موسوعة الأخلاق والسلوك

سادسًا: موانعُ التَّأنِّي


1- الغَضَبُ والحُزنُ الشَّديدُ:
روى ابنُ عبَّاسٍ عن أميرِ المؤمنين عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عنهم- في قصَّةِ اعتزالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نساءَه، وفيه: قال عُمَرُ: ((... فخرَجْتُ فجِئتُ إلى المِنبَرِ، فإذا حولَه رَهطٌ يبكي بعضُهم، فجلَسْتُ معهم قليلًا، ثمَّ غلبني ما أجِدُ، فجِئتُ المَشرُبةَ التي فيها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلتُ لغلامٍ له أسودَ: استأذِنْ لعُمَرَ، فدخل الغلامُ فكَلَّم النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمَّ رجع، فقال: كلَّمْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وذكَرْتُك له فصَمَت، فانصرَفْتُ حتَّى جلَسْتُ مع الرَّهطِ الذين عندَ المِنبَرِ، ثمَّ غلَبَني ما أجِدُ، فجِئتُ فقُلتُ للغُلامِ: استأذِنْ لعُمَرَ، فدخل ثمَّ رجع، فقال: قد ذكَرْتُك له فصمَتَ، فرجَعْتُ فجَلَسْتُ مع الرَّهطِ الذين عندَ المِنبَرِ، ثمَّ غلَبني ما أجِدُ، فجِئتُ الغُلامَ فقُلتُ: استأذِنْ لعُمَرَ، فدخل ثمَّ رجع إليَّ، فقال: قد ذكَرْتُك له فصَمَتَ)) [1460] رواه مطوَّلًا البخاري (5191) واللفظ له، ومسلم (1479) بنحوه. .
قال ابنُ حَجَرٍ: (الغَضَبُ والحُزنُ يحمِلُ الرَّجُلَ الوقورَ على تَركِ التَّأنِّي المألوفِ منه؛ لقَولِ عُمَرَ: ثمَّ غلبني ما أجِدُ، ثلاثَ مَرَّاتٍ) [1461] ((فتح الباري)) (9/279). .
وقال ابنُ الجَوزيِّ: (أشَدُّ النَّاسِ تفريطًا مَن عَمِل مبادرةً في واقعةٍ من غيرِ تثبُّتٍ ولا استشارةٍ، خصوصًا فيما يوجِبُه الغضَبُ؛ فإنَّه طَلَبُ الهلاكِ أو النَّدمُ العظيمُ. وكم مَن غَضِبَ فقَتَل وضَرَب، ثمَّ لمَّا سكَن غَضَبُه بَقِيَ طولَ دَهرِه في الحُزنِ والبكاءِ والنَّدَمِ! والغالِبُ في القاتِلِ أنَّه يُقتَلُ، فتفوتُه الدُّنيا والآخِرةُ) [1462] ((صيد الخاطر)) (ص: 385). .
2- استِعجالُ نتائجِ الأمورِ.
3- التَّفريطُ:
وذلك إذا فرَّط المرءُ فيما ينبغي عليه القيامُ به، فإنَّه يضطَرُّ للقيامِ به على وجهِ السُّرعةِ والعَجَلةِ؛ حتى يتدارَكَ الأمرَ، ورُبَّما لا يحصُلُ له مقصودُه.
4- إجابةُ داعي الشَّهَواتِ:
وقد يكونُ في إجابتِه الهلاكُ، فكم من شَهوةٍ أورثَت حُزنًا وندامةً!
5- تَركُ استشارةِ ذوي الخِبرةِ في أمورٍ يجهَلُها:
وهذا الجَهلُ يجعَلُ الإنسانَ لا يحسِنُ التَّعامُلَ مع الأمورِ، فربَّما يعجَلُ فيما حقُّه التَّأنِّي، أو يتأنَّى فيما حقُّه التَّعجُّلُ، وهكذا.

انظر أيضا: