موسوعة الفرق

المَطلَبُ الأوَّلُ: أدلَّةُ المانِعينَ مِن الاستِثناءِ في الإيمانِ


استدلَّ المانِعونَ للاستِثناءِ لمَذهَبِهم بوُجوهٍ:
1- أنَّ المُؤمِنَ مُؤمِنٌ حقًّا، والكافِرَ كافِرٌ حقًّا، وليس في الإيمانِ شكٌّ، كما ليس في الكُفرِ شكٌّ؛ لقولِه تعالى: أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا [الأنفال: 4] ، وأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا [النساء: 151] [488] يُنظر: ((الوصية)) لأبي حنيفة (ص:31). .
2- أنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالى شهِد قَطعًا بالإيمانِ لمَن آمَن باللهِ ورُسلِه بدونِ استِثناءٍ، فقال: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ [البقرة: 285] [489] يُنظر: ((تبصرة الأدلة)) للنسفي (2/1094). .
3- أنَّ اللهَ تعالى مدَح المُؤمِنينَ بقَطعِهم بإيمانِهم دونَ استِثناءٍ؛ حيثُ قال حِكايةً عن المُؤمِنينَ: رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا [آل عمران: 193] ، ولم يأمُرْ بالاستِثناءِ، وإنْ لم يكنْ لهم بالعاقِبةِ عِلمٌ، وأمَر أيضًا بالقولِ بذلك مِن غَيرِ الاستِثناءِ بقولِه تعالى: قُولُوا آمَنَّا [البقرة: 136] [490] يُنظر: ((تبصرة الأدلة)) للنسفي (2/ 1094). .
4- حديثُ الحارِثِ بنِ مالِكٍ الأنصاريِّ رضِي اللهُ عنه، ولفظُه: ((أنَّه مرَّ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال له: كيف أصبَحْتَ يا حارِثُ؟ قال: أصبَحْتُ مُؤمِنًا حقًّا)) [491] أخرجه عبدُ بنُ حُمَيد (444)، والطبراني (3/266) (3367) واللَّفظُ له، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (10591). ضَعَّف إسنادَه العراقي في ((تخريج الإحياء)) (4/271)، والبوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (7/454). .
5- الاستِثناءُ يرفَعُ جميعَ العُقودِ نَحوَ الطَّلاقِ والعِتاقِ والنِّكاحِ والبَيعِ، فكذلك يرفَعُ عَقدَ الإيمانِ [492] يُنظر: ((بحر الكلام)) للنسفي (ص: 151)، ((أصول الدين)) للغزنوي (ص: 263). .
6- أنَّ الإيمانَ اسمٌ للتَّصديقِ، وهو شيءٌ حقيقيٌّ معلومُ الحدِّ، كالقُعودِ والجُلوسِ، والسَّوادِ والبَياضِ، وغَيرِ ذلك مِن المعاني المعلومةِ الحدِّ، فمتى وُجِدت بحقيقتِها كان المرءُ بها قاعِدًا جالِسًا، أسودَ أبيضَ حقيقةً دونَ استِثناءٍ، فكذلك الإيمانُ إذا حصَل لشخصٍ صحَّ أن يُقالَ: إنَّه مُؤمِنٌ حقًّا بدونِ استِثناءٍ [493] يُنظر: ((تبصرة الأدلة)) للنسفي (2/1091). .
7- عَدمُ التَّفريقِ بَينَ الاستِثناءِ في كونِه مُؤمِنًا عندَ نَفسِه، وبَينَ الاستِثناءِ في كونِه مُؤمِنًا عندَ اللهِ؛ فعندَهم أنَّ الإيمانَ إذا تحقَّق بحقيقتِه كان مُؤمِنًا حقًّا عندَ اللهِ تعالى أيضًا؛ فلا استثناءَ [494] يُنظر: ((تبصرة الأدلة)) للنسفي (2/1093). .

انظر أيضا: