موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرقُ بَينَ صفةِ التَّعالُمِ وبعضِ الصِّفاتِ


قد تقرَّر أنَّ صفةَ (التَّعالُمِ) هي ادِّعاءُ المعرفةِ والعِلمِ والتَّظاهُرُ بهما، ويتداخَلُ مع مدلولِ هذه الصِّفةِ عِدَّةُ صِفاتٍ أُخرى تشتركُ معها في الدَّلالةِ على معنى الادِّعاءِ للعِلمِ والتَّظاهُرِ بالمعرفةِ، ويختَصُّ كُلٌّ منها بمعنًى خاصٍّ؛ فبينهما تداخُلٌ وعمومٌ وخُصوصٌ، ومن هذه الصِّفاتِ: (التَّحَذلُقُ، التَّفَيهقُ).
الفَرقُ بَينَ التَّعالُمِ والتَّحَذلُقِ:
فأمَّا التَّحَذلُقُ فيقالُ: إنَّه لَيتحَذْلَقُ علينا: إذا أظهَر الحِذْقَ، وادَّعى أكثَرَ ممَّا عنده، وفيه حَذْلقةٌ، وتحَذْلُقٌ، وقيل: المُتحَذلِقُ: المتكَيِّسُ الذي يريدُ أن يزدادَ على قَدْرِه [1609] يُنظَر: ((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سيده (4/ 43)، ((أساس البلاغة)) للزمخشري (1/ 177). .
فيَشتَرِكُ التَّحَذلُقُ والتَّعالُمُ في التَّظاهُرِ بالشَّيءِ وادِّعائِه، لكِنِ (التَّحَذلُق) أعمُّ من (التَّعالُم)، والتَّعالُمُ خاصٌّ بادِّعاءِ العِلمِ والمعرفةِ.
الفَرقُ بَينَ التَّعالُمِ والتَّفيهُقِ:
أمَّا (التَّفيهقُ) فهو: عبارةٌ عن التَّوسُّعِ في الكلامِ، وفَتحِ الفمِ به، وهو مأخوذٌ من الفَهقِ، وهو الامتلاءُ والاتِّساعُ، ويقالُ: تَفيهَقَ في مِشيتِه: تبختَرَ، ويقالُ: هو يتفيهَقُ علينا بمالِ غيرِه: يفخَرُ ويتفخَّمُ، فهو مُتفَيهِقٌ [1610] يُنظَر: ((الغريبين في القرآن والحديث)) للهروي (5/ 1484)، ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (3/ 482)، ((تاج العروس من جواهر القاموس)) للزبيدي (26/ 333)، ((المعجم الوسيط)) (2/ 704). .
فالظَّاهِرُ: أنَّ التَّعالُمَ والتَّفيهُقَ يشتركانِ في التَّوسُّعِ والفخرِ، وإن كان التَّعالُمُ يختصُّ بإظهارِ التَّوسُّعِ في العِلمِ، والتَّفيهُقُ ليس مختَصًّا بذلك. 

انظر أيضا: