الموسوعة الحديثية


- عن عائشةَ أمِّ المؤمنينَ قالتْ لما قسم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سبايا بني المُصطلقِ وقعت جُويريةُ بنتُ الحارثِ في السهمِ لثابتِ بنِ قيسِ بنِ الشَّمَّاسِ أو لابنِ عمٍّ له وكاتبتْه على نفسِها وكانتِ امرأةً حُلوةً مُلَّاحةً لا يراها أحدٌ إلا أخذَتْ بنفْسه فأتتْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ تستعينُه في كتابتِها قالتْ فواللهِ ما هو إلا أن رأيتُها على باب حُجرتِي فكرهتُها وعرفتُ أنه سيرى منها ما رأيتُ فدخلتْ عليه فقالت يا رسولَ اللهِ أنا جُويريةُ بنتُ الحارثِ بنِ أبي ضرارٍ سيدِ قومِه وقد أصابني ما لم يخْفَ عليك فوقعتُ في السَّهم ِلثابتِ بنِ قيسِ بنِ الشَّمَّاسِ أو لابن عمٍّ له فكاتبتُه على نفسي فجئتُك أستعينُك على كتابتي قال فهل لكِ في خيرٍ من ذلك قالتْ وما هوَ يا رسولَ اللهِ قال أَقضِي كتابتَك وأتزوَّجُك قالت نعمْ يا رسولَ اللهِ قال قد فعلتُ قالت وخرج الخبرُ إلى الناسِ أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تزوَّج جُويرِيَةَ بنتَ الحارثِ فقال الناسُ أصهارُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فأرسلُوا ما بأيديهم قالتْ فلقد أُعتِقَ بتزويجِه إياها مائةُ أهلِ بيتٍ من بني المُصطلِقِ فما أعلمُ امرأةً أعظمَ بركةً على قومِها منها
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : إرواء الغليل | الصفحة أو الرقم : 5/37 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن | التخريج : أخرجه أبو داود (3931)، وأحمد (26365) باختلاف يسير

وقعت جويريةُ بنتُ الحارثِ بنِ المصطلقِ في سَهمِ ثابتِ بنِ قيسِ بنِ شمَّاسٍ أوِ ابنِ عمٍّ لَهُ فَكاتبت على نفسِها وَكانتِ امرأةً ملاَّحةً تأخذُها العينُ قالت عائشةُ فجاءت تسألُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في كتابتِها فلمَّا قامت على البابِ فرأيتُها كرِهتُ مَكانَها وعرفتُ أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سيرى منْها مثلَ الَّذي رأيتُ فقالت يا رسولَ اللَّهِ أنا جويريةُ بنتُ الحارثِ وإنَّما كانَ من أمري ما لاَ يخفى عليْكَ وإنِّي وقعتُ في سَهمِ ثابتِ بنِ قيسِ بنِ شمَّاسٍ وإنِّي كاتبتُ على نفسى فجئتُكَ أسألُكَ في كتابتي فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهل لَكِ إلى ما هوَ خيرٌ منْهُ. قالت: وما هوَ يا رسولَ اللَّهِ قالَ: أؤدِّي عنْكِ كتابتَكِ وأتزوَّجُكِ . قالت: قد فعلتُ. قالت: فتسامعَ - تعنى النَّاسَ - أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد تزوَّجَ جويريةَ فأرسلوا ما في أيديهم منَ السَّبيِ فأعتقوهم وقالوا: أصْهارُ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فما رأينا امرأةً كانت أعظمَ برَكةً على قومِها منْها أعتقَ في سببِها مائةُ أَهلِ بيتٍ من بني المصطلقِ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 3931 | خلاصة حكم المحدث : حسن

التخريج : أخرجه أبو داود (3931) واللفظ له، وأحمد (26365)


