الموسوعة الحديثية


- وعن أبي إدريسَ الخَوْلانيِّ رحِمَهُ اللهُ قال: دخلْتُ مسجِدَ دِمَشْقَ، فإذا فَتًى برَّاقُ الثَّنايا وإذا الناسُ معه، فإذا اخْتَلَفوا في شَيءٍ، أسْنَدوهُ إليه، وصَدَروا عن رأيِهِ، فسألْتُ عنه، فقيل: هذا مُعاذُ بنُ جَبَلٍ رضِيَ اللهُ عنه، فلما كان من الغَدِ، هجَّرْتُ، فوجدْتَهُ قد سَبَقَني بالتَّهْجيرِ، ووَجدْتَهُ يُصَلِّي، فانتظرْتُهُ حتى قَضَى صلاتَهُ، ثم جِئتُهُ من قِبَلِ وجْهِهِ، فسلَّمْتُ عليه، ثم قُلتُ: واللهِ إني لأُحِبُّكَ للهِ، فقال: آللهِ؟ فقُلتُ: أللهِ، فقال: آللهِ؟ فقُلتُ: أللهِ، فأخَذَني بحُبوَةِ رِدائي، فجَبَذَني إليه، فقال: أَبشِرْ؛ فإني سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: "قال اللهُ تعالى: وَجَبَتْ مَحبَّتي للمُتَحابِّينَ فيَّ، والمُتَجالِسينَ فيَّ، والمُتَزاوِرينَ فيَّ، والمُتَباذِلينَ فيَّ".
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج رياض الصالحين | الصفحة أو الرقم : 382 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (22031)، ومالك (2/953)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (3890) باختلاف يسير

دَخَلتُ مسجدَ دِمَشقَ بالشَّامِ، فإذا أنا بفَتًى بَرَّاقِ الثَّنايا، وإذا النَّاسُ حَولَه، إذا اختلَفوا في شيءٍ أسنَدوه إليه، وصَدَروا عن رَأيِه، فسَأَلتُ عنه، فقيلَ: هذا مُعاذُ بنُ جَبلٍ، فلمَّا كان الغَدُ هَجَّرتُ، فوَجَدتُه قد سَبَقَني بالهَجيرِ -وقال إسحاقُ: بالتَّهجيرِ- ووَجَدتُه يُصلِّي، فانتَظَرتُه حتى إذا قَضى صَلاتَه جِئتُه مِن قِبلِ وَجهِه، فسَلَّمتُ عليه فقُلتُ له: واللهِ إنِّي لأُحِبُّكَ للهِ، فقال: آللهِ؟ فقُلتُ:  آللهِ، فقال: آللهِ؟ فقُلتُ: آللهِ، فأخَذَ بحُبْوةِ رِدائي فجَبَذَني إليه وقال: أبشِرْ؛ فإنِّي سَمِعتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: قال اللهُ عزَّ وجلَّ: وَجَبَتْ مَحبَّتي للمُتحابِّينَ فيَّ، والمُتجالِسينَ فيَّ، والمُتزاوِرينَ فيَّ، والمُتباذِلينَ فيَّ.
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 22030 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه أحمد (22030) واللفظ له، ومالك (2/953)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (3890)


مِن الصِّفاتِ العَظيمةِ الَّتي تُرضِي اللهَ المحبَّةُ فيه، والمحبَّةُ في اللهِ تَكونُ خالِصةً مِن الأغْراضِ الدُّنيَويَّةِ، فهي تَكونُ لِوَجهِ اللهِ تَعالى.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ أبو إدْريسَ الخَوْلانيُّ: "دَخَلتُ مَسجِدَ دِمَشْقَ بالشَّامِ" يُقصَدُ بها البِلادُ المَعْروفةُ الآنَ، وهي الَّتي تقَعُ إلى الشَّمالِ مِن الجزيرةِ العربيَّةِ، وتضمُّ سُوريَةَ والأُرْدُنَّ وفِلَسطينَ ولُبنانَ. ودِمَشقُ المَذْكورةُ تقَعُ بالأراضي السُّوريَّةِ، "فإذا أنا بفَتًى برَّاقِ الثَّنايا" شَديدِ أبيَضِ الثَّغْرِ، وقيلَ مَعْناهُ: كَثيرُ التَّبسُّمِ، طَلْقُ الوَجهِ، وإذا النَّاسُ حَولَهُ، إذا اختَلَفوا في شَيءٍ أسنَدوهُ إليه" يَرجِعونَ لِرَأيِهِ ومَشورَتِهِ، "وصَدَروا عن رَأيِهِ" رَجَعوا عن خِلافِهِم، واتَّبَعوا رَأيَهُ، "فسَأَلتُ عنه" يَستَعلِمُ مَن هو؟"فقيلَ: هذا مُعاذُ بنُ جَبَلٍ، فلمَّا كان الغَدُ هجَّرتُ، فوَجَدتُهُ قد سَبَقَني بالهَجيرِ -وقال إسْحاقُ: بالتَّهْجيرِ-"، ومَعْنى ذلِكَ أنَّه وَقتٌ يَبعُدُ عن صَلاةِ فَرضٍ قَبلَهُ، ووَقتُ نَومِ النَّاسِ غالِبًا؛ فالمُرادُ بالهَجيرِ: التَّبكيرُ إلى الصَّلاةِ أيَّ صَلاةٍ كانت، "ووَجَدتُهُ يُصلِّي" نَفْلًا، "فانتَظَرتُهُ حتى إذا قَضى صَلاتَهُ جِئتُهُ من قِبَلِ وَجهِهِ" من أمامِهِ، "فسَلَّمتُ عليه؛ فقُلتُ له: واللهِ إنِّي لأُحِبُّكَ للهِ، فقالَ: آللهِ؟فقُلتُ: آللهِ، فقالَ: آللهِ؟ فقُلتُ: آللهِ" كُلُّ هذا يَتحقَّقُ مُعاذٌ رضِيَ اللهُ عنه ويتأكَّدُ من قَولِهِ، وأنَّ حُبَّه له إنَّما هو للهِ، فأخَذَ بحَبْوةِ رِدائي فجَبَذني إليه" شدَّهُ نَحوَهُ من وَسَطِ ثَوبِهِ ومَعقِدِهِ، "وقال: أبْشِرْ؛ فإنِّي سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: وَجَبَتْ مَحَبَّتي" حقَّتْ مَحَبَّةُ اللهِ "للمُتَحابِّينَ فيَّ"، وهُم الَّذين كانتْ قُلوبُهم مُجتمِعةً على المَحبَّةِ في إجْلالِ اللهِ وتَعْظيمِهِ، فلا يُحِبُّون إلَّا ما يُحِبُّه اللهُ، ويُبغِضونَ ما يُبغِضُهُ اللهُ، "والمُتَجالِسينَ فيَّ"، وهُم الَّذين اجتَمَعوا على ذِكْرِهِ وعِبادَتِهِ، "والمُتَزاوِرينَ فيَّ"، وهُم الَّذين يَزورُ بعضُهُم بَعضًا لِصِلةِ رَحِمٍ وعِيادةِ مَريضٍ ونَحوِهِ، زيارةً خالِصةً لِوَجهِ اللهِ"والمُتَباذِلينَ فيَّ" وهُم الَّذين بَذَلوا أنفُسَهم، وأنْفَقوا أمْوالَهم فيما أمَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ وحَضَّ عليه؛ فكلُّ هؤلاءِ ثَبَتَتْ لهم مَحَبَّةُ اللهِ عزَّ وجلَّ.
وفي الحَديثِ: بيانُ صِفةِ مُعاذِ بنِ جَبلٍ رضِيَ اللهُ عنه وبيانُ عِلمِه وفَضْلِه ورُجوعِ الناسِ إليه فيما اختَلفوا فيه.
وفيه: الحَثُّ على التَّحابِّ والتَّزاوُرِ وبَذْلِ النَّفْسِ والمالِ للهِ عزَّ وجلَّ.
وفيه: البشاشةُ عِندَ اللِّقاءِ، والتبشيرُ بالخَيرِ وفضائِلِ الأعمالِ( ).