الموسوعة الحديثية


- خطبَنا ابنُ عباسٍ في يومٍ ذي رَدغٍ فلمَّا بلغَ المؤذنُ حيَّ على الصلاةِ أمرَهُ أن يُناديَ الصلاةُ في الرحالِ فنظرَ القومُ بعضُهمْ إلى بعضٍ ، فقال لهم : كأنَّكُمْ أنكرْتُمْ هذا ! قد فعلَ هذا من هو خيرٌ منِّي ، وإنَّها لعزيمةٌ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : ابن حزم | المصدر : المحلى | الصفحة أو الرقم : 3/162 | خلاصة حكم المحدث : احتج به ، وقال في المقدمة: (لم نحتج إلا بخبر صحيح من رواية الثقات مسند) | التخريج : أخرجه البخاري (668)، ومسلم (699)، وابن حزم في ((المحلى)) (3/162) واللفظ له

خَطَبَنَا ابنُ عَبَّاسٍ في يَومٍ رَدْغٍ، فَلَمَّا بَلَغَ المُؤَذِّنُ حَيَّ علَى الصَّلَاةِ، فأمَرَهُ أنْ يُنَادِيَ الصَّلَاةُ في الرِّحَالِ، فَنَظَرَ القَوْمُ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ، فَقالَ: فَعَلَ هذا مَن هو خَيْرٌ منه وإنَّهَا عَزْمَةٌ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 616 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه البخاري (616)، ومسلم (699)


شريعةُ الإسلامِ شريعةٌ سمْحةٌ مُيسَّرةٌ، ومِن مظاهِرِ ذلك: أنَّه مع أهمِّيَّةِ صَلاةِ الجماعةِ في المسجدِ فإنَّها راعَتْ ظُروفَ النَّاسِ في بَعضِ الأوقاتِ الحرِجةِ الَّتي يكونُ الذَّهابُ فيها إلى المسجِدِ صَعبًا؛ مثلُ وُجودِ ريحٍ أو مطَرٍ أو خَوفٍ، أو غيرِ ذلك.وفي هذا الحديثِ يخبِرُ التابعيُّ عبدُ الله بنُ الحارثِ أنَّه لَمَّا كان ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما يخطُبُ بالمُسلِمين في يومٍ رَدْغٍ، أي: في يومٍ كثُر فيه الطِّينُ والوحَلُ بسببِ المطرِ، أمَر المُؤذِّنَ أن يقولَ عندَ وُصولِه لقولِ: حَيَّ على الصَّلاةِ: الصَّلاةُ في الرِّحالِ، والمرادُ بها: البيوتُ والمنازلُ، وفي هذا النِّداءِ بتلك الصِّيغةِ رُخصةٌ في الصَّلاةِ في البيوتِ، وتَركِ الجماعةِ؛ حتَّى لا يقَعَ على أحدٍ مشَقَّةٌ عندَ حُضورِه للمَسجِدِ؛ فلمَّا أمَره بذلك راجَعه الحاضرون في فِعلِه هذا، ونظَر بعضُهم إلى بعضٍ مُنكِرينَ ذلك؛ لأنَّهم لم يَعهَدوا مِثلَ تلك الرُّخصةِ مِن قَبْلُ مع أحدٍ غيرِه مِن الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم جميعًا، فلمَّا رأى ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما ذلك منهم، قال: فعَلَ هذا مَن هو خيرٌ منِّي، يَقصِدُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فبيَّن لهم رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لم يُحْدِثْ شَيئًا في الأذانِ، ولم يَزِدْ عليه، وأنَّ ما أمَرَ به المُؤذِّنَ قد فعَله النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فدلَّ هذا على أنَّ للمُؤذِّنِ في يَومِ المطرِ والوحَلِ أن يقولَ في الأذانِ: صَلُّوا في رحالِكم؛ حتَّى يُبيِّنَ للنَّاسِ مشروعيَّةَ الصَّلاةِ في البَيتِ في يَومِ المطرِ والوحَلِ، وهذا معنَى قَولِ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: وإنَّها عَزْمةٌ، أي: إنَّ صلاةَ الجُمعةِ واجبةٌ، وقال في الرِّوايةِ الأخرى: إنَّ الجُمعةَ عَزْمةٌ، وإنِّي كرِهْتُ أن أُحرِجَكم فتَمْشوا في الطِّينِ؛ لأنَّهم سيَثقُلُ على نفوسِهم التَّخلُّفُ عن الجمعةِ، فيتحمَّلون مشَقَّةَ السَّيرِ في الطِّينِ؛ ولذلك أمَر المُؤذِّنَ أن يَقولَ: صَلُّوا في رحالِكم؛ لِيَعْلَموا مشروعيَّةَ ذلك، ويرفَعَ الحرَجَ عنهم.وفي الحديثِ: يُسْرُ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ، ورفْعُ الحرَجِ والمشقَّةِ عن المُسلِمينَ بالترخيصِ في التَّخلُّفِ عن الجَماعةِ في المطرِ والبَردِ والكَوارِثِ.وفيه: عِلمُ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، وحِرصُه على اتِّباعِ سُنَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.