في هذا الحديثِ تقول أمُّ المؤمنِينَ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "وقَعَت جُوَيرِيَةُ بنتُ الحارِثِ بنِ المُصطَلِقِ"، وهو سيِّدُ قومِه "في سَهْمِ ثابتِ بنِ قيسِ بنِ شَمَّاسٍ"، وهو مِن كِبارِ الصَّحابةِ، بشَّرَه اللهُ بالجنَّةِ، "أوِ ابنِ عمٍّ له- شكٌّ مِن الرَّاوي- فكاتَبَتْ على نَفسِها"، أيِ: اتَّفقَت معَه على جَمعِ تِسْعِ أوَاقٍ مِن ذهَبٍ، فإذا قضَت ما علَيها عَتَقَها، "وكانت امرأةً مَلَّاحةً"، أي: فائقةَ الجمالِ، ذاتَ منظَرٍ حسَنٍ، "تَأخُذُها العَينُ"، أي: تَطمَعُ فيها، قالت عائشةُ رَضِي اللهُ عنها: "فجاءَت تَسأَلُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم في كِتَابتِها"، أي: لِكَي يُساعِدَها فيما كتَبَتْه على نفسِها؛ للوُصولِ إلى العِتقِ، والمكاتبةُ: هي أنْ يتعاقَدَ العبدُ مع سيِّدِه على قدْرٍ مِن المالِ إذا أدَّاه لسيِّدِه صارَ حُرًّا.
قالت: "فلمَّا قامَت على البابِ فرَأَيتُها كَرِهتُ مَكانَها"، خافَت عائشةُ مِن وُقوعِها في نَفْسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، فيَرْغَبُ فيها فيتَزوَّجُها لِحُسنِها وجَمالِها، قالت: "وعَرَفتُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم سيَرى مِنها مِثلَ الَّذي رأيتُ"؛ لأنَّ النِّساء يَعرِفْنَ مَكامِنَ الجمالِ في بَعضِهنَّ البَعضِ، "فقالَت: يا رسولَ اللهِ، أنا جُويرِيَةُ بنتُ الحارثِ"؛ إشارةً إلى أنَّها بنتُ سيِّدِ قومِها، "وإنَّما كان مِن أَمْري ما لا يَخْفى علَيك، وإنِّي وقَعتُ في سَهمِ ثابتِ بنِ قيسِ بنِ شَمَّاسٍ، وإنِّي كاتَبتُ على نَفسِي"، أي: كاتَبَني على ما لا طاقةَ لي به، ولا قُدرَةَ لي عليه، "فجِئتُك أسألُك في كِتابتي"، أي: لِكَي تُعينَني، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "فهَل لك إلى ما هو خيرٌ منه"؟ أي: ممَّا تَسأليني، "قالت: وما هو يا رسولَ اللهِ؟ قال: أُؤدِّي عَنكِ كِتابتَكِ وأتَزوَّجُكِ"، أي: يُؤدِّي كِتابةَ مُكاتَبةِ غَيرِه لِتُعتَقَ بذلك، ويَدفع عنها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ما كاتبَتْ عليه سيِّدَها، ويَكونَ عِتقُها مَهْرَها وتصير زَوجتَه، "قالَت: قد فعَلتُ"، أي: وافقتْ رسولَ اللهِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ على شَرْطِه، "فأدَّى عنها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم مُكاتَبتَها وأعتَقَها وتزوَّجَها.
قالَت: فتَسامَعَ - تَعْني النَّاسَ- أي: انتشَر خبَرُها في النَّاسِ: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم قد تَزوَّج جُويريةَ، "فأرسَلوا ما في أيديهم مِن السَّبيِ، فأعتَقوهم، وقالوا: أصهارُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم"، أي: أعتَقوا ما بأيديهم؛ إكْرامًا لأصهارِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، "فما رأَيْنا امرأةً كانت أعظَمَ برَكةً على قَومِها مِنها؛ أُعتِقَ في سبَبِها مئةُ أهلِ بيتٍ مِن بَني المصطلِقِ".
وفي الحديثِ: وقوعُ الغَيرةِ من أزواجِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّها أمرٌ فطريٌّ ولا يُذمُّ منه إلَّا ما كان فيه مبالغةٌ أو تَسبُّبٌ في إيذاءٍ.
وفيه: بيانُ حُبِّ وتَعظيمِ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم له ولِمَن هو على صِلةٍ به.
وفيه: فضلٌ ومنقبةٌ لجُويريَّةَ بنتِ الحارثِ رضِيَ اللهُ عنها.