- مثلُ أمتي مثلُ المطرِ لا يُدرى أولُّه خيرٌ أم آخرُه
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الشوكاني | المصدر : نيل الأوطار
الصفحة أو الرقم: 9/229 | خلاصة حكم المحدث : إسناده قوي
التخريج : أخرجه الترمذي (2869) واللفظ له، وأحمد (12327)
وفي هذا الحديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَثَلُ أمَّتي مَثلُ المطَرِ"، أي: في نفْعِه، ثمَّ أوضَح ذلك "لا يُدْرَى أوَّلُه خيرٌ"، أي: أنفَعُ، "أم آخِرُه"، فقيل: المرادُ هنا بخيريَّةِ مَن تأَخَّر عهدُه هو النَّفعُ، ولا يَلزَمُ مِنه فضيلتَه على القُرونِ الأولى؛ فهُم أفضلُ ممَّن بعدَهم بلا شكٍّ، وقيل: أراد النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أن يَصِفَ الأمَّةَ كلَّها بالخيرِ؛ فكأنَّها للنَّاظِرِ إليها نسيجٌ واحدٌ لا يَرى خِلافًا ظاهِرًا في أوَّلِها وآخِرِها؛ لِكَثرةِ الخيرِ في جميعِ طبَقاتِها، فكأنَّها سِلسلةٌ متَّصِلةٌ، مع اختِصاصِ كلِّ طبقةٍ بخاصيَّةٍ وفضيلةٍ تُوجِبُ خيريَّتَها، كما أنَّ كلَّ نَوْبةٍ مِن نُوَبِ المطرِ لها فائدةٌ في النُّشوءِ والنَّماءِ لا يُمكِنُ إنكارُها؛ فإنَّ الأوَّلين آمَنوا وشاهَدوا مِن المعجزاتِ، وتلَقَّوا دَعوةَ الرَّسولِ بالإجابةِ والإيمانِ، والآخِرين آمَنوا بالغَيبِ؛ لِمَا تَواتَر عِندَهم مِن الآياتِ، واتَّبعوا مَن قَبلَهم بإحسانٍ، وكما أنَّ المتقدِّمين اجتهَدوا في التَّأسيسِ والتَّمهيدِ، فالمتأخِّرون بذَلوا وُسْعَهم في التَّلخيصِ والتَّجريدِ، وصرَفوا عُمرَهم في التَّقديرِ والتَّأكيدِ؛ فكلٌّ مغفورٌ له، وسَعيُهم مشكورٌ، وأجرُهم موفورٌ.