الموسوعة الحديثية


- هلاكُ أمَّتي على يدِ غِلمةٍ من قُرَيْشٍ ، قالَ مَرْوانُ : وَهوَ معَنا في الحَلقةِ قبلَ أن يليَ شيئًا ، فلعنةُ اللَّهِ عليهِم ، غِلمةً ، قالَ : وأمَا واللَّهِ لو أشاءُ أقولَ بَنو فُلانٍ وبنو فُلانٍ لفَعلتُ قالَ : فقمتُ أخرجُ أَنا معَ أبي ، وجدِّي إلى مَروانَ بعدما مُلِّكوا ، فإذا هُم يبايِعونَ الصِّبيانَ منهُم ، ومن يبايعُ لَهُ ، وَهوَ في خِرقةٍ قالَ لَنا : هل عسَى أصحابُكُم هؤلاءِ أن يَكونوا الَّذينَ سَمِعْتُ أبا هُرَيْرةَ يذكرُ أنَّ هذِهِ الملوكَ يشبِهُ بَعضُها بعضًا
الراوي : أبو هريرة | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 16/133 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (7058) باختلاف يسير دون قوله: "فقمتُ أخرجُ أَنا معَ أبي ..."، ومسلم (2917) بنحوه

 هَلَكَةُ أُمَّتي علَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِن قُرَيْشٍ. فقالَ مَرْوانُ: لَعْنَةُ اللَّهِ عليهم غِلْمَةً. فقالَ أبو هُرَيْرَةَ: لوْ شِئْتُ أنْ أقُولَ: بَنِي فُلانٍ، وبَنِي فُلانٍ، لَفَعَلْتُ. فَكُنْتُ أخْرُجُ مع جَدِّي إلى بَنِي مَرْوانَ حِينَ مُلِّكُوا بالشَّأْمِ، فإذا رَآهُمْ غِلْمانًا أحْداثًا، قالَ لنا: عَسَى هَؤُلاءِ أنْ يَكونُوا منهمْ؟ قُلْنا: أنْتَ أعْلَمُ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 7058 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه البخاري (7058) واللفظ له، ومسلم (2917)


كان الحُكمُ بعد رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خلافةً راشِدةً، ثمَّ تحوَّل بعد الخليفةِ معاويةَ بنِ أبي سفيانَ رَضِيَ اللهُ عنه مُلكًا يُورَّثُ لِمن يخَلِّفُه من الأبناءِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو هُرَيْرةَ رَضِيَ اللهَ عنه عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنَّ هلاكَ أمَّةِ الإسلامِ سيقَعُ بَعْدَه، ويكونُ ذلك بالفِتَنِ والاقتِتال الَّذِي جَرَى بيْن المسلمين، والاستِئْثارِ بالمالِ والحُكمِ بغيرِ حَقٍّ، وقيل: لم يُرِدْ بالأمَّةِ جميعَ أمَّتِه من أوَّلِها إلى آخِرِها، بل من كان موجودًا من أمَّتِه في ذلك الزَّمانِ المذكورِ، وسيكونُ هذا الهلاكُ «على يَدَيْ غِلْمَةٍ مِن قُرَيْشٍ»، أي: يكونون أُمراءَ ويَصِلون إلى المُلْكِ والسُّلطانِ عَنوةً واقتدارًا، فيَظلِمون ويتجَبَّرون، أو أنهم يُهلِكون النَّاسَ بسَبَبِ طَلَبِهم المُلْكَ، والقِتالِ لأجْلِه، فتَفسُدُ أحوالُ النَّاسِ.
وغِلْمةٌ جمْعُ قِلَّةٍ لغُلامٍ، وهو الشَّابُّ الَّذِي ظهَرَ شارِبُه، وهذا للدَّلالةِ على سَفاهَةِ عُقولِهم وحَداثةِ أسنانِهم، وأنهم لا خِبرةَ لهم، ولا جرَّبوا الأمورَ، ولا لهم محافَظةٌ على أمورِ الدِّينِ، وإنما تصَرُّفُهم على مقتضى غَلَبةِ الأهواء، وحِدَّةِ الشَّبابِ، وقد يُطلَقُ الصَّبيُّ والغُلَيِّم -بالتصغير- على ضَعيفِ العَقلِ والتدبيرِ والدِّينِ، ولو كان محتَلِمًا بالغًا.
فلمَّا سمع مَرْوَانُ بنُ الحَكَمِ بنِ أبي العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ والي المدينةِ في زَمَنِ خلافةِ مُعاويةَ بنِ أبي سُفيانَ رَضِيَ اللهُ عنه، دعا على هؤلاء الذين سيَحدُثُ على أيديهم ذلك، فقال: «لَعْنَةُ اللهِ عليهِم غِلْمَةً»، واللَّعنُ هو الدُّعاءُ بالطَّردِ مِن رَحمةِ اللهِ، فقال له أبو هُرَيْرةَ: «لو شِئتُ أنْ أقولَ: بَنِي فُلانٍ، وبَنِي فُلانٍ، لفَعَلْتُ»، كأنَّ أبا هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه كان يَعرِفُ أسماءَهم وصفاتِهم ولكِنَّه لم يَذكُرْهم؛ خوْفًا على نفْسِه، حيث خَشِي أنْ يَقتُلَه أهْلُ الجَورِ إذا سَمِعوا عَيْبَه لفِعلِهم وتَضْليلَه لسَعيهم، أو خوفًا من الفتنةِ التي يمكِنُ أن تقَعَ إذا ذكرهم، ولم تكُنْ هذه الأحاديثُ مِن الأحكامِ الشَّرعيَّةِ التي لا يَسَعُ المرءَ كِتمانُها.
فقال عَمْرُو بنُ يَحْيَى بنِ سَعيدِ بنِ عَمْرِو بنِ سَعيدِ بنِ العاصِي بنِ أُمَيَّةَ: «فكُنتُ أخرُجُ مع جَدِّي» سعيدِ بنِ عَمرٍو، إلى بَنِي مَرْوَانَ حينَ مَلَكُوا بالشَّأْمِ وغيرِها لَمَّا وَلُوا الخلافةَ، وإنما خُصَّت الشَّامُ بالذِّكرِ؛ لأنها كانت مساكِنَهم من عَهدِ مُعاويةَ رَضِيَ اللهُ عنه، وكان أوَّلُهم: مَرْوَانَ بنَ الحَكَمِ نفْسَه، وكان سَعيدُ بنُ عَمْرٍو إذا رأى الأمراءَ غِلمانًا صِغارَ السِّنِّ، قال لِمَن حَولَه: «عَسَى هؤلاءِ أنْ يَكُونُوا منهم؟» فيقولُ أولادُه وأتباعُه مِمَّن سَمِع منه ذلك: «أنتَ أعلَمُ»، وهذا مُشعِرٌ بأنَّ هذا القَولَ صدر منه في أواخِرِ دَولةِ بني مروانَ، بحيث يمكِنُ لعَمرِو بنِ يحيى أن يسمَعَ ذلك منه، وقد بَقِيَ سعيدُ بنُ عَمرٍو إلى أن وَفد على الوليدِ بنِ يزيدَ بنِ عبدِ المَلِكِ، وذلك قُبَيلَ الثلاثينَ ومائةٍ.
وفي الحَديثِ: علامةٌ مِن عَلاماتِ نبُوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.