعيُّ بصاحِبِه اعتَزَلهم الحَفَظةُ، فلم يكتُبوا عليهم شَيئًا؛ ففي رِوايةٍ: (إذا التَقى الشِّيعيُّ مَعَ الشِّيعيِّ يتَساءَلانِ، قالتِ الحَفَظةُ: اعتَزِلوا بنا؛ فإنَّ لهم سِرًّا، وقد سَتَرَه اللهُ عليهما) [1542] يُنظر: ((وسائل الشيعة)) للعاملي (8/563). ، مع أنَّ اللهَ سُبحانَه قال: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 17-18] ، وقال اللهُ تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [الانفطار: 10 - 12]، وقال اللهُ عزَّ وجَلَّ: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف: 80] .
وقد أوَّلوا أسماءَ وألقابَ المَلائِكةِ في القُرآنِ بالأئِمَّةِ، أو جَعَلوا وظائِفَهم للأئِمَّةِ؛ فقد عَقدَ المَجلِسيُّ بابًا بعُنوان (بابُ أنَّهم عليهم السَّلامُ الصَّافُّونَ والمُسَبِّحونَ، وصاحِبُ المَقامِ المَعلومِ، وحَمَلةُ عَرشِ الرَّحمَنِ، وأنَّهم السَّفَرةُ الكِرامُ البَرَرةُ) [1543] ((بحار الأنوار)) (24/87). !

انظر أيضا: