الموسوعة الفقهية

المطلب الثالث: قَصُّ المَرأةِ شَعْرَها للزِّينةِ


يجوزُ للمَرأةِ أن تَقُصَّ شَعرَ رأسِها مِن أجلِ الزِّينةِ [521] قَصُّ المرأة شَعر رأسِها مِن أجلِ الزِّينةِ من المسائِلِ الحادِثة، أما قصُّه للتخْفِيفِ منه فقد ورد فيه حديثٌ: ((كان أزواجُ النبيِّ- صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يَأخُذْنَ مِن رؤوسِهنَّ حتى تكونَ كالوَفْرَةِ)) رواه مُسْلِم (320)، قال القاضي عياض: هذا (دليلٌ على جواز تحذيف النِّساء لشُعُورهن). ((إكمال المعلم)) (2/163). ، ما لم يبلُغْ حَدًّا تُشبِهُ فيه الرِّجالَ، أو الكافِراتِ والفاسِقاتِ [522] وأما ما استُحدثَ مِن قصِّ الشعرِ على أشكالِ بعضِ الحيواناتِ ويُسمَّى بأسمائِها، كالذي يُعرف بـ (قَصَّة الأسد) وغير ذلك ففيه تشبهٌ بالحيواناتِ، وهو ممنوعٌ بالنسبة للرجالِ والنساءِ. ، وهو قَولُ ابنِ باز [523] قال ابن باز: (قصُّ شَعرِ المرأةِ لا نعلَمُ فيه شيئًا، المنهيُّ عنه الحَلقُ، فليس لكِ أن تحلقي شعرَ رأسِك، لكن أن تقُصِّي من طولِه أو مِن كَثرتِه، فلا نعلم فيه بأسًا، لكن ينبغي أن يكونَ ذلك على الطريقةِ الحَسَنةِ التي تَرضَينَها أنتِ وزوجُك، بحيث تَتَّفِقينَ معه عليها من غير أن يكونَ في القَصِّ تشبُّهٌ بامرأةٍ كافرة، ولأنَّ في بقائه طويلًا كُلفةً بالغَسلِ والمَشطِ، فإذا كان كثيرًا وقصَّت منه المرأةُ بعضَ الشَّيءِ لطُولِه أو كثرتِه، فلا يضرُّ ذلك، أو لأن في قصِّ بعضِه جمالًا ترضاه هي ويرضاه زوجُها، فلا نعلم فيه شيئًا، أمَّا حَلقُه بالكليَّةِ فلا يجوزُ إلَّا مِن عِلَّةٍ ومَرَضٍ، وبالله التوفيق). ((فتاوى المرأة المُسْلِمة)) (2/515). ، وابنِ عُثَيمين [524] قال ابن عثيمين: (الأصلُ فيه الإباحةُ، وأنَّ المرجِعَ فيه للعادةِ، ففيما سبق كانت النِّساءُ ترغَبُ طولَ الرَّأسِ وتفتَخِرُ بطول الرأس ولا تقُصُّه إلَّا عند الحاجة الشرعيَّة أو الحسيَّة، وتغيَّرَت الأحوال الآن، فالقول بالتحريم ضعيفٌ ولا وجهَ له، والقول بالكراهةِ يحتاجُ إلى تأمُّلٍ ونظرٍ، والقول بالإباحة أقرَبُ إلى القواعِدِ والأصولِ، وقد روى مُسْلِم في صحيحه «أنَّ نساءَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعد موتِه كُنَّ يَقصُصْنَ رُؤوسَهنَّ حتى تكونَ كالوَفرةِ»، لكِنْ إذا قصَّتْه المرأةُ قصًّا بالغًا حتى يكونَ كرأسِ الرجُلِ، فهذا حرامٌ لا إشكالَ فيه؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم لعَنَ المتشَبِّهاتِ مِن النِّساءِ بالرِّجالِ، وكذلك لو قصَّتْه قصًّا يماثِلُ رؤوسَ الكافراتِ والعاهراتِ، فإنَّ مَن تشَبَّه بقَومٍ فهو منهم، أمَّا إذا قصَّتْه قصًّا خفيفًا لا يصِلُ إلى حدٍّ يُشبِهُ شُعورَ الرِّجالِ، ولا يكون مُشابهًا لرؤوس العاهراتِ والكافراتِ، فلا بأسَ به). ((فتاوى نور على الدرب)) (11/26). ، وبه أفتَت اللَّجنةُ الدَّائِمةُ [525] جاء في فتاوى اللَّجْنة الدَّائِمة: (إذا كان الغرَضُ مِن القَصَّةِ التشَبُّهَ بنِساءِ الكافرين والمُلحِدينَ فهي حرامٌ؛ لأنَّ التشَبُّهَ بغير المُسْلِمين حرامٌ؛ لقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَن تشَبَّه بقَومٍ فهو منهم». وأمَّا إذا لم يكن القصدُ منها التشَبُّهَ، وإنَّما هي عادةٌ مِن العاداتِ المُستحدَثةِ بين النساءِ، فإذا كان فيها ما يُعتبَرُ زينةً يُمكِنُ أن تتزيَّنَ بها لِزَوجِها وتَظهَرَ بها أمام أترابِها في مظهَرٍ يرفَعُ من قَدْرِها عندهنَّ، فلا يظهَرُ لنا بأسٌ بها). ((فتاوى اللَّجْنة الدَّائِمة- المجموعة الأولى)) (5/199).
الدليلُ مِن الكتاب:
قولُه تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ [الأعراف: 32]
وَجهُ الدَّلالةِ:
 دلَّت الآيةُ على أنَّ الأصلَ في أنواعِ التجَمُّلاتِ والزِّينةِ الإباحةُ [526] يُنظر: ((محاسن التأويل)) للقاسمي (5/46).

انظر أيضا: