موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرقُ بَينَ الإيثارِ وبَعضِ الصِّفاتِ


الفَرقُ بَينَ الإيثارِ والسَّخاءِ والجُودِ:
ذكَرَ ابنُ قَيِّمِ الجوزيَّةِ فُروقًا بَينَ كُلٍّ من الإيثارِ والسَّخاءِ والجُودِ، مع أنَّها كُلَّها أفعالُ بَذلٍ وعَطاءٍ، فقال: (وهذا المَنزِلُ -أي الإيثارُ-: هو مَنزِلُ الجُودِ والسَّخاءِ والإحسانِ، وسُمِّي بمَنزِلِ الإيثارِ؛ لأنَّه أعلى مراتِبِه؛ فإنَّ المراتِبَ ثلاثةٌ:
إحداها: ألَّا يَنقُصَه البَذْلُ ولا يَصعُبَ عليه، فهو مَنزِلةُ السَّخاءِ.
الثَّانيةُ: أن يُعطِيَ الأكثَرَ ويُبقِيَ له شيئًا، أو يُبقِيَ مِثلَ ما أعطى، فهو الجُودُ.
الثَّالِثةُ: أن يُؤثِرَ غَيرَه بالشَّيءِ مع حاجتِه إليه، وهي مرتبةُ الإيثارِ) [1021] ((مدارج السالكين)) (2/292). .
الفَرقُ بَينَ الإيثارِ والتَّبَرُّعِ:
الإيثارُ نوعٌ من أنواعِ التَّبَرُّعاتِ؛ لأنَّ التَّبرُّعَ هو بَذلُ المُكَلَّفِ مالًا أو منفعةً لغَيرِه بلا عِوَضٍ، بقَصدِ البِرِّ والمعروفِ غالِبًا [1022] يُنظر: ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (10/65). ، كالصَّدَقةِ والهِبةِ والهَدِيَّةِ، لكِنَّ الإيثارَ ينفَرِدُ عن التَّبرُّعاتِ بأنَّه إيثارٌ بمحابِّ النَّفسِ من الأموالِ وغيرِها وبَذْلُها للغيرِ مع الحاجةِ والضَّرورةِ، بخِلافِ التَّبرُّعِ؛ فإنَّه لا يلزَمُ أن يكونَ مع حاجةٍ أو ضرورةٍ.
كما أنَّه ينفَرِدُ عن سائِرِ التَّبرُّعاتِ بأنَّه قد يَشمَلُ الإيثارَ بالنَّفسِ، ويمكِنُ أن يقالَ: إنَّ كُلَّ إيثارٍ تبَرُّعٌ، وليس كُلُّ تبَرُّعٍ إيثارًا.

انظر أيضا: