الموسوعة الحديثية


- سيَكونُ في أمَّتي اختلافٌ وفُرقةٌ قومٌ يحسِنونَ القيلَ ويسيئونَ الفعلَ يقرؤون القرآنَ لا يجاوزُ تراقِيَهم يمرُقونَ منَ الدِّينِ مروقَ السَّهمِ من الرَّميَّةِ لا يرجِعونَ حتَّى يرتدَّ السَّهمُ على فُوقِه هم شرُّ الخلقِ والخليقةِ طوبى لمن قتلَهم وقتلوهُ يدعونَ إلى كتابِ اللَّهِ وليسوا منَّا في شيءٍ من قاتلَهم كانَ أولى باللَّهِ منهم قالوا يا رسولَ اللَّهِ ما سيماهم قالَ التَّحليقُ
الراوي : أبو سعيد الخدري وأنس بن مالك | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : هداية الرواة | الصفحة أو الرقم : 3/406 | خلاصة حكم المحدث : [حسن كما قال في المقدمة]

سيكونُ في أُمتي اختلافٌ وفرقةٌ، قومٌ يُحسنون القيلَ ويُسيئونَ الفعلَ، يقرأونَ القرآنَ لا يجاوزُ تراقِيهم، يمرُقون من الدينِ مروقَ السهمِ منَ الرَّميَّةِ، لا يرجعونَ حتى يرتدَّ على فُوقِهِ، هم شرُّ الخلقِ والخليقةِ، طوبى لمنْ قتلهمْ وقتلوهُ، يدعونَ إلى كتابِ اللهِ وليسوا منه في شيءٍ، مَن قاتلهمْ كان أولى باللهِ منهمْ . قالوا : يارسولَ اللهِ، ما سيماهُم ؟ قال : التحليقُ
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 4765 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

ذَكَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه سيَخْرُجُ بَعْدَه خَوارجُ يُقاتِلونَ أَهْلَ الإسلامِ، وذَكَرَ صِفاتِهم وعلاماتِهم، وقد وَقَعَ ذلك في عَهْدِ الخَليفةِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "سيَكونُ في أُمَّتي اختِلافٌ وفِرَقٌ"، أي: ستَخْتَلِفُ أُمَّةُ الإسلامِ وتَنْقَسِمُ إلى فِرَقٍ وجماعاتٍ؛ "قومٌ"، أي: مِنْهم فِرَقٌ مِن علاماتِهم، "يُحْسِنونَ القيلَ ويُسيئونَ الفِعْلَ"، أي: كلامُهم أَفْضَلُ مِن فِعالِهم فيَقولونَ ما لا يَفْعلونَ، "يَقرَؤونَ القُرآنَ لا يُجاوِزُ تَراقِيَهم"، أي: يقرَؤونَ القرآنَ فلا يتَدبَّرونَ آياتِه ولا يتفَكَّرونَ في مَعانيه، فلا تَصِلُ إلى قُلوبِهم بالتَّدبُّرِ والخُشوعِ، ولا تَصْعَدُ إلى السَّماءِ، فلا يَكونُ لهم بها أجرٌ ولا ثوابٌ، والتَّرْقُوةُ: العَظْمُ البارِزُ أعلى الصَّدْرِ مِنْ أوَّلِ الكَتِفِ إلى أَسْفَلِ العُنُقِ، "يَمرُقونَ مِن الدِّينِ مُروقَ السَّهمِ مِنَ الرَّميَّةِ، لا يَرْجِعونَ حتَّى يَرْتَدَّ على فُوقِه"، أي: يَخْرجونَ مِنْ مِلَّةِ الإسلامِ سريعًا، ولا يتعَلَّقونَ مِنْه بشَيءٍ، مِثْلَ السَّهْمِ القويِّ السَّريعِ الَّذي يَنْفُذُ في الصَّيدِ ومِنْ قُوَّتِه وسُرْعتِه لا يكونُ فيه أثرٌ مِنْ دَمٍ أو لَحْمٍ، "هم شَرُّ الخَلْقِ والخَليقةِ"، قيل: إنَّ المُرادَ بالخَلْقِ هو البَشَرُ، والخليقةُ: البهائمُ، وقيل: هما بمعنًى واحدٍ فيكون هذا كِنايةً عن جَميعِ الخلائقِ.
ثمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "طُوبى لِمَنْ قَتَلَهم وقَتَلوه"، أي: الجَنَّةُ لِمَنْ حارَبَهم فقَتَلَهم، أو قَتَلوه؛ "يَدْعونَ إلى كتابِ اللهِ ولَيْسوا مِنْه في شيءٍ، مَنْ قاتَلَهم كان أَوْلى باللهِ مِنْهُم"؛ وذلك لأنَّهم لم يَفْهَموا حَقيقةَ ما يَدْعونَ إليه مِن القرآنِ، ولو عَلِموا لَمَا خرَجوا على صَحابةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال الصَّحابَةُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "يا رسولَ اللهِ، ما سِيماهُمْ؟"، أي: ما عَلامتُهم؟ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "التَّحْليقُ"، أي: حَلْقُ شَعْرِ الرَّأسِ، وذلك دليلٌ على زُهدِهم في زِينةِ الدُّنيا.
وفي روايةٍ قال: "سِيماهمُ التَّحْليقُ والتَّسبيدُ"، والمُرادُ بالتَّسبيدِ: هو اسْتِئصالُه مِن جُذورِه، "فإذا رأَيتُموهُم"، أي: ظَهَروا فيكم، "فأَنِيموهُم"، أي: فاقْتُلوهُم.
وفي الحديثِ: عَلَمٌ مِن أعلامِ النُّبوَّةِ.
وفيه: الحثُّ على قِتالِ الخَوارجِ، وبيانُ فَضْلِ قِتالِهم، وفَضلِ مَن قتَلَهم وقَتَلوه.