الموسوعة الفقهية

المبحث الثَّالث: أنْ لا يُشارِكَ في الصَّيْدِ مَن لا يَجوزُ صَيْدُه


يُشترَطُ لإباحةِ الصَّيْدِ ألَّا يَشترِكَ في قتْلِه غيرُ المسْلمِ أوِ الكتابيِّ، وألَّا يُجْهَلَ القاتلُ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [241] ((الهداية)) للمَرْغِيناني (4/120)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلعي (6/54). ، والمالِكيَّةِ [242] المالِكيَّةُ لا يُجيزون صَيْدَ الكِتابيِّ. ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (4/326)، ((مِنَح الجليل)) لعُلَيْش (2/425). ، والشَّافِعيَّةِ [243] ((منهاج الطالبين)) للنَّووي (ص: 317)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهَيْتَمي (9/315). ، والحنابلةِ [244] ((المبدع)) لابن مفلح (9/204)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (10/314). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [245] قال ابنُ رُشْدٍ: (وأمَّا الشَّرط الثَّالث، وهو أنْ لا يُشارِكَه في العَقْرِ مَن ليس عَقْرُه ذَكاةً له- فهو شرْطٌ مُجْمَعٌ عليه فيما أَذْكُرُ). ((بداية المجتهد)) (3/11). وقال النَّوويُّ: (وإنْ سَبَق ما أَرسَلَه المَجوسيُّ، أو جَرَحَا معًا، أو مُرتَّبًا ولم يَذْفِفْ واحِدٌ منهما فهَلَكَ بهما، أو لم يُعْلَمْ أيُّهُما قتَلَه، لم يَحِلَّ بلا خِلافٍ). ((المجموع)) (9/100). وقال ابنُ قُدامةَ: (أنْ يُرسِلَ كلبَه على صَيْدٍ، فيَجِدَ الصَّيْدَ مَيِّتًا، ويَجِدَ مع كلبِه كلْبًا لا يُعرَفُ، ولا يدري هل وُجِدَتْ فيه شرائِطُ صَيْدِه أو لا، ولا يُعْلَمُ أيُّهُما قتَلَه، أو يُعْلَمُ أنَّهما جميعًا قَتَلاه، أو أنَّ قاتِلَه الكلبُ المجهولُ، فإنَّه لا يُباحُ، إلَّا أنْ يُدْرِكَه حَيًّا فيُذَكِّيَه. وبهذا قال عَطاءٌ، والقاسمُ بنُ مُخَيْمِرَةَ، ومالِكٌ، والشَّافِعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأيِ. ولا نَعْلَمُ لهم مُخالِفًا). ((المغني)) (9/374).
الأدلَّة:
أولًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عَدِيِّ بنِ حاتمٍ رضي الله عنه، قال: ((قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي أُرسِلُ كلْبي وأُسَمِّي، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: إذا أَرسلْتَ كلبَكَ وسَمَّيْتَ، فأَخَذ فقَتَل فأَكَلَ فلا تَأْكُلْ؛ فإنَّما أَمسَكَ على نفْسِه. قُلتُ: إنِّي أُرسِلُ كلْبي، أَجِدُ معه كلبًا آخَرَ، لا أدري أيُّهُما أَخَذَه؟ فقال: لا تَأْكُلْ؛ فإنَّما سَمَّيْتَ على كلبِكَ ولم تُسَمِّ على غيرِه )) [246] أخرجه البخاري (5476)، ومسلم (1929). وفي روايةٍ: ((فإنَّكَ لا تَدْري أيُّهُما قَتَله)) [247] أخرجها مسلم (1929).
ثانيًا: أنَّه لا يَدري مَن قَتَله [248] ((بداية المجتهد)) لابن رُشْد (3/11).
ثالثًا: أنَّه إذا اجتَمَع الحَظرُ والإباحةُ غُلِّبَ جانبُ الحَظرِ [249] ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/375)، ((المجموع)) للنَّووي (9/99).

انظر أيضا: