الموسوعة الفقهية

المبحث الرابع: مُضيُّ الحَوْل


المطلب الأوَّل: اشتراطُ مُضِيِّ الحَوْلِ لوجوبِ زكاةِ عُروضِ التِّجارةِ
يُشتَرَطُ مضيُّ الحَوْل لم يفرقِ الجمهورُ بين التَّاجِرِ المدير [وهو مَن يبيعُ بالسِّعرِ الحاضِرِ، ثم يَخلُفُه بغيره، وهكذا، كالبقَّالِ ونحوه] والتاجر المحتكِر [وهو الذي يرصُدُ بسِلَعِه الأسواقَ وارتفاعَ الأسعار] فالمدير وغير المدير عند جمهورِ أهل العِلم سواءٌ؛ يُقَوِّمُ عند رأس الحَوْل ويزكِّي كلَّ ما نوى به التِّجارةَ في كُلِّ حَولٍ، خلافًا للمالكِيَّة؛ فعندهم أنَّ المحتَكِرَ لا تجِبُ عليه الزَّكاة وإن أقام العَرْض للتِّجارةِ عنده سنين، إلا إذا باعه فيزكيه لسنةٍ واحدة. ينظر: ((التمهيد)) (17/127) ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/269)، ((المغني)) لابن قدامة (3/58)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (23/274). في وجوبِ زكاةِ التِّجارة ((المجموع)) للنووي (6/55).
الأدلَّة:
أولًا: مِنَ الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنْذِر قال ابنُ المُنْذِر: (وأجمعوا على أنَّ في العروضِ التي تُدارُ للتِّجارةِ، الزَّكاةَ، إذا حال عليها الحَوْل) ((الإجماع)) (ص: 102). ، وابن قُدامةَ قال ابنُ قدامة: (من ملك عرضًا للتِّجارة، فحال عليه حولٌ، وهو نِصاب، قوَّمَه في آخِرِ الحَوْلِ، فما بلغ أخرَجَ زكاتَه، وهو رُبُع عُشر قِيمته. ولا نعلَمُ بين أهل العِلم خلافًا في اعتبار الحَوْل). (( المغني)) (3/58).
ثانيا: مِنَ الآثارِ 
1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (مَنِ استفادَ مالًا؛ فلا زكاةَ عليه حتَّى يحول عليه الحَوْلُ ) رواه الترمذي (632)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (7030)، والدارقطني (1895)،  والبيهقي (4/104) (7572). قال الترمذي: هذا أصحُّ من حديث عبد الرحمن بن زيد [يعني المرفوع]، وصححه ابن الأثير في ((شرح مسند الشافعي)) (3/105)، وصحَّح إسنادَه موقوفًا الألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (632): وقال: (وهو في حُكم الرفع).
2- عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: (ليسَ في مالٍ زَكاةٌ حتَّى يحولَ عليهِ الحَوْلُ ) أخرجه أحمد (1265)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (7023)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (10214)، والدارقطني (1892). قال ابن حزم في ((المحلى)) (6/39): ثابت، وصحح إسناده أحمد شاكر في ((تعليقه على المسند)) (2/311)، وحسن إسناده ابن باز في ((حاشية بلوغ المرام)) (377 ).
المطلب الثاني: بناءُ نِصابِ عُروضِ التِّجارةِ على نِصابِ الذَّهَبِ والفضَّة
إذا اشترى عَرْضًا للتِّجارة بنِصابٍ مِنَ الأثمانِ، أو بما قيمَتُه نِصابٌ مِن عُروضِ التِّجارة؛ بنى حولَ الثَّاني على الحَوْلِ الأوَّل، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (2/ 284)، ويُنظر:  ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/15). ، والمالكيَّة ((منح الجليل)) لمحمد عليش (2/15)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/155). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/58)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/293-292). ، والحَنابِلَة ((شرح منتهي الإرادات)) للبهوتي (1/ 436)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/61).
وذلك للآتي: 
أوَّلًا: أنَّ النَّماءَ في الغالِبِ في التِّجارة إنَّما يحصُلُ بالتَّقليبِ، ولو كان ذلك يقطَعُ الحَوْلَ لكان السببُ الذي وجبَت فيه الزَّكاةُ لأجْله يمنَعُها؛ لأنَّ الزَّكاة لا تجِبُ إلَّا في مالٍ نامٍ ((المغني)) لابن قدامة (3/61).
ثانيًا: أنَّه مِن جِنسِ القيمةِ التي تتعلَّقُ الزَّكاة بها، فلم ينقطِعِ الحَوْلُ ببيعها به، كما لو قَصَدَ به التِّجارةَ ((المغني)) لابن قدامة (3/61).
ثالثًا: أنَّ عُروضَ التِّجارةِ عبارةٌ عن دراهِمَ مِن رأسِ مالٍ حُوِّلَ إلى عُروضٍ، فيكون حولُها حولَ المالِ الأوَّلِ ((مجموع فتاوى ابن عُثيمين)) (18/234).

انظر أيضا: