الموسوعة الحديثية


- إِنِّي لأرجو أن لا يُعجِزَ أُمَّتِي عند ربِّها أن يُؤَخِّرَهم نِصفَ يومٍ قِيلَ لسَعدٍ وَكَمْ نصفُ يومٍ قال خَمسُمِائةِ سَنة
الراوي : سعد بن أبي وقاص | المحدث : ابن كثير | المصدر : البداية والنهاية | الصفحة أو الرقم : 6/259 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد

إنِّي لأرجو ، ألَّا تعجزَ أمَّتي عند ربِّها أن يُؤخِّرَهم نصفَ يومٍ . قيل لسعدٍ : وكم نصفُ ذلك اليومِ ؟ قال : خمسُمائةِ سنةٍ
الراوي : سعد بن أبي وقاص | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 4350 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بأمَّتِه رؤوفًا رَحيمًا، يَخافُ عليهم مِن العَذابِ، ويُجهِدُ نفْسَه في هِدايتِهم، يَدْعو ربَّه ليلًا ونهارًا؛ ليُنجِّيَهم مِن يومِ القيامةِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنِّي لأَرْجُو"، أي: أتَمنَّى وأُؤَمِّلُ، "ألَّا تَعْجِزَ أمَّتِي"، أيْ: ألَّا تَعجِزَ أُمَّتي كلُّها، أو أغنياءُ أُمَّتي عَنِ الصَّبْرِ "عِندَ ربِّها"، في مَوقفِ الحِسابِ يَومَ القيامَةِ، "أن يُؤخِّرَهم"، أي: عَنِ اللَّحَاقِ بالفُقراءِ السَّابقينَ إلى الجنَّةِ، "نِصْفَ يومٍ"، أي: مِن أيَّامِ الآخِرَةِ.
"قيل"، أي: قال أحدُ الحاضِرينَ، "لسَعدٍ"، وهُو: ابنُ أبي وقَّاصٍ: "وكَمْ نِصْفُ ذلك اليومِ؟"، أيْ: ما مِقدارُ نِصْفِ اليَومِ، "قال" سعدٌ: "خَمسُ مِئةِ سَنةٍ"؛ لقولِه تعالى: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47]، فيَكونُ المقصودُ مِن ذلك تأخيرَ الأغنياءِ في الحِسَابِ، فيَتأَخَّرون عَنِ الفُقراءِ لخفة الحِسابِ علَيهم، ويَسبِقونَهم في دُخولِ الجَنَّةِ بهَذِه المُدَّةِ الَّتي هي خَمسُ مِئةِ سَنةٍ، أو نِصْفُ يَومٍ.
قيل: وفي الحديثِ دَلالةٌ على كَمالِ قُربِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وعلوِّ مَكانَتِه عندَ اللهِ تعالى، يَعْني: أنَّ لِي عِندَ اللهَ مَكانةً وقُربًا يَحصُلُ بهِما كلُّ ما أَرْجُوه، وإنِّي لأَرْجو أن يَكونَ لأُمَّتِي عندَ اللهِ مَكانةٌ فيُمْهِلَهم مِن زَماني هذا إلى انتِهاءِ خَمسِمِئةٍ؛ قبلَ قيامِ السَّاعةِ، وهذا يَكونُ بمَعْنى الرَّجاءِ مِن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بإمهالِ الأمَّةِ هذه المدَّةَ وليسَ فيه تحديدٌ ليومِ القيامةِ ولا الحشرِ، ولا أنَّها بعدَ خَمسِمائةِ عامٍ مِن موتِه صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم؛ لأنَّ اللهَ اختَصَّ نفْسَه بعِلْمِ موعِدِ السَّاعةِ ولم يُطْلِعْ عليه أحدًا مِن خَلقِه.
وقيل: أرادَ بَقاءَ دِينِه ونِظامِ مِلَّتِه في الدُّنْيا مُدَّةَ خَمْسِمائةِ سَنةٍ؛ فقَولُه: "أَنْ يُؤخِّرَهم"، أي: عَنْ أن يُؤخِّرَهم اللهُ سالِمِينَ عَنِ العُيوبِ؛ مِنِ ارتِكابِ الذُّنوبِ، والشَّدائدِ النَّاشِئَةِ مِنَ الكُروبِ.
والحديثُ على هذا مَحمولٌ على قُرْبِ قِيامِ السَّاعةِ، وليس تحديدًا لوقتِها؛ فوَقتُها لا يَعلَمُه إلَّا اللهُ.