الموسوعة الحديثية


- أراد الضَّحَّاكُ بنُ قيسٍ أن يستعملَ مسروقًا فقال له عمارةُ بنُ عُقبةَ أتستعملُ رجلًا من بقايا قتلةِ عثمانَ فقال له مسروقٌ حدَّثَنا عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ وكان في أنفُسِنا موثوقَ الحديثِ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لما أراد قتل أبيك قال مَن لِلصِّبيةِ قال النارُ فقد رضيتُ لك ما رضِيَ لك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الألباني | المصدر : إرواء الغليل | الصفحة أو الرقم : 5/40 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد رجاله ثقات كلهم رجال الشيخين | التخريج : أخرجه أبو داود (2686) واللفظ له، والحاكم (2572)، والبيهقي (18486)

عن إبراهيمَ قالَ : أرادَ الضَّحَّاكُ بنُ قيس أن يستَعملَ مَسروقًا فقالَ لَه عِمارةُ بنُ عقبةَ أتستَعمِلُ رجلًا مِن بقايا قَتلَةِ عُثمانَ فقالَ لَه مَسروقٌ حدَّثَنا عبدُ اللَّهِ بنُ مَسعودٍ وَكانَ في أنفُسِنا مَوثوقَ الحديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لمَّا أرادَ قَتلَ أبيكَ قالَ مَن للصِّبيةِ قالَ النَّارُ فقَد رَضيتُ لَكَ ما رضيَ لَكَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ
الراوي : إبراهيم النخعي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 2686 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح

التخريج : أخرجه أبو داود (2686) واللفظ له، وابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (565)، والبيهقي (18486)


بعَث اللهُ عزَّ وجلَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للنَّاسِ بشيرًا ونذيرًا، فمِن النَّاسِ مَن أرادَ اللهُ به خيرًا؛ فهداه إلى الإسلامِ، ومِنهم مَن عانَدَ فأمكَنَ اللهُ منه.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ إبراهيمُ النَّخَعيُّ: أرادَ "الضَّحَّاكُ بنُ قيسِ" بنِ خالدٍ الفِهْريُّ القرشيُّ أَنْ "يَستعمِلَ مَسروقًا"، أي: يجعلَه عاملًا على إحْدَى الولاياتِ أو الوظائِفِ، فقال له "عمارةُ بنُ عُقبةَ" بنِ أبي مُعَيطٍ: "أتستَعمِلُ رجلًا" الَّذي هو "مِن بَقايا قتَلَةِ عثمانَ" بنِ عفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه؟! وهذا قدحٌ مِن عمارةَ بنِ عُقبةَ في مسروقٍ، فقابلَه مسروقٌ فقال فيه قولاً مقابلَ ما قاله فيه، "فقال له مسروقٌ: حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ وكان في أنفُسِنا موثوقَ الحديثِ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا أراد قتلَ أبيك"، أي: عُقبةَ بنِ أبي مُعَيْطٍ، وكان مَن أسْرَى بدر، والإمامُ مُخيَّرٌ في الأسارى البالِغين؛ إنْ شاءَ مَنَّ عليهم وأطلقَهم من غيرِ فِداءٍ، وإنْ شاء فاداهم بمالٍ معلوم، وإنْ شاء قتَلهم، فيفعلُ ما هو أصلحُ في أمْرِ الدِّينِ وأَوْقَعَ في إعزازِ الإسلامِ، "قال" أبوك عُقبةُ: "مَن للصِّبيةِ؟" جمعُ صَبيٍّ، أي: مَن يتَكفَّلُهم وأنتَ تَقتُل كافِلَهم؟! "قال" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "النَّارُ"، أي: تَتكفَّلُهم النَّارُ، وهذا عِبارةٌ عن الضَّياعِ بسببِ ضَياعِه هو، وقيل: المعنى أنَّك في أمرٍ أصعبَ مِن ذلك؛ فأنتَ ذاهبٌ إلى النَّارِ، أمَّا الصبِّيةُ فاللهُ كافلُهم، قال مسروقٌ: "فقد رَضِيتُ لك ما رَضِيَ لك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"؛ فكأنَّ مسروقًا فَهِمَ من الحديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال بأنَّ النارَ هِي لعقبةَ وَلأولادِه، فَقَدحَ في عمارةَ بنِ عُقْبةَ بأنه رَضِيَ له النَّارَ كما قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ولكن مِن المَعلومِ أنَّ أبناءَ المشركين حُكُمْهُم كما قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "اللهُ أعلمُ بما كانوا عاملين"، يعني: إذا ماتوا وهم صِغارٌ فإنَّهم يُمتَحنون يومَ القيامةِ واللهُ أعلم بما كانوا عامِلين، لكن مَن كَبِرَ منهم وأسلمَ فحُكمُه يختلفُ فهو يُعامَلُ معاملةَ المسلمين، وعمارة بن عقبة مع كونه مسلمًا فقد قابلَه مسروقٌ بأنْ قال فيه ما قال ردًّا على وقوعِ عمارة فيه، و يَحتمِل أنْ يكون المقصودُ بأنَّ أباهم عُقبة هو الذي له النار، وليس الذين أسْلموا مِن أولاده.
وفي الحديثِ: إقامةُ العُقوباتِ على مُستحقِّيها، حيثُ قُتِلَ ابنُ أبي مُعَيطٍ بسبَبِ إيذائه للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .