- أنَّ وفْدَ عبدِ القَيْسِ لَمَّا أتَوْا نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالوا: يا نَبِيَّ اللهِ، جَعَلَنا اللَّهُ فِداءَكَ ماذا يَصْلُحُ لنا مِنَ الأشْرِبَةِ؟ فقالَ: لا تَشْرَبُوا في النَّقِيرِ، قالوا: يا نَبِيَّ اللهِ، جَعَلَنا اللَّهُ فِداءَكَ، أوَ تَدْرِي ما النَّقِيرُ؟ قالَ: نَعَمْ، الجِذْعُ يُنْقَرُ وسَطُهُ، ولا في الدُّبَّاءِ، ولا في الحَنْتَمَةِ، وعلَيْكُم بالمُوكَى.
الراوي :
أبو سعيد الخدري | المحدث :
مسلم
|
المصدر :
صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 18 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
- أنَّ وفْدَ عبدِ القَيْسِ لَمَّا أتَوْا نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالوا: يا نَبِيَّ اللهِ، جَعَلَنا اللَّهُ فِداءَكَ ماذا يَصْلُحُ لنا مِنَ الأشْرِبَةِ؟ فقالَ: لا تَشْرَبُوا في النَّقِيرِ، قالوا: يا نَبِيَّ اللهِ، جَعَلَنا اللَّهُ فِداءَكَ، أوَ تَدْرِي ما النَّقِيرُ؟ قالَ: نَعَمْ، الجِذْعُ يُنْقَرُ وسَطُهُ، ولا في الدُّبَّاءِ، ولا في الحَنْتَمَةِ، وعلَيْكُم بالمُوكَى..
الراوي: أبو سعيد الخدري | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 18
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
أنَّ أُناسًا مِن عبدِ القَيْسِ قَدِمُوا علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالوا: يا نَبِيَّ اللهِ، إنَّا حَيٌّ مِن رَبِيعَةَ، وبيْنَنا وبيْنَكَ كُفّارُ مُضَرَ، ولا نَقْدِرُ عَلَيْكَ إلَّا في أشْهُرِ الحُرُمِ، فَمُرْنا بأَمْرٍ نَأْمُرُ به مَن وراءَنا، ونَدْخُلُ به الجَنَّةَ إذا نَحْنُ أخَذْنا به، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: آمُرُكُمْ بأَرْبَعٍ، وأَنْهاكُمْ عن أرْبَعٍ: اعْبُدُوا اللَّهَ ولا تُشْرِكُوا به شيئًا، وأَقِيمُوا الصَّلاةَ، وآتُوا الزَّكاةَ، وصُومُوا رَمَضانَ، وأَعْطُوا الخُمُسَ مِنَ الغَنائِمِ، وأَنْهاكُمْ عن أرْبَعٍ: عَنِ الدُّبَّاءِ، والْحَنْتَمِ، والْمُزَفَّتِ، والنَّقِيرِ قالوا: يا نَبِيَّ اللهِ، ما عِلْمُكَ بالنَّقِيرِ؟ قالَ: بَلَى، جِذْعٌ تَنْقُرُونَهُ، فَتَقْذِفُونَ فيه مِنَ القُطَيْعاءِ، قالَ سَعِيدٌ: أوْ قالَ: مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ تَصُبُّونَ فيه مِنَ الماءِ حتَّى إذا سَكَنَ غَلَيانُهُ شَرِبْتُمُوهُ، حتَّى إنَّ أحَدَكُمْ، أوْ إنَّ أحَدَهُمْ لَيَضْرِبُ ابْنَ عَمِّهِ بالسَّيْفِ قالَ: وفي القَوْمِ رَجُلٌ أصابَتْهُ جِراحَةٌ كَذلكَ قالَ، وكُنْتُ أخْبَؤُها حَياءً مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: فَفِيمَ نَشْرَبُ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: في أسْقِيَةِ الأدَمِ الَّتي يُلاثُ علَى أفْواهِها، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أرْضَنا كَثِيرَةُ الجِرْذانِ، ولا تَبْقَى بها أسْقِيَةُ الأدَمِ، فقالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: وإنْ أكَلَتْها الجِرْذانُ، وإنْ أكَلَتْها الجِرْذانُ، وإنْ أكَلَتْها الجِرْذانُ قالَ: وقالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لأَشَجِّ عبدِ القَيْسِ: إنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُما اللَّهُ: الحِلْمُ والأناةُ.
وَذَكَرَ أبا نَضْرَةَ، عن أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أنَّ وفْدَ عبدِ القَيْسِ لَمَّا قَدِمُوا علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ... بمِثْلِ حَديثِ ابْنِ عُلَيَّةَ، غيرَ أنَّ فيه وتَذِيفُونَ فيه مِنَ القُطَيْعاءِ، أوِ التَّمْرِ والْماءِ، ولَمْ يَقُلْ: قالَ سَعِيدٌ، أوْ قالَ مِنَ التَّمْرِ.
الراوي :
أبو سعيد الخدري | المحدث :
مسلم
|
المصدر :
صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 18 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
يَحكي أبو سعيدٍ الخُدريُّ رضي الله عنه أنَّ أناسًا مِن عبدِ القَيس - وهي قبيلةٌ كبيرةٌ يَسكُنون البحرين، يُنسَبون إلى عبد القيسِ بن أفصى - قدِموا على رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأخبَروه أنَّهم حيٌّ مِن ربيعةَ، وبينهم وبينه كفَّارُ مُضَرَ، حيث كانوا بينهم وبين المدينةِ، فلا يمكنُهم الوصولُ إلى المدينةِ إلَّا عليهم، ولا نَقدِرُ عليك إلَّا في أشهُرِ الحُرُم؛ وذلك خوفًا منهم، إلَّا في الأشهرِ الحُرُمِ فإنَّهم لا يَتعرَّضون لهم، كما كانت عادةُ العربِ مِن تعظيم الأشهُرِ الحُرُمِ، وامتناعِهم مِن القِتالِ فيها، فمُرْنا بأمرٍ نأمُرُ به مَن وراءَنا، أي: ممَّن جاؤوا مِن عندِهم، أو ما يحدُثُ لهم مِن الذُّرِّيةِ، وندخُلُ به الجنَّةَ، إذا نحن أخَذْنا به، أي: عمِلْنا به، فأخبَرَهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأربعةِ أعمالٍ تُدخِلهم الجنَّةَ، وهي: عبادةُ الله وحْدَه، وعدمُ الشِّركِ به شيئًا، وإقامُ الصَّلواتِ المكتوبةِ، وأداءُ الزَّكاةِ المفروضةِ، وصومُ شهرِ رمَضانَ، ثمَّ زاد واحدةً، وهي إعطاءُ الخُمُسِ مِن الغنيمةِ.
ونهاهم عن أربعٍ؛ عنِ "الدُّبَّاءِ"، وهو الوعاءُ مِن اليَقْطينِ اليابسِ، "والحَنْتَم" وهي الجِرارُ الخُضرُ، "والمُزفَّت" وهو المَطْلِيُّ بالقارِ، "والنَّقِير" وهو جِذْعٌ ينقُرونَ وسَطه ويقذِفون فيه، أي: يُلقون فيه، وقيل: "تَذِيفون"، أي: يخلِطون فيه، "القُطَيْعَاء" وهو نوعٌ مِن التَّمرِ صغارٌ، ومَن يَشرَبْه يَسكَرْ، حتَّى إنَّه ليضرِبُ ابنَ عمِّه بالسَّيفِ؛ لأنَّه لم يبقَ له عقلٌ، وهاج به الشَّرُّ، فيضرِبُ ابنَ عمِّه الَّذي هو عنده مِن أَحبِّ أحبابِه، وهذه مَفسَدةٌ عظيمةٌ، ونبَّه بها على ما سواها مِن المفاسدِ.
وفي القومِ رجلٌ أصابَتْه جِراحةٌ، واسمُ هذا الرَّجلِ جَهْمٌ، وكانتِ الجراحةُ في ساقِه، وكان يُخفي إصابتَه حياءً مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وأمَّا معنى النَّهيِ عن هذه الأربعِ: فهو أنَّه نهى عنِ الانتباذِ فيها، وهو أن يُجعَلَ في الماءِ حبَّاتٌ مِن تمرٍ، أو زبيبٍ، أو نحوِهما؛ ليحلُوَ، ويُشرَب، وإنَّما خُصَّت هذه بالنَّهيِ؛ لأنَّه يُسرِعُ إليه الإسكارُ فيها، فيَصير حرامًا نجسًا، وتبطُلُ ماليَّتُه، فنَهَى عنه؛ لِما فيه مِن إتلافِ المالِ، ولأنَّه ربَّما شرِبه بعد إسكارِه مَن لم يطَّلِعْ عليه.
ثمَّ إنَّ هذا النَّهيَ كان في أوَّلِ الأمرِ، ثمَّ نُسِخَ بما رواه مسلمٌ في صحيحِه عن بُرَيدةَ رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (كنتُ نهَيْتُكم عنِ الانتباذِ إلَّا في الأسقيَةِ، فانتبِذوا في كلِّ وعاءٍ، ولا تشرَبوا مُسكِرًا)، وهو مذهبُ جماهيرِ العُلماءِ. وقال قومٌ: التَّحريمُ باقٍ، وكرِهوا الانتباذَ في هذه الأوعيةِ.
ثمَّ أخبَرهم بالشُّربِ في آنيةِ "الأَدَمِ" وهو الجلدُ، الَّتي "يُلاثُ على أفواهِها"، أي: يُربَطُ ويُلَفُّ بعضُها على بعضٍ، وإن أكلَتْها الفئرانُ. ثمَّ أخبَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الأشَجَّ عبدَ القيسِ أنَّ فيه خَصلتينِ يُحبُّهما اللهُ ورسولُه: الحِلمُ، أي: العقلُ، والأناةُ: الرِّفقُ والتَّثبُّتُ في الأمورِ.
في الحديثِ: وِفادةُ الفُضَلاءِ والرُّؤساءِ إلى الأئمَّةِ عند الأمورِ المهمَّةِ.
وفيه: تقديمُ الاعتذارِ بين يدَيِ المسألةِ.
وفيه: بيانُ مهمَّاتِ الإسلامِ وأركانِه سوى الحجِّ.
وفيه: فضيلةُ الأشَجِّ عبدِ القيسِ رضي الله عنه.
وفيه: الثَّناءُ على الإنسانِ في وجهِه إذا لم يخَفْ فتنةً وإعجابًا ونحوه.