موسوعة الأخلاق والسلوك

د- نماذِجُ في العِزَّةِ عِندَ العُلَماءِ المتقَدِّمين


- قال الخَطيبُ البغداديُّ: (حَدَّثَنا أبو القاسِمِ عليُّ بنُ الحَسَنِ بنِ عَليٍّ أبي عثمانَ الدَّقَّاقُ، وغيرُه: أنَّ المَلِكَ الملَقَّبَ بعَضُدِ الدَّولةِ كان قد بعَث القاضيَ أبا بكرِ ابنَ الباقِلَّانيِّ في رسالةٍ إلى مَلِكِ الرُّومِ، فلمَّا ورد مدينتَه عُرِّف المَلِكُ خَبَرَه، وبُيِّن له محَلُّه من العِلمِ ومَوضِعُه، ففَكَّر المَلِكُ في أمرِه وعَلِم أنَّه لا يَكْفُرُ له إذا دخَل عليه، كما جرى رسمُ الرَّعيَّةِ أن تُقَبِّلَ الأرضَ بَيْنَ يَدَيِ المُلوكِ، ثمَّ نتَجَت له الفِكرةُ أن يَضَعَ سريرَه الذي يجلِسُ عليه وراءَ بابٍ لطيفٍ لا يمكِنُ أحَدًا أن يدخُلَ منه إلَّا راكِعًا؛ ليدخُلَ القاضي منه على تلك الحالِ، فيكونَ عِوضًا من تكفيرِه بَيْنَ يدَيه، فلمَّا وُضِع سريرُه في ذلك الموضِعِ أَمَر بإدخالِ القاضي من البابِ، فسار حتَّى وصل إلى المكانِ، فلمَّا رآه تفكَّر فيه، ثمَّ فَطِن بالقِصَّةِ، فأدار ظَهْرَه، وحنا رأسَه راكعًا، ودخل من البابِ وهو يمشي إلى خَلفِه، وقد استقبَلَ المَلِكَ بدُبُرِه حتى صار بَيْنَ يدَيه! ثمَّ رَفَع رأسَه ونِصفَ ظَهرِه، وأدار وَجهَه حينَئذٍ إلى المَلِكِ، فعَجِبَ مِن فِطنتِه، ووقَعَت له الهَيبةُ في نَفسِه) [6465] ((تاريخ بغداد)) (3/ 365، 366). .

انظر أيضا: