الموسوعة الحديثية


- كلُّ مالِ النبيِّ صَدَقَة ، إِلَّا ما أَطْعَمَهُ أَهْلهُ و كَساهُمْ ، إنَّا لا نُورَثُ
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة | الصفحة أو الرقم : 2038 | خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات

إنَّ أَزْوَاجَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ إلى أَبِي بَكْرٍ، فَيَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ عَائِشَةُ لهنَّ: أَليسَ قدْ قالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لا نُورَثُ؛ ما تَرَكْنَا فَهو صَدَقَةٌ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 1758 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه البخاري (6730) باختلاف يسير


الأنبياءُ والمُرسَلون لهم بعضُ الخصائصِ الَّتي مَيَّزهم اللهُ بها عن بقيَّةِ أُمَمِهم، ومِن هذا: أنَّهم لا يُورَثون، وإنْ ترَكوا مالًا فهو صدقةٌ في سبيلِ الله؛ لأنَّهم إنَّما يُوَرِّثون مَن وراءَهم مِن ذُرِّيَّةٍ أو أتْباعٍ: العِلمَ والدَّعوةَ.
وفي هذا الحديثُ تَرْوي أمُّ المؤمِنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ أزواجَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حينَ تُوُفِّيَ أَرَدْنَ أن يَبْعَثْنَ عُثمَانَ بنَ عَفَّانَ إلى أَبِي بَكْرٍ رَضيَ اللهُ عنهما، وكان أبو بَكرٍ خَليفةَ المسْلِمين حينئذٍ؛ «فيَسْأَلْنه مِيرَاثَهُنَّ مِنَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ»، أي: يَطلُبْنَ مِن أبي بكرٍ أنْ يُعطِيَهُنَّ نَصِيبَهُنَّ مِمَّا ترَكَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أَموالٍ كانتْ مُخصَّصةً له؛ مِثلُ سَهْمِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في خَيْبَرَ وفَدَكَ والمدينةِ، ونحْوِه.
فقالت عائشةُ لهنَّ موضِّحةً عدمَ صحَّةِ طلبِهنَّ: «أليس قد قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا نُورَثُ؛ ما ترَكْنا فهو صدقةٌ؟!» أي: إنَّ الأنبياءَ لا يُورَثون، وما تَرَكوه مِن مالٍ فهو صدقةٌ على الفُقَراءِ والمساكينِ، ويُوزِّعها وَلِيُّ الأمرِ مِن بعدِهم، وليسَ لورثتِه إلَّا ما يَكفِيهم مِن قُوتٍ وطعامٍ ويُقِيمُ حياتَهم.
وعندَ أبي داودَ: قالت عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها لِزَوجاتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ألا تتَّقينَ اللهَ؟! ألم تَسمَعْنَ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا نُورَثُ؛ ما ترَكْنا فهوَ صَدَقةٌ، وإنَّما هذا المالُ لآلِ محمَّدٍ لِنائبتِهِم ولِضَيفِهِم، فإذا مِتُّ فهوَ إلى وليِّ الأمرِ مِن بَعدي» أي: هو القائمُ علَيه يَصرِفُه فيما يَنبَغي له. والنَّائبةُ هي ما يَنوبُ الإنسانَ مِن الحوادثِ والمُهمَّاتِ.
ولعلَّهُنَّ لم يَسْمَعْنَه مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولم يَعْلَمْنَ بذلك مِن أيِّ وجهٍ، فلمَّا عَلِمْنَ توقَّفْنَ والْتَزَمْنَ ما قاله النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
فالأنبياءُ لا يُورَثون؛ لأنَّهم ما جاؤوا لجَمعِ المالِ وتَوريثِه لِأقربائهِم، وإنَّما جاؤوا بالحقِّ والهُدى لِهِدايةِ البشَرِ، وإخراجِهِم مِن الظُّلماتِ إلى النُّورِ.
وفي الحديثِ: أنَّه يَلْزَمُ العالِمَ أن يُظهِرَ ما عِندَه مِن العِلم وقتَ الحاجةِ ولا يَكْتُمه.