الموسوعة الحديثية


- لا يتمنَّى أحدُكُمُ الموتَ ، ولا يَدعو بِهِ مِن قبلِ أن يأتيَهُ ، إلَّا أن يَكونَ قد وَثقَ بعملِهِ ، فإنَّهُ إن ماتَ أحدُكُمُ انقطعَ عنهُ عملُهُ ، وإنَّهُ لا يزيدُ المُؤْمِنَ عمرُهُ إلَّا خيرًا
الراوي : أبو هريرة | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 16/249 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه مسلم (2682) باختلاف يسير

لا يَتَمَنَّى أحَدُكُمُ المَوْتَ، ولا يَدْعُ به مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَهُ، إنَّه إذا ماتَ أحَدُكُمُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وإنَّه لا يَزِيدُ المُؤْمِنَ عُمْرُهُ إلَّا خَيْرًا.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2682 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : من أفراد مسلم على البخاري


إنَّ أمرَ العبدِ المسْلمِ المؤمنِ كلَّه خَيرٌ؛ فهو يَجعَلُ الدُّنيا بَلاغًا إلى الآخرةِ، ويَعمَلُ فيها ويَزرَعُ ليَحصُدَ ويَزدادَ ثَوابًا عندَ اللهِ سُبحانَه وتَعالَى، وإذا كانت الحياةُ كذلك مع الإيمانِ، فإنَّ تَمنِّيَ الموتِ لا يَأتي بشَيءٍ؛ لأنَّ كلَّ شَيءٍ بمَقدورِ اللهِ تعالَى.
وفي هذا الحديثِ يُرشِدُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النَّاسَ إلى عدمِ تَمنِّي الموتِ، فيقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا يَتمنَّى أحدُكم الموتَ ولا يَدْعُ به»، أيْ: لا يَتمنَّاهُ في قَلبِه ولا يَطْلُبْه ولا يَسألْه بلِسانِه في دُعائه بسَببٍ ضُرٍّ وابْتِلاءٍ أصابَهُ، «مِن قبْلِ أنْ يَأتِيَه الموتُ» ويَحِلَّ أجَلُه؛ وذلكَ لأنَّه إذا مات المرءُ تَوقَّفَ عَمَلُه في الدُّنيا، فلا زِيادةَ في العملِ؛ فإنْ كان مُحسِنًا فلَهُ إحسانُه، وإنْ كان مُسيئًا، فلعلَّ في طُولِ حَياتِه أنْ يَتوبَ إلى اللهِ سُبحانه ويَرُدَّ المظالمَ ويَتدارَكَ الفائتَ، كما في رِوايةٍ عندَ البُخاريِّ: «وإمَّا مُسيئًا، فلَعلَّه أنْ يَستعتِبَ»، وإنَّ المؤمِنَ يَزدادُ بِطُولِ عُمُرِه خيْرًا مِن الطَّاعاتِ وأعمالِ الإيمانِ، كما في حَديثٍ عندَ التِّرمذيِّ وغيرِه: «أنَّ أعرابيًّا قال: يا رَسولَ اللهِ، أيُّ النَّاسِ خَيرٌ؟ قال: مَن طال عُمرُه وحَسُنَ عَملُه»، وعلى هذا فلا يَنْبغي للمؤمِنِ المُتزوِّدِ للآخِرةِ، والسَّاعي في ازديادِ ما يُثابُ عليه من العَملِ الصَّالِحِ؛ أنْ يَتمنَّى ما يَمْنَعُه مِن البِرِّ والسُّلوكِ لِطَريقِ اللهِ، وفي صَحيحِ مُسلمٍ: أنَّه كان مِن دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «واجعَلِ الحياةَ زِيادةً لي في كلِّ خَيرٍ، واجعَلِ الموتَ راحةً لي مِن كلِّ شَرٍّ»، فسَأَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَجعَلَ اللهُ الحياةَ زِيادةً له في كلِّ خَيرٍ؛ لأنَّ مَن زادَهُ اللهُ خيرًا في حَياتِه كانت حَياتُه صلاحًا وفلاحًا، وسَألَه أنْ يَجعَلَ له الموتَ راحةً له مِن كلِّ شرٍّ؛ لأنَّه إذا كان الموتُ دافعًا للشُّرورِ، قاطعًا لها؛ ففِيه الخيرُ الكثيرُ للعبدِ.
وقَدْ وَرَدَ في صَحيحِ مُسلمٍ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه قال: «إذا مات الإنسانُ انْقَطَع عنه عَمَلُه إلَّا مِن ثلاثةٍ: إلَّا مِن صَدقةٍ جاريةٍ، أو عِلْم يُنْتَفعُ به، أو وَلَدٍ صالَحٍ يَدْعو له»، ولا تَعارُضَ بيْن الحديثينِ؛ لأنَّ الصَّدقةَ والعِلمَ والولَدَ مِن آثارِ الميِّتِ وامتدادٌ له، وهو مِن كَسبِه، فله أجْرُ كَسبِه الَّذي امتَدَّ أثرُه بعْدَه.