الموسوعة الحديثية


- إذا خلصَ المؤمنونَ منَ النَّارِ يحبسونَ بقنطرةٍ، نحوَهُ .قالَ أبو بَكرٍ: والأخبارُ الَّتي حواها كتابُنا هذا من ذِكرِ الخارجينَ منَ النَّارِ بعدَ كونِهم فيها وما نالَهم من أليمِ عذابِ خالقِهم بقَدرِ ما استحقُّوا ثم بجيره لعله يُجيرُ الرَّؤوفُ بفضلِ رحمتِهِ . أخبارٌ ثابتةٌ توجبُ العِلمَ والإيمانَ بصحَّةِ ما أدَّت والتَّصديقَ بِهِ وإلى الَّذي منَّ علَينا بالإيمانِ والتَّصديقِ بِهِ ووفَّقنا لَهُ نبتَهلُ أن يجعلَنا منَ المتَّقينَ الَّذينَ يُنجِّيهم منْها بطَولِهِ وَمنِّهِ فإن أدخلَناها بِجُرمِنا الَّذي استحقَقنا بِهِ دخولَها أن يجعَلَنا مِمَّن تدرِكُهُ رحمتُهُ فيُخرجُهُ منْها ولا يجعَلُنا قُرَناءَ شياطينِها ولا الكُفَّارِ بهِ الجاحدينَ لَهُ .
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : الألباني | المصدر : تخريج كتاب السنة | الصفحة أو الرقم : 858 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين | التخريج : أخرجه النسائي (5010)، وابن ماجه (60)، وأحمد (11917)، وابن نصر المروزي في ((تعظيم قدر الصلاة)) (276) بنحوه.

عَنْ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: إذَا خَلَصَ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا بقَنْطَرَةٍ بيْنَ الجَنَّةِ والنَّارِ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بيْنَهُمْ في الدُّنْيَا، حتَّى إذَا نُقُّوا وهُذِّبُوا أُذِنَ لهمْ بدُخُولِ الجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ بمَسْكَنِهِ في الجَنَّةِ أدَلُّ بمَنْزِلِهِ كانَ في الدُّنْيَا.
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2440 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

حَرَّم اللهُ تعالَى الظُّلمَ على نفْسِه، وجَعَلَه مُحرَّمًا بيْن عِبادِه، وتَوعَّدَ الظَّالِمين بالقِصاصِ منهم والعَذابِ، فإنْ أَفْلَتَ الظَّالِمُ في الدُّنيا بظُلمِه، فلا مَفَرَّ له يَومَ القِيامةِ ولا مَلْجَأَ له مِن اللهِ، حَيْثُ لا يَنفَعُ مالٌ ولا بَنُونَ.
وفي هذا الحديثِ مَشْهَدٌ مِن مَشاهِدِ يومِ القِيامَةِ المَهُولةِ العَظِيمةِ، حَيثُ يُحبَسُ المؤمِنون بعْدَ أنْ يَتجاوَزوا الصِّراطَ ويُنَجِّيَهم اللهُ تعالَى بفضْلِه ورَحمتِه مِن النَّارِ، فتُوقِفُهم الملائكةُ على قَنْطَرَةٍ أو جِسْرٍ بيْن الجنَّةِ والنَّارِ، فيَقْتَصُّ المَظلومُ مِن ظالِمِه حَقَّه الَّذي اعتَدَى عليه في الدُّنيا، وهذه المُقاصَّةُ هي لقَومٍ دونَ قومٍ، وهمْ مَن لا تَستغرِقُ مَظالِمُهم جَميعَ حَسَناتِهم؛ لأنَّه لو استَغرَقَت جَميعَها لَكانوا ممَّن وَجَبَ لهم العذابُ، ولَما جازَ أنْ يُقالَ فيهم: خَلَصوا مِن النَّارِ. فمَن كانت مَظلِمتُه أكثَرَ مِن مَظلِمةِ أخيهِ، أُخِذَ مِن حَسَناتِه، فيَدْخُلون الجنَّةَ، ويَقتطِعون فيها المنازلَ على قدْرِ ما بَقيَ لكلِّ واحدٍ منْهم مِن الحَسَناتِ، فلهذا يَتقاصُّون بالحَسَناتِ بعْدَ خَلاصِهم مِن النَّارِ -واللهُ أعلَمُ-؛ لأنَّ أحدًا لا يَدخُلُ الجنَّةَ ولأحدٍ عليه تَبِعةٌ. حتَّى إذا طُهِّروا وتَخلَّصوا مِن حُقوقِ النَّاسِ أُدْخِلوا الجنَّةَ، ويُقسِمُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّهم أعرَفُ بمَنازِلِهم في الجنَّةِ مِن أهْلِ الدُّنيا بمَنازلِهم، وقدْ عَرَفوا مَنازِلَهم في الجنَّةِ بتَكريرِ عَرْضِها عليهم بالغَداةِ والعَشيِّ وهمْ في قُبورِهم، كما في الحديثِ المُتَّفَقِ عليه مِن حَديثِ ابنِ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما، وفيه: «إِنَّ أحَدَكُم إذا ماتَ عُرِضَ عَليْه مَقْعَدُه بالغَداةِ والعَشِيِّ، إنْ كان مِن أهْلِ الجَنَّةِ فمِنْ أهْلِ الجَنَّةِ، وإنْ كان مِن أهْلِ النَّارِ فمِنْ أهْلِ النَّارِ، يُقالُ: هذا مَقعَدُكَ، حتَّى يَبْعَثَكَ اللهُ إلَيهِ يَومَ القِيَامةِ».
وفي الحديثِ: التَّحذِيرُ مِن المَظالِمِ، والتَّأْكِيدُ على أنَّه ما مِن حَقٍّ إلَّا سَيرجِعُ لِصاحِبِه يومَ القِيامَةِ.