موسوعة الفرق

المَطلبُ الثَّاني: القَولُ بالإرجاءِ


إذا كان الإيمانُ عِندَ الشِّيعةِ هو الإقرارَ بالأئِمَّةِ الاثنَي عَشَر فقد أصبَحت مَعرِفةُ الأئِمَّةِ عِندَهم كافيةً في الإيمانِ ودُخولِ الجِنانِ، فأخَذوا بمَذهَبِ المُرجِئةِ [1505] يُنظر: فرقةُ المُرجِئةِ من هذه الموسوعةِ. ؛ ولهذا عَقد صاحِبُ الكافي بابًا فيه بعُنوانِ: (بابُ أنَّ الإيمانَ لا يضُرُّ مَعَه سَيِّئةٌ، والكفرَ لا ينفعُ مَعَه حَسَنةٌ، وذَكَر فيه 6 أحاديثَ، منها قَولُ أبي عَبدِ اللهِ: (الإيمانُ لا يضُرُّ مَعَه عَملٌ، وكذلك الكُفرُ لا ينفعُ مَعَه عَمَلٌ) [1506] يُنظر: ((الكافي)) للكليني (2/464). ، والإيمانُ حَسَب مُصطَلحِهم هو مَعرِفةُ الأئِمَّةِ أو حُبُّهم.
وهم يُفارِقونَ المُرجِئةَ مِن حَيثُ إنَّ المُرجِئةَ تَقولُ: الإيمانُ هو المَعرِفةُ باللهِ، والشِّيعةُ يقولونَ: الإيمانُ مَعرِفةُ الإمامِ أو حُبُّه.
وذَكرَ المَجلِسيُّ 154 رِوايةً في بابٍ بعُنوانِ: (بابُ ثَوابِ حُبِّهم ووِلايتِهم وأنَّهم أمانٌ مِنَ النَّارِ) [1507] يُنظر: ((بحار الأنوار)) (27/73-144). . كما أورَدَ في عُنوانٍ آخَرَ أنَّ وِلايةَ عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه حِصنٌ مِن عَذابِ الجَبَّارِ، وأنَّه لو اجتَمَعَ النَّاسُ على حُبِّه ما خَلق اللهُ النَّارَ [1508] يُنظر: ((بحار الأنوار)) (39/32). !
ومِن رِواياتِهم في هذا الشَّأنِ: (لا يدخُلُ الجَنَّةَ إلَّا مَن أَحَبَّه مِنَ الأوَّلينَ والآخِرينَ، ولا يدخُلُ النَّارَ إلَّا مَن أبغَضَه مِنَ الأوَّلينَ والآخِرينَ) [1509] يُنظر: ((علل الشرائع)) لابن بابويه (ص: 162). .
قال ابنُ تَيميَّةَ: (إنَّ أكثَرَ الشِّيعةِ يعتَقِدونَ أنَّ حَبَّ عليٍّ حَسَنةٌ لا يضُرُّ مَعَها سَيِّئةٌ) [1510] ((منهاج السنة)) (1/31). .
ولا شَكَّ أنَّ هذا الزَّعمَ يفتَحُ بابَ الوُلوجِ في المُحرَّماتِ [1511] يُنظر: ((نقض عقائد الشيعة)) للسويدي (ص: 34). .
قال ابنُ تَيميَّةَ: (إن كانتِ السَّيِّئاتُ لا تَضُرُّ مَعَ حُبِّ عليٍّ، فلا حاجةَ إلى الإمامِ المَعصومِ الذي هو لُطفٌ في التَّكليفِ، فإنَّه إذا لم يوجَدْ إنَّما توجَدُ سَيِّئاتٌ ومَعاصٍ، فإن كان حُبُّ عليٍّ كافيًا فسَواءٌ وُجِدَ الإمامُ أو لم يوجَدْ!) [1512] ((منهاج السنة)) (1/31). .
وقال عَبدُ اللهِ السُّويديُّ: (إذا كان حَبُّ اللهِ ورَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غَيرَ كافٍ في النَّجاةِ والخَلاصِ مِنَ العَذابِ بلا إيمانٍ وعَمَلٍ صالحٍ، فكيف يكونُ حُبُّ عليٍّ كافيًا؟! وهذا مُخالِفٌ لقولِه سُبحانَه: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ [النساء: 123] ، وقولِه: وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة: 8] ، بل مُخالِفٌ لأُصولِهم ورِواياتِهم؛ أمَّا المُخالَفةُ للأُصولِ فلأنَّه إذا ارتَكبَ رافضيٌّ الكبائِرَ ولم يُعاقِبْه اللهُ على ذلك، يَلزَمُ تركُ الواجِبِ على اللهِ تعالى عِندَهم. وأمَّا المُخالفةُ للرِّواياتِ فلأنَّ عَليًّا والسَّجَّادَ والأئِمَّةَ الآخَرينَ قد رُويَ عنهم في أدعيتِهم الوارِدةِ عِندَهم بطُرُقٍ صَحيحةٍ البُكاءُ والاستِعاذةُ مِن عَذابِ اللهِ تعالى، وإذا كان مِثلُ هؤلاء الأئِمَّةِ الكِرامِ خاشِعينَ خائِفينَ مِن عَذابِ اللهِ، فكيف يصِحُّ لغَيرِهم أن يغتَرَّ بمَحَبَّتِهم ويتَّكِلَ عليهم في تَركِ العَمَلِ؟!) [1513] ((نقض عقائد الشيعة)) (ص: 34). .

انظر أيضا: