الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الثَّاني: حُكمُ الغَبْنِ


الفَرعُ الأوَّلُ: حُكمُ الغَبْنِ الفاحشِ
يَحرُمُ الغَبْنُ الفاحشُ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنَفيَّةِ ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/ 31)، ((حاشية ابن عابدين)) (5/101). ، والمالكيَّةِ ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (6/398)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (5/217)، ويُنظر: ((المختصر الفقهي)) لابن عرفة (5/339). ، والشَّافعيَّةِ ((حاشية البجيرمي على شرح المنهج)) (2/221)، ((حاشية الجمل على شرح المنهج)) (3/88)، ويُنظر: ((المجموع شرح المهذب)) تكملة السبكي (12/327)، ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (2/39). ، والحنابِلةِ ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/42)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (3/214). ، وحُكِي الإجماعُ على ذلك قال ابنُ العرَبيِّ: (الغبْنُ في الدُّنيا ممنوعٌ بإجماعٍ في حُكمِ الدُّنيا؛ إذ هو مِن بابِ الخداعِ المحرَّمِ شَرعًا في كلِّ مِلَّةٍ، لكنِ اليسيرُ منه لا يُمكِنُ الاحترازُ منه لأحدٍ، فمَضى في البيوعِ) ((أحكام القرآن)) (4/261).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ الغَبْنَ مَبنيٌّ على الغِشِّ والخَديعةِ، وهما حَرامٌ يُنظر: ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (3/214).
ثانيًا: لأنَّ الغَبْنَ فيه إضرارٌ بالغيرِ، وإدخالُ الضَّررِ على الغيْرِ حَرامٌ يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجَصَّاص (3/100).
الفَرعُ الثَّاني: حُكمُ الغَبْنِ اليَسيرِ
يَجوزُ الغَبْنُ اليَسيرُ، ولا يُوجِبُ ردَّ المَبيعِ بالخِيارِ.
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: مِن الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ العَرَبيِّ قال ابنُ العرَبيِّ: (فمتى خرَجَ عن يَدِ أحدٍ شَيءٌ مِن مالِه بعِلمِه لأخيهِ، فقدْ أكَلَ كلُّ واحدٍ منهما ما يُرْضي اللهَ ويَرْتضِيه، وإنْ خرَجَ شَيءٌ مِن مالِه عن يَدِه بغيرِ عِلمِه، فلا يَخْلو أن يكونَ ممَّا يَتغابَنُ الناسُ بمِثلِه ممَّا لا غِنى عنه في ارتفاعِ الأسواقِ وانخفاضِها عنه؛ فإنَّه حلالٌ جائزٌ بغيرِ خِلافٍ) ((أحكام القرآن)) (2/319) وخَليلُ بنُ إسحاقَ قال خَليلٌ: (الغبْنُ -بفتحِ الغَينِ وسكونِ الباءِ- عبارةٌ عن اشتراءِ السِّلعةِ بأكثَرَ ممَّا جرَت العادةُ أنَّ الناسَ لا يَتغابَنون بمِثلِه أو اشترائِها كذلك، وأمَّا ما جَرَت العادةُ به فلا يُوجِبُ ردًّا اتِّفاقًا) ((التوضيح)) (5/491).
ثانيًا: لأنَّ اليَسيرَ مِن الغَبْنِ لا يُمكِنُ الاحترازُ منه لأحدٍ؛ إذْ لو حَكَمْنا برَدِّه ما نَفَذَ بَيعٌ أبدًا؛ لأنَّه لا يَخْلو منه يُنظر: ((أحكام القرآن)) لابن العربي (4/261).

انظر أيضا: