الموسوعة الفقهية

المطلب الثاني: حُكمُ الأسهُمِ


الفرع الأوَّل: حُكمُ أسهُمِ الشَّركاتِ
يجوزُ مِن حيث الأصلُ شراءُ وبيعُ أسهُمِ الشَّركاتِ، ما دام أنَّها لا تمارِسُ المعاملاتِ المحرَّمةَ، وهذا اختيارُ ابنِ عُثيمين ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (18/196)، وبه صدَرَ قرارُ المجمعِ الفِقهيِّ بجُدَّة ضمن قرارات مجمع الفقه الإسلامي بجدة: (بما أنَّ الأصلَ في المعاملات الحِلُّ؛ فإنَّ تأسيسَ شركةِ مُساهمة ذات أغراضٍ وأنشطةٍ مشروعةٍ؛ أمرٌ جائزٌ). ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة)) (7-1/711). ، واللَّجنة الدَّائمة في فتاوى اللَّجنة الدَّائمة برئاسة ابن باز: (إذا كانت الأسهُمُ لا تمثِّل نقودًا تمثيلًا كليًّا أو غالبًا، وإنما تُمثِّل أرضًا أو سيارات أو عمارات ونحو ذلك، وهي معلومةٌ للبائع والمشتري؛ جاز بيعُها وشراؤُها بثمنٍ حالٍّ أو مؤجَّلٍ على دفعة أو دفعات؛ لعموم أدلَّةِ جواز البيع والشراء). ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (13/321). وفيها أيضًا: (لا بأسَ ببيعِ الأسهُمِ وشرائِها إذا كانت في شَرِكاتٍ لا تتعامَلُ بالرِّبا، وإنما هي شَرِكاتُ أملاك: كالشَّرِكات المعماريَّة، وكشَرِكة الكهرباء، وشركة الإسمنت، وغيرها من الشركات الإنتاجيَّة، إذا كانت شركاتٍ قائمةً بالفعل، وليست تحت الإنشاءِ). ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (13/323). وفيها أيضًا: (يجوز بَيعُ وشراءُ الأسهُمِ التي في الشركات الإنتاجيَّة: كشركة الإسمنت، والشركة الزراعيَّة؛ لأنَّها ممتلَكَاتٌ مباحة، وإذا رَبِحَت فرِبْحُها حلال، ويجوز أخذُ غلَّةِ هذه الأسهم؛ لأنَّه ناتِجٌ عن عملٍ مُباحٍ، وهو إنتاجُ الإسمنت والزراعة، وكذلك شركات التعمير إذا لم تستغلَّ رؤوسَ أموالِ هذه الشركات بالاستثمارِ الرِّبَوي). ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (13/324، 325).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ السَّهمَ حِصَّةٌ مِنَ الشَّركة، وقد أجمَعَ أهلُ العِلم على جوازِ عَقدِ الشَّرِكة؛ نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ قال ابنُ قدامة: (أجمع المسلمونَ على جوازِ الشَّرِكة في الجملة، وإنما اختلفوا في أنواعٍ منها). (( المغني)) (5/3). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (وأمَّا الإجماعَ فإنَّ أحدًا من العلماء لم يخالِفْ في جوازها). ((المجموع)) (14/63).
ثانيًا: أنَّ الأصلَ في العقودِ والشُّروطِ الإباحةُ، ما لم يقُمْ دليلٌ على التَّحريمِ قال ابنُ تيمية: (الأصل في هذا أنَّه لا يحرُمُ على النَّاسِ من المعاملات التي يحتاجون إليها إلَّا ما دلَّ الكتاب والسُّنة على تحريمه...) ((مجموع الفتاوى)) (28/386). وقال ابنُ القيِّم: (وجمهور الفقهاء على خلافه وأن الأصل في العقود والشروط الصحة إلا ما أبطله الشارع أو نهى عنه وهذا القول هو الصحيح) ((إعلام الموقعين)) (1/401).
ثالثًا: ليس في شَركةِ المساهمةِ ما يتنافى مع مقتضى عقدِ الشَّرِكةِ، بل فيها تنظيمٌ وتيسيرٌ ورفعٌ للحَرَجِ ((مجلة مجمع الفقه بجدة التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي)) (9-2/62).
الفرع الثاني: الأسهُمُ المحرَّمةُ
لا يجوزُ شِراءُ أسهُمِ الشركاتِ التي أُنشِئَتْ لمزاولةِ الأعمالِ المحرَّمة، مثل شَرِكاتِ الخُمورِ والتَّبغ وبنوكِ الرِّبا في ندوة الأسواق الماليَّة من الوجهة الإسلاميَّة: (إنَّ تملُّك أسهُمِ الشَّركات التي يكون غَرَضُها التعامُلَ بالرِّبا والصناعات المحرَّمة والمتاجرة بالموادِّ الحرامِ؛ غيرُ جائزٍ شرعًا، ولو كان ذلك التملُّكُ عابرًا ولفترةٍ لا تسمَحُ بتحقيق الأرباح النَّاتجة عن ذلك النشاط). ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة)) (6-2/1659). ، وبهذا صدر قرارُ مَجمَع الفِقه الإسلاميِّ ضمن قرارات مجمع الفقه الإسلامي بجدة: (لا خلافَ في حُرمةِ الإسلامِ في شَرِكاتِ غَرَضُها الأساسي محرَّمٌ، كالتعامُلِ بالرِّبا، أو إنتاجِ المحرَّماتِ، أو المتاجرةِ بها). ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة)) (7-1/711).
الدَّليل من الكتاب:
قال الله تعالى:وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2]
الفرع الثالث: الأسهُمُ المختلَطَة
لا يجوزُ التعامُل بأسهُمِ الشَّرِكات المختلَطَة، وهي أسهُمُ الشَّرِكاتِ التي تكون معاملاتُها في الأصلِ مباحةً، لكنَّها تتعامَلُ بالحرامِ في أخْذِ الفوائِدِ الرِّبويَّة، أو الاستقراضِ بفائدةٍ، أو تُبرِم عقودًا فاسدةً، وبه صدر قرارُ المَجمَع الفقهي بجُدَّة جاء ضمن قرارات مجمع الفقه الإسلامي بجُدة ما نصُّه: (الأصلُ حُرمةُ الإسهامِ في شركات تتعامَلُ أحيانًا بالمحرَّمات، كالرِّبا ونحوه، بالرغم من أنَّ أنشِطَتَها الأساسيَّةَ مَشروعةٌ). ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة)) (7-1/712). ، والمجمَع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلاميِّ جاء ضمن قرارات المجمع الفقهي بمكة التابع لرابطة العالم الإسلامي ما نصُّه: (- لا يجوزُ لمسلم شراءُ أسهُمِ الشَّركات والمصارف، إذا كان في بعضِ مُعاملاتِها رِبًا، وكان المشتري عالِمًا بذلك. - إذا اشترى شخصٌ وهو لا يعلَمُ أنَّ الشَّركةَ تتعامَلُ بالرِّبا ثم عَلِمَ، فالواجِبُ عليه الخروجُ منها) ((قرارات المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة)) قرار (رقم: 78) (4/14). ، واللَّجنة الدَّائمة في فتاوى اللَّجنة الدَّائمة: (وضْعُ الأموالِ في بنوكٍ بربحٍ حرامٍ، والشركات التي تضَعُ فائِضَ أموالِها في البنوكِ برِبحٍ لا يجوزُ الاشتراكُ فيها لِمَن عَلِم ذلك) ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (13/407).
الأدلَّة:
أوَّلًا:من الكتاب:
1- قال الله تعالى:وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2]
ثانيًا: أنَّ القاعدةَ في اجتماعِ الحَلالِ والحَرامِ أن يُغلَّبَ الحرامُ احتياطًا.
ثالثًا: أنَّ المالَ الحرامَ المُكتسَب عن طريقِ الرِّبا، مُشاعٌ في مالِ الشَّركةِ، مُلتَبِسٌ بالمالِ الحلالِ، ولا يُمكِنُ تمييزُه ((مجلة مجمع الفقه بجدة التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي)) (7-1/420).

انظر أيضا: