- سَأَلَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَاسٌ عَنِ الكُهَّانِ، فَقَالَ: ليسَ بشيءٍ فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّهُمْ يُحَدِّثُونَا أحْيَانًا بشيءٍ فَيَكونُ حَقًّا، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: تِلكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحَقِّ، يَخْطَفُهَا مِنَ الجِنِّيِّ، فَيَقُرُّهَا في أُذُنِ ولِيِّهِ، فَيَخْلِطُونَ معهَا مِئَةَ كَذْبَةٍ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 5762 | خلاصة حكم المحدث : [أورده في صحيحه] وقال : قال علي قال عبد الرزاق: مرسل (الكلمة من الحق) ثم بلغني أنه أسنده بعد.
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ المَلائِكةَ تَنزِلُ مِنَ السَّماءِ إلى العَنانِ -وهو السَّحابُ- فتَذكُرُ الأمْرَ الذي قُضيَ في السَّماءِ، وأصلُ ذلك أنَّ المَلائِكةَ تَسمَعُ في السَّماءِ ما قَضى اللهُ تَعالى في كُلِّ يَومٍ مِنَ الحَوادِثِ، فيُحدِّثُ بَعضُهم بَعضًا، فتَستَرِقُ الشَّياطينُ السَّمْعَ وتَختَلِسُه منهم، فتَسمَعُه، فتُوحيهِ إلى الكُهَّانِ؛ جَمعُ كاهِنٍ، وهو مَن يُخبِرُ بالغَيبيَّاتِ المُستَقبَلةِ، فيَكذِبونَ مع الكَلِمةِ المَسموعةِ مِنَ الشَّياطينِ مِئةَ كَذْبَةٍ مِن عِندِ أنفُسِهم.
وهذا الحَديثُ كان جَوابًا لِسُؤالٍ مِن عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها -كما عِندَ مُسلِمٍ-، وهو أنَّ الكُهَّانَ في الجاهليَّةِ، أو قبْلَ تَحريمِ الإسلامِ الاستِماعَ إليهم، كانوا يَتحَدَّثونَ بالشَّيءِ، ويُخبِرونَ الأخبارَ، فتَقَعُ وَفْقَ ما أخبَروا، ويَظهَرُ صِدقُ كَلامِهم، فما تَبريرُ ذلك؟ وكيف يَحدُثُ؟
واستِماعُ الشَّياطينِ لِلسَّماءِ كان قبْلَ مَبعَثِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلَمَّا أرسَلَ اللهُ نَبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالرِّسالةِ، مُنِعَ سَماعُ الشَّياطينِ، كما جاءَ في قَولِ اللهِ تعالَى: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} [الجن: 9].
وقد وَرَدَ النَّهيُ عنِ الذَّهابِ لِلكُهَّانِ، كما عِندَ أحمَدَ عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «مَن أتى عَرَّافًا أو كاهِنًا فصَدَّقَه بما يَقولُ، فقد كَفَرَ بما أُنزِلَ على مُحمدٍ».
وفي الحَديثِ: التَّحذيرُ مِن سَماعِ كَلامِ الكُهَّانِ والدَّجَّالينَ.