الموسوعة الفقهية

الفصلُ الأوَّلُ: تعريفُ الصَّوم، وأقسامُه، وفضائِلُه، والحِكمةُ مِن تَشريعِه


تمهيد: تعريفُ الصَّوم:
الصَّوم لغةً: الإمساكُ قال الأزهري: (الصَّومُ في اللغةِ: الإمساكُ عن الشَّيءِ والتَّركُ له، وقيل للصَّائِمِ صائِمٌ؛ لإمساكِه عَنِ المطعَمِ والمشرَبِ والمنكَحِ) ((تهذيب اللغة)) (12/ 182)، وانظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/ 323).
الصَّوم اصطلاحًا: التعبُّدُ لله سبحانَه وتعالى، بالإمساكِ عن الأكلِ والشُّربِ وسائِرِ المُفَطِّراتِ، مِن طُلوعِ الفَجرِ إلى غُروبِ الشَّمسِ ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/298).
المبحث الأول: أقسامُ الصَّوم
ينقسِمُ الصَّومُ باعتبارِ كَونِه مأمورًا به، أو منهيًّا عنه شَرعًا، إلى قسمين ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/277)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (2/45)، ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (19/15). :
الأول: الصَّومُ المأمورُ به شَرعًا
وهو قِسمانِ:
أ- الصَّومُ الواجب، وهو على نوعينِ:
1- واجبٌ بأصلِ الشَّرعِ- أي بغيرِ سَبَبٍ مِنَ المكلَّفِ-: وهو صومُ شَهرِ رَمضانَ قال ابنُ عبد البر: (وأجمَعَ العُلَماءُ على أنْ لا فَرْضَ في الصَّومِ غَيرُ شَهرِ رَمضانَ) ((التمهيد)) (22/148). وقال النووي: (لا يجِبُ صَومٌ غيرُ رمضانَ بأصلِ الشَّرعِ بالإجماع) ((المجموع)) (6/248).
2- واجبٌ بِسَبَبٍ مِنَ المكلَّف: وهو صومُ النَّذرِ، والكفَّارات، والقَضاء.
ب- الصَّومُ المُستحَبُّ (صوم التطوُّع)
وهو قِسمان:
1- صومُ التطَوُّعِ المُطلَق: وهو ما جاء في النُّصوصِ غيرَ مُقَيَّدٍ بزمَنٍ مُعَيَّنٍ فيُستحَبُّ أداؤه في كلِّ وَقتٍ، إلَّا الأوقاتِ المنهيَّ عنها. ((الفتاوى الهندية)) (1/113).
2- صومُ التطَوُّعِ المقيَّد: وهو ما جاء في النُّصوصِ مقيَّدًا بزمنٍ مُعَينٍ، كصومِ السِّتِّ مِن شوَّالٍ، ويومَيِ الاثنينِ والخميس، ويومِ عَرَفةَ، ويومَيْ تاسوعاءَ وعاشوراءَ.
الثاني: الصَّومُ المنهيُّ عنه شرعًا
وهو قِسمانِ:
1- صَومٌ مُحَرَّمٌ: وذلك مثلُ صَومِ يَومَيِ العيدينِ.
2- صومٌ مكروهٌ: وذلك مثلُ صَومِ يومِ عَرَفةَ للحاجِّ.
المبحث الثاني: فضائِلُ الصِّيامِ
للصِّيامِ فضائلُ كثيرةٌ شَهِدَت بها نصوصُ الوَحيينِ؛ منها:
1- أنَّ اللهَ تبارك وتعالى أضافَه إلى نفسه فقال: (الصوم لي وأنا أجزي به ).
2- تجتمِعُ في الصَّومِ أنواعُ الصَّبرِ الثَّلاثةُ.
3- الصِّيامُ يشفَعُ لصاحِبِه يومَ القيامةِ .
4- الصَّومُ مِنَ الأعمالِ التي وعَدَ الله تعالى فاعِلَها بالمغفرةِ والأجرِ العَظيمِ .
5- الصِّيامُ كفَّارةٌ للذُّنُوبِ والخطايا .
6- الصَّومُ جُنَّةٌ وحِصنٌ مِنَ النَّارِ .
7- الإكثارُ مِنَ الصَّومِ سببٌ لدُخُولِ الجَنَّةِ .
8- خُلُوفُ فَمِ الصَّائِم أطيَبُ عند الله تعالى مِن رِيحِ المِسْكِ .
المبحث الثالث: الحِكمةُ مِن تَشريعِ الصِّيامِ
لَمَّا كانت مصالِحُ الصَّومِ مشهودةً بالعُقُولِ السَّليمةِ، والفِطَرِ المستقيمةِ، شَرَعَه اللهُ سبحانه وتعالى لعبادِه؛ رحمةً بهم، وإحسانًا إليهم، وحِمْيَةً لهم وجُنَّةً ((زاد المعاد)) لابن القيم (2/28).
فالصِّيامُ له حِكَمٌ عظيمةٌ وفوائدُ جليلةٌ؛ ومنها:
1- أنَّ الصَّومَ وسيلةٌ لتحقيقِ تقوى الله عزَّ وجَلَّ.
2- إشعارُ الصَّائِم بنعمةِ الله تعالى عليه.
3- تربيةُ النَّفسِ على الإرادةِ، وقوَّةِ التحَمُّلِ.
4- في الصَّوم قهرٌ للشَّيطانِ.
5- الصَّومُ موجِبٌ للرَّحمةِ والعَطفِ على المساكينِ.
6- الصَّومُ يُطَهِّرُ البَدَنَ من الأخلاطِ الرَّديئةِ، ويُكسِبُه صحةً وقوةً.

انظر أيضا: