الموسوعة الحديثية


- كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُجاورُ في العَشْرِ الَّذي في وسَطِ الشَّهرِ فإذا كان مِن حينِ يمضي عشرونَ ليلةً ويستقبِلُ إحدى وعشرينَ لم يرجِعْ إلى مسكنِه ورجَع مَن كان يُجاورُ معه ثمَّ إنَّه أقام في شهرٍ جاوَر فيه حتَّى كان تلك اللَّيلةُ الَّتي يرجِعُ فيها - فخطَب النَّاسَ وأمَرهم بما شاء اللهُ ثمَّ قال: ( إنِّي كُنْتُ أُجاوِرُ هذه العَشْرَ ثمَّ بدا لي أنْ أُجاوِرَ هذه العَشْرَ الأواخرَ ومَن كان اعتكَف معي فليلبَثْ في معتكَفِه وقد أُريتُ هذه اللَّيلةَ فأُنسيتُها فالتمِسوها في العَشْرِ الأواخرِ في كلِّ وِتْرٍ وقد رأَيْتُني أسجُدُ في ماءٍ وطينٍ ) قال أبو سعيدٍ الخدريُّ: فنظَرْنا ليلةَ إحدى وعشرينَ فوكَف المسجدُ في مصلَّى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فنظَرْتُ إليه وقد انصرَف مِن صلاةِ الصُّبحِ ووجهُه ممتلئٌ طينًا وماءً
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 3674 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه

أَلَا تَخْرُجُ بنَا إلى النَّخْلِ نَتَحَدَّثُ، فَخَرَجَ، فَقالَ: قُلتُ: حَدِّثْنِي ما سَمِعْتَ مِنَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في لَيْلَةِ القَدْرِ، قالَ: اعْتَكَفَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَشْرَ الأُوَلِ مِن رَمَضَانَ واعْتَكَفْنَا معهُ، فأتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقالَ: إنَّ الذي تَطْلُبُ أمَامَكَ، فَاعْتَكَفَ العَشْرَ الأوْسَطَ، فَاعْتَكَفْنَا معهُ فأتَاهُ جِبْرِيلُ فَقالَ: إنَّ الذي تَطْلُبُ أمَامَكَ، فَقَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَطِيبًا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ مِن رَمَضَانَ فَقالَ: مَن كانَ اعْتَكَفَ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلْيَرْجِعْ، فإنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، وإنِّي نُسِّيتُهَا، وإنَّهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، في وِتْرٍ، وإنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي أسْجُدُ في طِينٍ ومَاءٍ وكانَ سَقْفُ المَسْجِدِ جَرِيدَ النَّخْلِ، وما نَرَى في السَّمَاءِ شيئًا، فَجَاءَتْ قَزَعَةٌ، فَأُمْطِرْنَا، فَصَلَّى بنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى رَأَيْتُ أثَرَ الطِّينِ والمَاءِ علَى جَبْهَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَرْنَبَتِهِ تَصْدِيقَ رُؤْيَاهُ.
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 813 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه مسلم (1167) باختلاف يسير


شَهرُ رمَضانَ هو أعظَمُ الشُّهورِ عندَ اللهِ تعالَى، وأعظمُ اللَّيالي فيه لَيلةُ القَدْرِ؛ لذا اجتَهَدَ الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهم في تَحرِّيها ومُحاوَلةِ تَحديدِها؛ فكثُرَتِ الرِّواياتُ في تَحديدِ تِلك اللَّيلةِ، ومِن هذِه الرِّواياتِ هذا الحَديثُ، وفيه يَحكي التابعيُّ أبو سَلَمةَ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ عَوفٍ أنَّه ذهَبَ إلى أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضيَ اللهُ عنه، فطلَبَ منه أنْ يَذهَبَ معه إلى أرضٍ بها نَخلٌ، وسَأَلَه أنْ يَذكُرَ له ما سَمِعَ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في تَحديدِ مَوعدِ لَيلةِ القدْرِ، فذَكَر له أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَنةٍ مِن السِّنينَ اعتكَفَ العَشْرَ الأُوَلَ مِن رمَضانَ، فجاءَه جِبريلُ بعدَ ذلك قائلًا: إنَّ لَيلةَ القدرِ التي تَسْعى إليها فيما سيَأتي مِن اللَّيالي، فاعتكَفَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العَشْرَ الأوْسَطَ واعتكَفَ معه الصَّحابةُ، وفي صَبيحةِ عِشرينَ مِن رَمضانَ جاءه جِبريلُ ثانيةً وقال له مِثلَ ما قال أوَّلًا، يَقصِدُ العشْرَ الأواخِرَ مِن الشَّهرِ، فخَطَبَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أصحابِه: أنَّ مَن اعتكَفَ العَشْرَ الأُوَلَ أو الأوسطَ وترَكَ المسجدَ، فلْيَرجِعْ؛ فإنِّي أُعلِمْتُ لَيلةَ القدرِ، أو أُعْلِمْتُ وَقتَه، وكان جِبريلُ عليه السَّلامُ قد أعْلَمه بتَعيينِها في تلك السَّنَةِ، ولكنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعلَمَ أصحابَه بنِسيانِها، إلَّا أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جزَمَ بأنَّها في العَشرِ الأواخرِ، في لَيلةٍ وِتْرٍ، وهيَ: الحادِيةُ والعِشرونَ، والثالثةُ والعِشرونَ، والخامِسةُ والعِشرونَ، والسَّابعةُ والعِشرونَ، والتاسعة والعِشرونَ مِنَ العَشرِ الأَواخِرِ مِن رَمضانَ.وقد أخبَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَلامةِ تلك اللَّيلةِ في هذه السَّنةِ مِن رُؤيةٍ رَآها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ورُؤيا الأنبياءِ حَقٌّ، وهي أنَّه يَسجُدُ في ماءٍ وطِينٍ. وقال أبو سعيدٍ: وكان سَقفُ مَسجدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن جَريدِ النَّخلِ، ولا يَظهَرُ في السَّماءِ شَيءٌ يُنبِئُ بأنَّ السَّماءَ ستُمطِرُ، وظَهَرَتْ قَزَعَةٌ، وهي قِطَعٌ مِن السَّحابِ رَقيقةٌ، فنزَلَ المطَرُ، وصلَّى المُسلِمون، وتَحقَّقَتْ رُؤيا النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنْ سجَدَ في ماءٍ وطِينٍ، وظَهَر أثَرُ الطِّينِ على جَبهةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَرْنَبَتِه، وهي طَرَفُ أنْفِه، وكان ذلك صَبيحةَ عِشرينَ، وهي لَيلةُ الحادي والعشرين، كما في رِوايةِ الصَّحيحَينِ، فصَدَقَت رُؤيا النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.وفي الحديثِ: الحثُّ على تَحرِّي لَيلةِ القَدْرِ واغتنامِها بالأعمالِ الصَّالحةِ؛ لِمَا فيها مِن زِيادةِ الفَضلِ والأَجرِ.وفيه: الحثُّ على الاعتِكافِ في رَمضانَ.وفيه: ثُبوتُ السُّجودِ على الجَبْهةِ والأنْفِ.