موسوعة الأخلاق والسلوك

ه- نماذِجُ من الإعراضِ عن الجاهِلينَ عِندَ العُلَماءِ المُتقَدِّمين


أبو إسحاقَ الزَّجَّاجُ:
عن عليِّ بنِ عبدِ العزيزِ الطَّاهِريِّ قال: أخبَرَنا أبو محمَّدٍ الوَرَّاقُ؛ جارٌ كان لنا، قال: (كنتُ بشارعِ الأنبارِ وأنا صَبيٌّ في يومِ نَيروزٍ، فعَبَر رجُلٌ راكِبٌ، فبادر بعضُ الصِّبيانِ، فأقلَب عليه ماءً، فأنشَأَ يقولُ، وهو ينفُضُ رداءَه من الماءِ:
إذا قَلَّ ماءُ الوَجهِ قَلَّ حياؤُه... ولا خَيْرَ في وَجهٍ إذا قَلَّ ماؤُه.
فلمَّا عَبَر قيل لنا: هذا أبو إسحاقَ الزَّجَّاجُ!) [612] ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (6/613). .
أبو طاهِرٍ السِّلَفيُّ:
قال عبدُ القادِرِ الحافِظُ: (وكان أبو طاهِرٍ لا تبدو منه جَفوةٌ لأحَدٍ، ويجلِسُ للحَديثِ فلا يَشرَبُ ماءً، ولا يَبزُقُ، ولا يتوَرَّكُ، ولا تبدو له قَدَمٌ، وقد جاز المائةَ... وبلغني أنَّ مُدَّةَ مُقامِه بالإسكَندَريَّةِ ما خرَج منها إلى بُستانٍ ولا فُرجةٍ سِوى مرَّةٍ واحِدةٍ، بل كان لازِمًا مدرسَتَه، وما كنَّا نكادُ نَدخُلُ عليه إلَّا ونراه مطالِعًا في شيءٍ، وكان حليمًا متحَمِّلًا لجفاءِ الغُرَباءِ) [613] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (21/ 24). .
صلاحُ الدِّينِ الأيوبيُّ
قال ابنُ شَدَّادٍ: (ولقد كانت طرَّاحتُه [614] الطرَّاحة: الوِسادةُ المتَّكَأُ عليها والتي يُجلَسُ عليها؛ لأنَّها تُنبَذُ، أي: تُطرَحُ ليُجلَسَ عليها. يُنظر: ((معجم متن اللغة)) لأحمد رضا (5/ 383). تُداسُ عِندَ التَّزاحُمِ عليه لعَرضِ القِصَصِ وهو لا يتأثَّرُ لذلك، ولقد نفَرَت يومًا بغلتي من الجِمالِ وأنا راكِبٌ في خِدمتِه فزَحَمَت وَرِكَه حتى آلمَتْه وهو يتبَسَّم رحمه اللهُ! ولقد دخَلْتُ بَينَ يَدَيه في يومِ ريحٍ مَطيرٍ إلى القُدسِ الشَّريفِ وهو كثيرُ الوَحلِ، فنضَحَت البَغلةُ عليه من الطِّينِ حتى أتلفَت جميعَ ما كان عليه وهو يتبَسَّمُ! وأردْتُ التَّأخُّرَ عنه بسَبَبِ ذلك فما ترَكَني) [615] ((النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية)) (ص: 63). .

انظر أيضا: