موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- مِنَ السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


- عنِ ابن مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((قال رَجُلٌ: يا رَسولَ اللهِ، أنُؤاخَذُ بما عَمِلْنا في الجاهليَّةِ؟ قال: مَن أحسَنَ في الإسلامِ لم يُؤاخَذْ بما عَمِل في الجاهليَّةِ، ومَن أساءَ في الإسلامِ أُخِذَ بالأوَّلِ والآخِرِ)) [205] أخرجه البخاري (6921)، ومسلم (120). .
قال العَينيُّ: (مِنهم مَن قال: المُرادُ بالإساءةِ في الإسلامِ: الارتِدادُ مِنَ الدِّينِ) [206] ((عمدة القاري)) للعيني (24/76). .
وقال المُناويُّ: (فالمُرادُ بالإساءةِ: الكُفرُ، وهو غايةُ الإساءةِ) [207] ((التيسير بشرح الجامع الصَّغير)) للمناوي (2/754). .
- عن أبي بَكرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ألا أُنَبِّئُكم بأكبَرِ الكبائِر؟ ثَلاثًا. قالوا: بَلى يا رَسولَ اللهِ، قال: الإشراكُ باللهِ، وعُقوقُ الوالدَينِ)) [208] أخرجه مطولًا البخاري (2654) واللفظ له، ومسلم (87). .
قال الهيتمي: (فانظُرْ كيف قَرَنَ الإساءةَ إليهما وعَدَمَ البرِّ والإحسانِ إليهما بالإشراكِ باللهِ تعالى، وأكَّدَ ذلك بأمرِه بمُصاحَبَتِهما بالمَعروفِ، وإن كانا يُجاهِدانِ الوَلَدَ على أن يُشرِكَ باللهِ تعالى!) [209] ((الزواجر)) للهيتمي (2/107). .
- وعن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((المُسلمُ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ مِن لسانِه ويَدِه)) [210] أخرجه البخاري (10) واللفظ له، ومسلم (40). .
(قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن سَلِمَ المُسلِمونَ مِن لسانِه ويَدِه)): مَعناه: مَن لم يُؤذِ مُسلِمًا بقَولٍ ولا فِعلٍ، وخَصَّ اليدَ بالذِّكرِ؛ لأنَّ مُعظَمَ الأفعالِ بها، وقالوا: مَعناه: المُسلمُ الكامِلُ، وليس المُرادُ نَفيَ أصلِ الإسلامِ عمَّن لم يكُنْ بهذه الصِّفةِ) [211] يُنظَر: (شرح النووي على مسلم) (2/10). .
قال المُناويُّ: (فإيذاءُ المُسلمِ مِن نُقصانِ الإسلامِ، والإيذاءُ ضَربانِ: ضَربٌ ظاهرٌ بالجَوارِحِ: كأخذِ المالِ بنَحوِ سَرِقةٍ أو نَهبٍ، وضَربٌ باطِنٌ: كالحَسَدِ والغِلِّ والبُغضِ والحِقدِ، والكِبرِ وسوءِ الظَّنِّ، والقَسوةِ ونَحوِ ذلك، فكُلُّه مُضِرٌّ بالمُسلمِ مُؤذٍ له، وقد أمَر الشَّرعُ بكفِّ النَّوعَينِ مِنَ الإيذاءِ، وهَلك بذلك خَلقٌ كثيرٌ) [212] ((فيض القدير)) (6/ 271). .
- وعنِ ابن مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ليس المُؤمِنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ، ولا الفاحِشِ ولا البَذيءِ)) [213] أخرجه الترمذي (1977) واللفظ له، وأحمد (3839). صحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (192)، والحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (29)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1977)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (853)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (3839). .
قال الصَّنعانيُّ: (الطَّعنُ: السَّبُّ، يُقالُ: طَعنَ في عِرضِه، أي: سَبَّه. واللَّعَّانُ: اسمُ فاعِلٍ للمُبالغةِ، أي: كثيرُ اللَّعنِ، ومَفهومُ الزِّيادةِ غَيرُ مُرادٍ؛ فإنَّ اللَّعنَ مُحَرَّمٌ قَليلُه وكثيرُه، والبَذيءُ: فعيلٌ مِنَ البَذاءِ، وهو الكلامُ القَبيحُ، والحَديثُ إخبارٌ بأنَّه ليس مِن صِفاتِ المُؤمِنِ الكامِلِ الإيمانِ السَّبُّ واللَّعنُ) [214] ينظر ((سبل السلام)) (2/ 677). .
وقال ابنُ عُثَيمين: (وهذا يدُلُّ على أنَّ هذه الأُمورَ نَقصٌ في الإيمانِ، وأنَّها تَسلُبُ عنِ المُؤمِنِ حَقيقةَ الإيمانِ وكَمالَ الإيمانِ، فلا يكونُ طَعَّانًا يطعَنُ في النَّاسِ بأنسابِهم أو بأعراضِهم أو بشَكلِهم وهَيئاتِهم، أو بآمالِهم، ولا باللَّعَّانِ الذي ليس له همٌّ إلَّا اللَّعنةُ، كلُّ كلمةٍ يقولُ معها: لعنَك اللهُ! قُلْ كذا لعنَك اللهُ! لماذا تَقولُ كذا؟ أو يقولُ لأولادِه: لعنَكمُ اللهُ، هاتوا هذا! أو ما أشبَهَ ذلك؛ فالمُؤمِنُ ليس باللَّعَّانِ ولا بالفاحِشِ الذي يُفحِشُ في كلامِه بصُراخٍ أو نَحوِ ذلك، ولا بالبَذيءِ الذي يعتَدي على غَيرِه؛ فالمُؤمِنُ مُؤمِنٌ مُسالمٌ ليس عِندَه فُحشٌ في قَولِه ولا في فِعلِه ولا غَيرِ ذلك؛ لأنَّه مُؤمِنٌ) [215] ((شرح رياض الصالحين)) (6/201، 202). .

انظر أيضا: