الموسوعة الحديثية


- أنَّ عُمرَ كان عليه نَذْرُ اعتِكافٍ في الجاهِلِيَّةِ لَيْلَةً ، فَسَأَلَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، فأَمرَهُ أنْ يَعْتكِفَ ، وكان النبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قدْ وَهَبَ له جاريةً مِن سَبْيِ حُنَيْنٍ ، فبينما هو مُعتكِفٌ في المسجدِ إذ دخل الناسُ يُكَبِّرُونَ ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : ؛ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أرْسلَ سَبْيَ حُنَيْنٍ . قال : فَأَرْسَلُوا تِلْكَ الجارِيَةَ .
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن خزيمة | الصفحة أو الرقم : 2229 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم | التخريج : أخرجه البخاري (4320) مختصراً، ومسلم (1656) باختلاف يسير. وأخرجه البخاري (3144) باختلاف يسير من حديث نافع مولى ابن عمر

أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّه كانَ عَلَيَّ اعْتِكَافُ يَومٍ في الجَاهِلِيَّةِ، فأمَرَهُ أَنْ يَفِيَ به، قالَ: وأَصَابَ عُمَرُ جَارِيَتَيْنِ مِن سَبْيِ حُنَيْنٍ، فَوَضَعَهُما في بَعْضِ بُيُوتِ مَكَّةَ، قالَ: فَمَنَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى سَبْيِ حُنَيْنٍ، فَجَعَلُوا يَسْعَوْنَ في السِّكَكِ، فَقالَ عُمَرُ: يا عَبْدَ اللَّهِ، انْظُرْ ما هذا؟ فَقالَ: مَنَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى السَّبْيِ، قالَ: اذْهَبْ فأرْسِلِ الجَارِيَتَيْنِ، قالَ نَافِعٌ: ولَمْ يَعْتَمِرْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الجِعْرَانَةِ ولَوِ اعْتَمَرَ لَمْ يَخْفَ علَى عبدِ اللَّهِ. وزَادَ جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ، عن أَيُّوبَ، عن نَافِعٍ، عن ابْنِ عُمَرَ، قالَ: مِنَ الخُمُسِ، ورَوَاهُ مَعْمَرٌ، عن أَيُّوبَ، عن نَافِعٍ، عن ابْنِ عُمَرَ: في النَّذْرِ ولَمْ يَقُلْ يَومٍ
الراوي : نافع مولى ابن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 3144 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

في هذا الحَديثِ ثَلاثُ رِواياتٍ، يَجمَعُها الانصياعُ التَّامُّ مِنَ الصَّحابةِ للهِ تعالَى ولِرَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الأوامِرِ والنَّواهي، وعَدَمِ الإقدامِ على عَمَلٍ حتَّى يَتبَيَّنوا فيه قَولَ الحَقِّ عِندَ اللهِ ورَسولِه، فيَروي نافِعٌ مَوْلى عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ أنَّه بعْدَ أنْ مَنَّ اللهُ عزَّ وجلَّ على المُسلِمينَ بفَتحِ مَكَّةَ، وصارَتْ مِن بِلادِ الإسلامِ، تَذَكَّرَ الفاروقُ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه أمْرًا نَذَرَه في الجاهلِيَّةِ، فسَألَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنه، فذَكَرَ أنَّه كان قد نَذَرَ أنْ يَعتَكِفَ يَومًا في المَسجِدِ الحَرامِ، وفي رِوايةِ مُسلِمٍ أنَّ سُؤالَه وَقَعَ بالجِعْرانةِ بعْدَ أنْ رَجَعَ مِنَ الطَّائِفِ، فأمَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنْ يَفيَ بنَذْرِه بالاعتِكافِ في المَسجِدِ الحَرامِ.
وقد وَقَعَ في نَصيبِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه جارِيَتانِ مِن سَبْيِ حُنَيْنٍ، والسَّبْيُ: هو ما أُخِذَ مِن نِساءِ العَدُوِّ وذُرِيَّتِه، فمَنَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على سَبْيِ حُنَيْنٍ وأطلَقَ سَراحَهُمْ دونَ فِداءٍ، وذلك حينما تزَوَّجَ أُمَّ المُؤمِنينَ جُوَيريةَ بِنتَ الحارِثِ رَضيَ اللهُ عنها، وجَعَلَ مَهرَها عِتقَها، فقال أصحابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أصهارُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ»، كما عِندَ أبي داودَ، فأطلَقَ الصَّحابةُ سَبْيَ حُنَينٍ مِن تَحتِ أيديهم، فجَعَلوا يَسعَوْنَ في السِّكَكِ، أيِ: الطُّرُقِ، فقال عُمَرُ لابنِه عَبدِ اللهِ: انظُرْ ما هذا! فنَظَرَ وسَألَ عن سَبَبِ مَشْيِهم في الطُّرُقِ، فعَلِمَ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أطلَقَ السَّبْيَ، وجَعَلَهم أحرارًا، فأمَرَه عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه أنْ يُطلِقَ الجارِيَتَيْنِ اللَّتيْنِ أعطاهما لهُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الخُمُسِ، وذلك أُسوةً بما يَفعَلُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فقد كانوا أحرَصَ النَّاسِ على اتِّباعِه والاقتِداءِ بهَدْيِه.
وقَولُ نافِعٍ مَوْلى ابنِ عُمَرَ: «ولم يَعتَمِرْ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الجِعْرانةِ، ولوِ اعتَمَرَ لم يَخْفَ على عَبدِ اللهِ» الجِعْرانةُ: مَكانٌ بيْنَ الطَّائِفِ ومَكَّةَ، وإلى مَكَّةَ أقرَبُ، وتَقَعُ على بُعدِ (20 كم) شَمالَ شَرقِ مَكَّةَ المُكَرَّمةِ، وقد وَرَدَ في الصَّحيحَيْن أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اعتَمَرَ مِنها حينَ فَرَغَ مِن فَتحِ حُنَينٍ والطَّائِفِ، وكانَ ذلكَ عامَ ثَمانيةٍ مِنَ الهِجرةِ، ولم يَعرِفْ بها ابنُ عُمَرَ، ولا عَدَدٌ كَثيرٌ مِنَ الصَّحابةِ، والسَّبَبُ في ذلك: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحرَمَ بعُمرةٍ ولم يَستَصحِبْ أحَدًا معه إلَّا بَعضَ أصحابِه، فخَرَجَ مِنَ الجِعْرانةِ لَيلًا فاعتَمَرَ، ثمَّ رَجَعَ، فأصبَحَ بها بائتًا؛ فخَفِيتْ عُمرَتُه على كَثيرٍ مِنَ النَّاسِ، كما عِندَ النَّسائيِّ وأحمَدَ وغَيرِهما.
وفي الحَديثِ: الحَثُّ على الوَفاءِ بالنَّذرِ المُباحِ، وإنْ طالَ الزَّمانُ.
وفيه: أنَّ مَن نَذَرَ نَذرًا خالِصًا مِنَ الشِّركِ قبْلَ أنْ يُسلِمَ، ثمَّ أسلَمَ؛ يَنبَغي عليه الوَفاءُ بنَذْرِه.
وفيه: مَشروعيَّةُ نَذرِ الاعتِكافِ.
وفيه: بَيانُ سُرعةِ استِجابةِ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم لِأوامِرِ اللهِ تعالَى ورَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: قَبولُ ما فَشا مِنَ الخَبرِ وإنْ لم يَسمَعْه مَن يُعتَمَدُ عليه.