موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- من القرآنِ الكريمِ


- الكِبْرُ من أوَّلِ الذُّنوبِ التي عُصي اللهُ تبارك وتعالى بها؛ قال اللهُ تعالى مبيِّنًا سبَبَ امتناعِ إبليسَ عن السُّجودِ لآدمَ: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [البقرة: 34] .
قال الطَّبريُّ: (وهذا، وإن كان من اللهِ جَلَّ ثناؤه خبرًا عن إبليسَ، فإنَّه تقريعٌ لضُرَبائِه من خَلقِ اللهِ الذين يتكبَّرون عن الخضوعِ لأمرِ اللَّهِ، والانقيادِ لطاعتِه فيما أمرهم به وفيما نهاهم عنه، والتَّسليمِ له فيما أوجب لبعضِهم على بعضٍ من الحقِّ) [5887] ((جامع البيان)) (1/510). .
وقال عَوفُ بنُ عبدِ اللهِ للفَضلِ بنِ المُهَلَّبِ: (إني أريدُ أن أعظَك بشيءٍ: إيَّاك والكِبْرَ؛ فإنَّه أوَّلُ ذنبٍ عصى اللهَ به إبليسُ) ثمَّ قرأ: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ [البقرة: 34] [5888] ((مفاتيح الغيب)) (3/645). .
- والكِبْرِ سببٌ رئيسٌ في هلاكِ الأممِ السَّابقةِ؛ فهؤلاء قومُ نوحٍ ما منعهم عن قَبولِ الدَّعوةِ، والاستماعِ لنداءِ الفِطرةِ والإيمانِ، إلَّا الكِبْرُ؛ فقد قال اللهُ تعالى على لسانِ نبيِّهم نوحٍ عليه السَّلامُ: وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا [نوح: 7] .
وهؤلاء قومُ عادٍ ظنُّوا بسَبَبِ تكبُّرِهم أنَّه لا قوَّةَ أشدُّ من قُوَّتِهم؛ فقد قال اللهُ عنهم: فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ [فصلت: 15-16] .
وها هي ثمودُ من بعدِهم ينهَجون نفسَ النَّهجِ في الاستكبارِ والتَّعالي، فيردُّون دعوةَ اللهِ عزَّ وجَلَّ، ويُكَذِّبون نبيَّه عليه السَّلامُ: قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [الأعراف: 75-76] .
وقال اللهُ تعالى عن قومِ نبيِّ اللهِ شُعَيبٍ عليه السَّلامُ: قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ [الأعراف: 88] .
أمَّا فرعونُ فقد ملأ الدُّنيا كبرًا وعُجبًا وخُيَلاءَ، حتَّى وصل به الحالُ أن ادَّعى الرُّبوبيَّةَ والألوهيَّةَ؛ قال اللهُ تبارك وتعالى: وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ [القصص: 38-40] .
- والكِبْرُ سَبَبٌ في الإعراضِ عن آياتِ اللهِ والصَّدِّ عنها؛ قال اللهُ تبارك وتعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [الجاثيَّة: 7-8] .
- وهو سَبَبٌ للصَّرفِ عن دينِ اللَّهِ؛ قال اللهُ تبارك وتعالى: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ [الأعراف: 146] .
- وهو سَبَبٌ لدُخولِ النَّارِ؛ قال اللهُ تبارك وتعالى: وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ [الأحقاف: 20] .

انظر أيضا: