الموسوعة الحديثية


- عن أنسِ بن مالكٍ أن عمّتهُ الربيعَ لطمتْ جاريةً فكسرتْ ثنيّتها وطلبوا إليهمُ العفوَ فأبوْا والأرشَ فأبواْ وأبَواْ إلا القِصاصَ فاختصموا إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأمَر رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالقصاصِ فقال أنسُ بن النضرِ أتكسرُ ثنيّة الربيعِ لا والذِي بعثكَ بالحق لا تكسرُ ثنيّتها فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يا أنسُ كتابُ اللهِ عز وجل القِصاصُ فرضِي القومُ فعفَواْ فقال رسولُ اللهٍ صلى الله عليه وسلم إنّ من عبادِ اللهِ عز وجل منْ لو أقسمَ على اللهِ لأبَرّهُ
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الطحاوي | المصدر : شرح مشكل الآثار | الصفحة أو الرقم : 12/471 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (4500) باختلاف يسير، ومسلم (1675) بنحوه

أنَّ الرُّبَيِّعَ وهي ابْنَةُ النَّضْرِ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الأرْشَ، وطَلَبُوا العَفْوَ، فأبَوْا، فأتَوُا النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأمَرَهُمْ بالقِصَاصِ، فَقالَ أنَسُ بنُ النَّضْرِ: أتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يا رَسولَ اللَّهِ، لا والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، لا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقالَ: يا أنَسُ كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ، فَرَضِيَ القَوْمُ وعَفَوْا، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ مِن عِبَادِ اللَّهِ مَن لو أقْسَمَ علَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ زَادَ الفَزَارِيُّ، عن حُمَيْدٍ، عن أنَسٍ، فَرَضِيَ القَوْمُ وقَبِلُوا الأرْشَ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2703 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] [قوله: زاد الفزاري... معلق، وصله البخاري في موضع آخر]

التخريج : أخرجه مسلم (1675) بنحوه


حدَّدَ الشَّرعُ العُقوباتِ الواجبةَ في الجِراحاتِ، وجَعَلَ لصاحبِ الحقِّ الخيارَ بيْن أنْ يَطلُبَ القِصاصَ بمِثلِ ما جُرِحَ وأُوذِيَ، وبيْن أنْ يَعفُوَ ويَغفِرَ لمَن أساء إليه.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الرُّبَيِّعَ ابنةَ النَّضْرِ كَسَرَت «ثَنِيَّةَ جاريةٍ»، والثَّنِيَّةُ مُقدَّم الأسنانِ، فطَلَب قَومُ الرُّبَيِّعِ مِن قومِ الجاريةِ أنْ يَأخُذُوا الأَرْشَ، وهو الذي يَأخُذُه المُشتري مِن البائع إذا اطَّلَعَ على عَيبٍ في المَبيعِ، وأَرْشُ الجِناياتِ والجِراحاتِ مِن ذلك؛ لأنَّها جابرةٌ لها عمَّا حصَلَ فيها مِن النَّقصِ، وطَلَبوا العفْوَ عن الرُّبَيِّعِ، فامتنَعَ قَومُ الجاريةِ ولم يَرضَوْا بِأخْذِ الأَرْشِ منهم، ولا بالعفْوِ عنها، فأَتَوُا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وتَخاصَموا بيْن يدَيْه، فأمَرَهم بالقِصاصِ، وهو مَبدَأُ المعاقَبةِ بالمِثلِ، فقال أَخوها أنسُ بنُ النَّضْرِ رَضيَ اللهُ عنه: أتُكسَرُ ثَنيَّةُ الرُّبَيِّعِ يا رَسولَ الله؟! لا والَّذي بَعَثَك بالحقِّ لا تُكسَرُ ثَنيَّتُها، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا أنسُ، كتابُ اللهِ القِصاصُ، وهو أنْ تُكسَرَ السِّنُّ مُقابِلَ السِّنِّ بالكسْرِ المضبوطِ الذي يُمكِنُ فيه المُماثَلةُ، ولم يكُنْ هذا اعتراضًا على الحكْمِ، وإنَّما أراد الاستشفاعَ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليهم، أو أنَّه قبْلَ أنْ يَعرِفَ أنَّ كِتابَ اللهِ القِصاصُ على التَّعيينِ، وظنَّ التَّخييرَ بيْن القِصاصِ والدِّيةِ.
ثمَّ إنَّ قَومَ الجاريةِ رَضُوا وعفَوْا عن الرُّبَيِّعِ، فتَرَكوا القِصاصَ وقَبِلُوا الأَرْشَ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ مِن عِبادِ اللهِ مَن لو أقسَمَ -يعني: حلَفَ يَمينًا طَمَعًا في كَرمِ اللهِ تعالَى- لأَبَرَّهُ اللهِ في قَسَمِه، فصَدَّقَه وحقَّقَ رَغبَتَه؛ لِما يَعلَمُ مِن صِدقهِ وإخلاصهِ، وجَعَله مِن زُمرةِ المُخلصينَ وأولياءِ اللهِ المُطيعِين، والبِرُّ في القَسَمِ ضِدُّ الحِنْثِ.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ العفْوِ في القِصاصِ وقَبولِ العِوَضِ المشروعِ.
وفيه: فضْلٌ ومَنقَبةٌ لأنسِ بنِ النَّضرِ رَضيَ اللهُ عنه.