- كنَّا إذا جلَسنا من الرَّكعتينِ في الصَّلاةِ لا نَدري ما نقولُ، إلَّا أن نسبِّحَ ونُكبِّرُ ونذكُرُ اللَّهَ، وإنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عُلِّمَ جوامعَ الخيرِ وفواتحَهُ، فأقبلَ علينا بوجهِهِ فقالَ: إذا جلَستُم بينَ الرَّكعتينِ فقولوا: التَّحيَّاتُ للَّهِ، والصَّلواتُ والطَّيِّباتُ، السَّلامُ عليك أيُّها النَّبيُّ ورحمةُ اللَّهِ وبركاتُهُ، السَّلامُ علَينا وعلَى عبادِ اللَّهِ الصَّالحين، أشهدُ أن لا إله إلَّا اللَّهُ وأشهَدُ أنَّ محمَّدا عبدُهُ ورسولُهُ. قال عبدُ اللَّهِ: وإذا قال السَّلامُ علَينا وعلى عبادِ اللَّهِ الصَّالحينَ. فقَد أصابَت كلَّ عبدٍ صالحٍ أو نبيٍّ مرسَلٍ ثمَّ يبدَأُ بالثَّناءِ على اللَّهِ والمِدحةِ له بما هو أهلُهُ وبالصَّلاةِ على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم ثمَّ يسألُ بعدُ
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الذهبي | المصدر : المهذب
الصفحة أو الرقم: 2/594 | خلاصة حكم المحدث : إسناده قوي
قولُه: "والصَّلَواتُ"، قيل: المرادُ: الصَّلواتُ الخُمْسُ، وقيل: العِباداتُ كلُّها، وقيل: الدَّعواتُ، وقيل: الرَّحمةُ، وقيل: التَّحيَّاتُ العِباداتُ القوليَّةُ والصَّلَواتُ العباداتُ الفِعليَّةُ، والطَّيِّباتُ العِباداتُ الماليَّةُ، "والطَّيِّباتُ" قيل: هي ما طابَ مِن الكلامِ، وقيل: ذِكْرُ اللهِ خاصَّةً، وقيل: الأعمالُ الصَّالحةُ عامَّةً، وقولُه: "السَّلامُ عليك أيُّها النَّبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه"، والسَّلامُ بمعنى التحيَّة، أي: نُوجِّهُ إليكَ التحيةَ والسَّلامَ، وقيل: بمعنى السَّلامةِ، أي: سَلِمتَ مِن كُلِّ مكروهٍ، وقيل: بمعنى اسْمِ اللهِ، أي: برَكةُ اسمِ اللهِ عليك، والبركةُ: هي الزِّيادةُ في الخيرِ، "السَّلامُ علينا"، أي: على أنفُسِنا، "وعلى عبادِ اللهِ الصَّالحين"، وهم القائِمون بأمرِ اللهِ وحُقوقِه وحُقوقِ عِبادِه؛ فعَلَّمهم أن يُفْرِدوه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالذِّكْرِ؛ لِشَرفِه ومَزيدِ حقِّه عليهم، ثمَّ علَّمَهم أن يَخُصُّوا أنفُسَهم؛ لأنَّ الاهتمامَ بها أهمُّ، ثمَّ أمَرَهم بتَعميمِ السَّلامِ على الصَّالحين؛ إعلامًا منه بأنَّ الدُّعاءَ للمؤمِنين يَنبَغي أنْ يَكونَ شامِلًا لهم.
وقولُه: "أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ"، وفي روايةٍ بزِيادةِ: "وحْدَه لا شَريكَ له"، فهذه هي الشَّهادةُ للهِ سبحانه بالتَّوحيدِ، وأنَّه لا مَعبودَ بحقٍّ إلَّا هو سبحانَه. وقولُه: "وأشهَدُ أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه"، أي: أُقرُّ بأنَّ مُحمَّدَ بنَ عبدِ اللهِ هو رسولٌ من عندِ اللهِ للناسِ أجمعينَ.
ثم قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "ثمَّ ليَتَخيَّرْ مِن الدُّعاءِ أعْجَبَه إليه"، أي: يتَخيَّرْ ما شاء مِن الأذكارِ والأَدعيةِ بعدَ التشهُّدِ، ويتَحرَّى مِن الأدعيةِ ما ورَد في السُّنَّةِ، وكان مِن دُعاءِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعدَ التَّشهُّدِ وقبلَ السلامِ ما جاء في صحيحِ مُسلمٍ وسنن أبي داود -واللفظ له- عن ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه كان يقولُ بعدَ التشهُّدِ: "اللهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ مِن عذابِ جَهنَّمَ، وأعوذُ بك مِن عذابِ القَبرِ، وأعوذُ بك مِن فِتنةِ الدَّجَّالِ، وأعوذُ بكَ مِن فِتنةِ المحيا والمماتِ" .