الموسوعة الحديثية


- دخلتُ أنا وأبي على ابنِ مسعودٍ رضِي اللهُ عنه فقال له أبي : سمِعتَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ : النَّدمُ توبةٌ ؟ قال : نعم
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب | الصفحة أو الرقم : 4/122 | خلاصة حكم المحدث : [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما] | التخريج : أخرجه ابن ماجه (4252)، وأحمد (3568)

الندمُ توبةٌ فقال له أبي أنت سمعتَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ يقولُ الندمُ توبةٌ قال نعم
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه
الصفحة أو الرقم: 3448 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه ابن ماجه (4252) واللفظ له، وأحمد (3568)


اللهُ سُبحانَه هو التَّوَّابُ الرَّحيمُ والغَفورُ الكَريمُ، وقد فتَح بابَ رحمتِه لعِبادِه العاصين مَهما بلَغَتْ ذُنوبُهم.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ التَّابعيُّ عبدُ اللهِ بنُ مَعقِلِ بنِ مُقرِّنٍ: "دخَلْتُ مع أبي على عبدِ اللهِ"، وهو ابنُ مَسعودٍ رَضي اللهُ عنه، "فسَمِعتُه يقولُ: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: النَّدمُ توبَةٌ، فقال له أبي: أنتَ سمِعتَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يقولُ: النَّدمُ توبَةٌ؟"، فقال ابنُ مَسعودٍ رَضي اللهُ عنه: "نعَم"، والمرادُ: أنَّ المذنِبَ ندِمَ على المعصيَةِ؛ لكونِها مَعصيةً، وإلَّا فإذا ندِم عليها مِن جِهةٍ أُخرى كما إذا ندِم على شُربِ الخمْرِ مِن جِهةِ صرْفِ المالِ عليه فليس مِن التَّوبةِ في شيءٍ، والذي يَندَمُ على مَعصيتِه وذنْبِه صدَقَ فيه قولُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "التَّائبُ مِن الذَّنبِ كمَن لا ذنْبَ له"، والمعنى: أنَّ العبدَ إذا أذْنَب ذنْبًا، ثمَّ تاب منه تَوبةً نَصوحًا وأقلَع عنه وندِم واستغفَر ولم يَعُدْ إليه؛ تابَ اللهُ عليه، وعامَله مُعامَلةَ مَن لم يُذنِبْ، بل يُبدِّلُ سيِّئاتِه حسَناتٍ؛ لأنَّه تاب إلى ربِّه وأناب لِمَحبَّتِه للهِ وحِرصِه على رِضاه وخوفِه منه، وتلك صِفاتُ المتَّقين، إذا زال الذَّنبُ زالَتْ عُقوباتُه ومُوجِباتُه، وهذا حُكمٌ عامٌّ لكلِّ تائبٍ مِن ذنْبٍ.
والنَّدمُ على المعصيةِ هو المقصودُ الأعظَمُ للتَّوبةِ، ولكنْ لا يُكتفَى به؛ فإنَّ لقَبولِ التَّوبةِ شروطًا عُرِفتْ مِن استِقراءِ نُصوصِ كتابِ اللهِ تعالى وسنَّةِ رسولِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ومِن تلك الشُّروطِ: أن تكونَ التَّوبةُ خالِصةً لوجهِ اللهِ تعالى، فلا يُرادَ بها الدُّنيا أو مدْحُ النَّاسِ وثناؤُهم، ثمَّ الإقلاعُ عن المعصيةِ، ثمَّ النَّدمُ على فعلِها، مع العزْمِ على عدَمِ العودةِ إليها، ثمَّ إرجاعُ الحُقوقِ إلى أصحابِها، إنْ كانت المعصيةُ حُقوقًا للآخرين، وأن تكونَ التَّوبةُ قبلَ طُلوعِ الشَّمسِ مِن مغرِبِها، وقبلَ حضورِ الموتِ.
ومِن علاماتِ صحَّةِ التَّوبةِ: أن يكونَ العبدُ بعدَ التَّوبةِ خيرًا منه قبلَها؛ فيُكثِرَ مِن عمَلِ الصَّالحاتِ، ومُصاحبَةِ أهلِ الصَّلاحِ، ويحرِصَ على ترْكِ المعاصي والسَّيِّئاتِ، والابتعادُ عن أهلِ الزَّيغِ والانحِرافِ، وأن يكونَ الخوفُ مصاحِبًا له فلا يأمَنَ مِن مَكرِ اللهِ.