الموسوعة العقدية

المَبْحَثُ الأوَّلُ: الأنبياءُ والرُّسُلُ الثَّابِتُ ذِكْرُهم في القُرآنِ أو السُّنَّةِ

ذكر اللهُ بَعْضَهم في مواضِعَ مُتفَرِّقةٍ مِن كِتابِه، وهم: آدَمُ، وهودٌ، وصالحٌ، وشُعَيبُ، وإدريسُ، وذو الكِفْلِ، ومُحَمَّدٌ عليهم السَّلامُ.
وذكر ثمانيةَ عَشَرَ منهم في موضِعٍ واحِدٍ، وهو قَولُه تعالى: وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ [الأنعام: 83-86] .
وقد ثبَتَت نُبُوَّةُ يُوشَعَ بنِ نونٍ في السُّنَّةِ، ولم يَنُصَّ القُرآنُ على ذلك:
فعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((غزا نبيٌّ من الأنبياءِ، فقال لقَومِه: لا يَتْبَعْني رَجُلٌ قد ملك بُضْعَ امرأةٍ وهو يريدُ أن يَبنيَ بها، ولَمَّا يَبْنِ، ولا آخَرُ قد بنى بُنيانًا ولَمَّا يَرفَعْ سَقْفَها، ولا آخَرُ قد اشترى غَنَمًا أو خَلِفاتٍ وهو مُنتَظِرٌ وِلادَها، قال: فغزا، فأدنى للقَريةِ حين صَلاةِ العَصرِ، أو قريبًا من ذلك، فقال للشَّمسِ: أنت مأمورةٌ، وأنا مأمورٌ، اللهمَّ احبِسْها عليَّ شيئًا، فحُبِسَت عليه حتى فَتَحَ اللهُ عليه )) [474] رواه مطولًا البخاري (3124)، ومسلم (1747) واللَّفظُ له. .
والدَّليلُ على أنَّ هذا النَّبِيَّ هو يُوشَعُ: قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ الشَّمسَ لم تُحبَسْ على بَشر إلَّا ليُوشَعَ لياليَ سار إلى بيتِ المَقْدِسِ )) [475] أخرجه أحمد (8315) واللفظ له، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (1070)، والدارقطني في ((المؤتلف والمختلف)) (1/329) مِن حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. صَحَّحه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (2/123)، والذهبي في ((ترتيب الموضوعات)) (106)، وابن حجر في ((فتح الباري)) (6/255). .
قال ابنُ جَريرٍ: (إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ لَمَّا انقضت الأربعون سنةً بعث يُوشَعَ بنَ نُونٍ نبيًّا، فأخبرهم أنَّه نَبيٌّ، وأنَّ اللهَ قد أمره أن يُقاتِلَ الجبَّارين، فبايعوه وصَدَّقوه، فهزم الجَبَّارين، واقتَحَموا عليهم، فقَتَلوهم) [476] يُنظر: ((تاريخ الرسل والملوك)) (1/ 436). .
وقال ابنُ الجوزي: (قد ذُكِرَ أنَّ اللهَ تعالى جعل يُوشَعَ نبيًّا في زَمَنِ موسى، فلما تُوُفِّي موسى ابتعَثَه اللهُ تعالى، فأقام لبني إسرائيلَ أحكامَ التوراةِ) [477] يُنظر: ((المنتظم في تاريخ الملوك والأمم)) (1/ 377). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (قام بأعباءِ النُّبُوَّةِ بعد موسى وتدبيرِ الأمرِ بَعْدَه فتاه يُوشَعُ بنُ نُونٍ عليه السَّلامُ، وهو الذي دَخَل بهم بَيتَ المَقدِسِ) [478] يُنظر: ((البداية والنهاية)) (2/199). .
وقد ذكر بَعضُ أهلِ العِلْمِ نُبُوَّةَ شِيثِ بنِ آدَمَ، ولكِنَّ الحديثَ فيه لم يَثبُتْ.
قال ابنُ تَيمِيَّةَ: (قد ثبت في الصَّحيحِ أنَّه أي: نوحًا عليه السَّلامُ أوَّلُ رَسولٍ بُعِث إلى أهلِ الأرضِ، وقد كان قَبْلَه أنبياءُ؛ كشِيثٍ وإدريسَ عليهما السَّلامُ، وقَبْلَهما آدَمُ كان نَبِيًّا مُكُلَّمًا. قال ابنُ عَبَّاسٍ: كان بين آدَمَ ونوحٍ عَشَرةُ قُرونٍ كُلُّهم على الإسلامِ) [479] يُنظر: ((النبوات)) (2/ 714). .

انظر أيضا: