الموسوعة الحديثية


- لمَّا خلق اللهُ الجنةَ والنارَ ، أَرسَلَ جِبرائيلَ إلى الجنةِ ، فقال : اذهبْ فانظرْ إليها وإلى ما أعددتُ إلى أهلِها فيها ، فذهب فنظر إليها وإلى ما أَعدَّ اللهُ لأهلِها فيها ، فرجَع فقال : وعِزَّتِك ، لا يَسْمَعُ بها أَحَدٌ إلا دَخَلَها ، فأَمَرَ بالجنةِ ، فَحُفَّتْ بالمَكارِهِ ، فقال : ارجِعْ فانظرْ إليها ، وإلى ما أعددتُ لأهلِها فيها ، قال : فنظر إليها ، ثم رجع فقال : وعَزَّتِك ، لَقَدْ خَشِيتُ أن لا يَدْخُلَها أَحَدٌ ، قال : ثم أرسَلَه إلى النارِ ، قال : اذهبْ انظرْ إليها وإلى ما أعددتُ لأهلِها فيها ، قال : فنظر إليها ، فإذا هي يَرْكَبُ بعضُها بعضًا ، ثم رجع فقال : وعَزَّتك لا يدخلُها أَحَدٌ سمِع بها ، فَأَمَرَ بها فَحُفَّتْ بالشَّهَواتِ ، ثم قال : اذهبْ فانظرْ إلى ما أعددتُ لأهلِها فيها ، فذهب فنظر إليها ، فرجع فقال : وعَزَّتِك ، لَقَدْ خَشِيتُ أنْ لا يَنْجُوَ منها أَحَدٌ إلا دَخَلَها
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : شرح الطحاوية | الصفحة أو الرقم : 422 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (4744)، والترمذي (2560)، والنسائي (3763)، وأحمد (8648)

لما خلقَ اللهُ الجنةَ قال لجبريلَ: اذهبْ فانظرْ إليها ، فذهبَ فنظرَ إليها ثم جاء فقال: أيْ ربِّ وعزتِك لا يسمعُ بها أحدٌ إلا دخلَها ، ثم حفَّها بالمكارِهِ ، ثم قال: يا جبريلُ اذهبْ فانظرْ إليها ، فذهبَ فنظرَ إليها ، ثم جاء فقال: أيْ ربِّ وعزتِك لقد خشيتُ أن لا يدخلَها أحدٌ , قال: فلما خلقَ اللهُ النارَ قال: يا جبريلُ اذهبْ فانظرْ إليها ، فذهبَ فنظرَ إليها ، ثم جاء فقال: أيْ ربِّ وعزتِك لا يسمعُ بها أحدٌ فيدخلُها ، فحفَّها بالشهواتِ ثم قال: يا جبريلُ اذهبْ فانظرْ إليها ، فذهبَ فنظرَ إليها ، ثم جاء فقال: أيْ ربِّ وعزتِك لقد خشيتُ أن لا يبقَى أحدٌ إلا دخلَها.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 4744 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح

التخريج : أخرجه أبو داود (4744) واللفظ له، والترمذي (2560)، والنسائي (3763)، وأحمد (8648)


جعَلَ الله عزَّ وجلَّ الجنَّةَ جزاءً للمُؤمنينَ الصَّابرينَ، وجعَلَ النارَ جزاءً للكافرينَ والعاصِينَ، وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "لمَّا خلقَ اللهُ الجنَّةَ قالَ لجِبريلَ: اذْهبْ فانظُر إليهَا"، أي: بِنظرةِ الاعتِبارِ والعِلمِ بما فيها، "فذهبَ فنَظرَ إلَيْها ثمَّ جاءَ"، أي: رَجعَ إلى مَقامِه الذي يُكلِّم فيهِ اللهَ عزَّ وجلَّ، فقالَ جِبريلُ عليهِ السلامُ: "أي رَبِّ، وعِزَّتِك لا يَسمعُ بها أحدٌ إلَّا دخَلَها"، أي: لا يَسمعُ بما فيها مِن النَّعيمِ وما أعدَّ اللهُ فيها مِن المكارمِ والخيراتِ إلَّا أحبَّ أن يَدخُلَها، وعَمِلَ مِن أجلِها، "ثمَّ حفَّها بالمكارِهِ"، أي: أحاطَها اللهُ بالمكارِهِ والشدائدِ والصُّعوباتِ، وهذا كِنايةٌ عن الأوامرِ والنواهي؛ فعلَى مَن أرادَ دخولَها أن يَجتازَ تلكَ المكارِهَ بالامتِثالِ لتلكَ الأوامرِ والنواهي.
ثم قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: "يا جِبريلُ، اذهَبْ فانظُرْ إلَيها؛ فذَهبَ فنظَرَ إلَيها، ثم جاءَ" فقالَ جِبريلُ: "أيْ رَبِّ، وعِزَّتكَ لقدْ خَشِيتُ ألَّا يدخُلَها أحدٌ"، أي: أخافُ ألَّا يدخُلَها أحدٌ بسببِ الصُّعوباتِ والشدائدِ التي في طريقِها والابتلاءاتِ التي يُبتلى بها السَّائرُ إليها.
قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "فلمَّا خلقَ اللهُ النارَ، قالَ: يا جِبريلُ، اذهَبْ فانظُرْ إلَيها"، أي: مِثلَ نظره إلى الجنَّةِ ليعرفَ ويرى، "فذهَبَ فنظَرَ إلَيها، ثم جاءَ" فقالَ جِبريلُ عليهِ السلامُ: "أي رَبِّ، وعِزَّتكَ لا يَسمعُ بها أحدٌ فيدخُلُها"، أي: لا يَسمعُ أحدٌ بما فيها مِن العذابِ والكُروبِ والتَّنكيلِ إلا كرِهَ أن يدخُلَها وابتعدَ عن مُسبِّباتِها، "فحَفَّها"، أي: حفَّ اللهُ عزَّ وجلَّ النارَ وجعَلَ السَّبيلَ إليها، "بالشَّهواتِ"، أي: أحاطَها اللهُ بالرَّغَباتِ والملَّذاتِ، ثم قالَ: "يا جِبريلُ، اذهَبْ فانظرْ إلَيها، فذهَبَ فنظرَ إلَيها، ثم جاءَ" فقالَ جِبْريلُ عليه السَّلامُ: "أي ربِّ، وعِزَّتكَ لقدْ خشِيتُ ألَّا يَبقى أحدٌ إلا دخَلَها"، أي: خافَ وأَشفَقَ ألَّا يَنجوَ مِنها أحدٌ؛ لِمَا حَوْلها من المغرِياتِ والملذَّاتِ، وهذا مِن بابِ التَّرغيبِ والتَّرهيبِ لِمَا عندَ اللهِ، وأنَّ كلَّ شيءٍ في الآخرةِ بثَمنِه، وأنَّ مِن آثرَ نَعيمَ الدنيا وملَّذاتِها وسَعَى فيها واشتغل بها، فإنَّها تؤدِّي به إلى طريقِ النارِ في الآخرةِ، وأمَّا مَن تحمَّلَ شدائدَ الدُّنيا ومنغِّصاتها معَ الإيمانِ باللهِ فإنَّ ذلك يقودُه إلى طريقِ الجنَّةِ في الآخرةِ، وهذا مِصداقٌ لقوله تَعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 37-41].
وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ طريقَ الجنَّةِ صَعبٌ وشاقٌّ، ويحتاجُ إلى الصَّبرِ والمعاناةِ مع الإيمانِ، وأنَّ طريقَ النارِ مَملوءٌ بالملَّذاتِ والشَّهواتِ في الدنيا.