موسوعة الأخلاق والسلوك

و- نَماذِجُ مِن صَبرِ العُلماءِ المُعاصِرينَ


- الشَّيخُ الألبانيُّ وصَبرُه على العِلمِ والتَّعليمِ:
يقولُ أحَدُ تَلامِذةِ الشَّيخِ: (إنَّ الشَّيخَ جَلسَ ليلةً ساهرًا، حتَّى أذَّنَ الفجرُ في المَدينةِ، وهو في نِقاشٍ مَعَ الشَّبابِ، وبَعدَ أداءِ الصَّلاةِ في المَسجِدِ النَّبَويِّ أرادَ الشَّيخُ أن يُسافِرَ إلى مَكَّةَ لأداءِ العُمرةِ، فقُلْنا له: أنت لم تَنَمْ. قال: أجِدُ بي قوَّةً ونَشاطًا. فرَكِبَ السَّيَّارةَ وسافرْنا مَعَه إلى مَكَّةَ وعِندَ السَّاعةِ التَّاسِعةِ صَباحًا تَقريبًا أوقَف السَّيَّارةَ عِندَ ظِلِّ شَجَرةٍ، وقال سأنامُ رُبعَ ساعةٍ فقط، فإنْ لم أستَيقِظْ فأيقِظوني. فضَمَرْنا في أنفُسِنا ألَّا نوقِظَ الشَّيخَ حتَّى يستَريحَ، وبَعدَ رُبعِ ساعةٍ مِنَ الوقتِ استَيقَظَ الشَّيخُ وحدَه، فرَكِبَ السَّيَّارةَ وتوجَّهْنا إلى مَكَّةَ، فأدَّينا العُمرةَ، ثُمَّ ذَهَبْنا إلى بَيتِ صِهرِه... فإذا طَلبةُ العِلمِ ينتَظِرونَ الشَّيخَ، فجَلسَ مَعَهم كما هي عادةُ الشَّيخِ في نِقاشٍ ومُناظَرةٍ إلى ساعةٍ مُتَأخِّرةٍ مِنَ اللَّيلِ دونَ تَعَبٍ) [5661] ((مقالات الألباني)) نور الدين طالب (ص: 218). .
ويقولُ: (ومِمَّا يدُلُّ على صَبرِه وجَلَدِه في طَلَبِ العِلمِ... أنَّ الشَّيخَ ناصِرًا صَعِدَ على السُّلَّمِ في المَكتَبةِ الظَّاهريَّةِ ليأخُذَ كِتابًا مَخطوطًا، فتَناول الكِتابَ وفتحَه، فبَقيَ واقِفًا على السُّلَّمِ يقرَأُ في الكِتابِ لمُدَّةٍ تَزيدُ على السِّتِّ ساعاتٍ!) [5662] ((مقالات الألباني)) نور الدين طالب (ص: 220). .
صبرُ ابنِ بازٍ:
- قَدِم رجُلٌ مُسلِمٌ مِن بلجِيكا وهو مَغربيُّ الأصلِ، قَدِم على سماحةِ الشَّيخِ، فلَمَّا مَثُل أمامَ سماحتِه قال:
يا سماحةَ الشَّيخِ، أنا فلانٌ مِن محبِّيك، وقد جِئتُك مُهدِيًا لك إحدى عَينيَّ، ولقد سألتُ طبيبًا مختَصًّا فقال لي: لا مانِعَ. وسوف أذهَبُ إلى المستشفى، وإلى الطَّبيبِ المختَصِّ لنَزْعِها وإهدائِها لك.
فقال له سماحةُ الشَّيخِ: يا أخي بارَكَ اللهُ لك في عينَيك، ونفَعَك بهما، نحن راضون بما كَتَب اللهُ لنا..
- وفي عام 1418هـ جاء رجُلٌ من السُّودانِ، وأخذ يتجَوَّلُ بَينَ المكاتِبِ في دارِ الإفتاءِ في الرِّياضِ، وهو يقولُ: لم أجِدْ من يتجاوَبُ معي ولا من يُدخِلُني على سماحةِ الشَّيخِ، قال الشَّيخُ محمَّدُ بنُ موسى الموسى: فقُلتُ له: وما تريدُ من سماحتِه؟ فقال: أنا أتيتُ إلى سماحتِه مُهدِيًا إليه إحدى عَينيَّ، أدخِلوني على سماحتِه، فأخَذْتُ بيَدِه وأدخَلْتُه عليه، فلمَّا رآه وسَلَّم عليه قال: يا سماحةَ الشَّيخِ أنا من بلادِ السُّودانِ، جئتُ إليك مُهدِيًا إحدى عَينيَّ، فتفَضَّلْ بقَبولِها وخُذْ إحداها. فشَكَر له سماحةُ الشَّيخِ صَنيعَه ومحبَّتَه، وقال: بارَكْ اللهُ لك في عينيك، نحن راضون بما كَتَب اللهُ لنا [5663] يُنظَر: ((جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله)) لمحمد بن إبراهيم الحمد (ص: 506، 507). .

انظر أيضا: