الموسوعة الحديثية


- جاء رجلٌ إلى عمرَ يسأَلُه فجعَل ينظُرُ إلى رأسِه مرَّةً وإلى رِجْلَيْهِ أخرى لِما يرى به مِن البؤسِ فقالُ له عمرُ: كم مالُك ؟ قال: أربعونَ مِن الإبِلِ قال: فقال ابنُ عبَّاسٍ فقُلْتُ: صدَق اللهُ ورسولُه ( لو كان لابنِ آدَمَ واديانِ مِن ذهبٍ لابتغى إليهما الثَّالثَ ولا يملأُ جوفَ ابنِ آدَمَ إلَّا التُّرابُ ويتوبُ اللهُ على مَن تاب ) قال: فقال لي عمرُ: ما تقولُ ؟ قال: قُلْتُ: هكذا أقرَأنيها أُبَيُّ بنُ كعبٍ قال: فقُمْ بنا إليه قال: فأتاه ما يقولُ هذا ؟ قال أُبَيٌّ: هكذا أقرَأنيها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 3237 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه | التخريج : أخرجه أحمد (21111)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (5/93)، والضياء في ((الأحاديث المختارة)) (1209) باختلاف يسير

عنِ ابنِ عبَّاسٍ، قال: جاءَ رَجُلٌ إلى عُمَرَ، فقال: أكَلَتْنا الضَّبُعُ، قال مِسعَرٌ: يَعْني السَّنةَ، قال: فسأَلَه عُمَرُ: ممَّن أنتَ؟ فما زالَ يَنسِبُه حتى عرَفَه، فإذا هو موسِرٌ، فقال عُمَرُ: لو أنَّ لامرئٍ واديًا أو واديَيْنِ، لابْتَغى إليهما ثالثًا، فقال ابنُ عبَّاسٍ: ولا يَملأُ جَوفَ ابنِ آدَمَ إلَّا الترابُ، ثُم يَتوبُ اللهُ على مَن تابَ، فقال عُمَرُ لابنِ عبَّاسٍ: ممَّن سمِعْتَ هذا؟ قال: من أُبَيٍّ، قال: فإذا كان بالغَداةِ، فاغْدُ عليَّ، قال: فرجَعَ إلى أُمِّ الفَضلِ، فذكَرَ ذلك لها، فقالت: وما لكَ وللكلامِ عندَ عُمَرَ، وخَشيَ ابنُ عبَّاسٍ أنْ يكونَ أُبَيٌّ نَسيَ، فقالت أُمُّه: إنَّ أُبَيًّا عسى ألَّا يكونَ نَسيَ، فغَدا إلى عُمَرَ ومعه الدِّرَّةُ، فانطَلَقا إلى أُبَيٍّ، فخرَجَ أُبَيٌّ عليهما وقد توضَّأَ، فقال: إنَّه أصابَني مَذْيٌ، فغسَلْتُ ذَكَري، أو فَرْجي -مِسعَرٌ شَكَّ- فقال عُمَرُ: أوَيُجزِئُ ذلك؟ قال: نَعَمْ، قال: سمِعْتَه من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قال: نَعَمْ، قال: وسأَلَه عمَّا قال ابنُ عبَّاسٍ، فصدَّقَه.
الراوي : أبي بن كعب | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 21110 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه ابن ماجه (507) مختصراً، وأحمد (21110) واللفظ له


مِن أصدَقِ رِواياتِ الحَديثِ أنْ يَنقُلَ الإنسانُ ما سَمِعَه من غَيرِ واسِطةٍ، فإنْ كان هناك واسِطةٌ وجَبَ على السامِعِ الاسْتيثاقُ من تلك الواسِطةِ والتأكُّدُ منها، خاصَّةً إذا كان الحديثُ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لِما فيه من تَشْريعٍ وأحْكامٍ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "جاء رجُلٌ إلى عُمَرَ، فقال: أكلَتْنا الضَّبُعُ" وهي شِدةُ القَحطِ، "قال مِسعَرُ بنُ كِدامٍ" أحَدُ رُواةِ الحَديثِ: "يَعني السَّنةَ" ففسَّر مَعنى "أكلَتْنا الضبُعُ" بالسَّنةِ الشديدةِ القاحِلةِ، "فسأَلَه عُمَرُ: ممَّن أنتَ؟ فما زال يَنسُبُه" بذِكرِ آبائِه وأجْدادِه وأقارِبِه "حتى عرَفَه، فإذا هو موسِرٌ" غَنيٌّ، وظاهِرُه أنَّه يُريدُ أنْ يَستكثِرَ منَ المالِ بغَيرِ وَجهِ حقٍّ، "فقال عُمَرُ: لو أنَّ لامرئٍ واديًا أو واديَيْنِ" يَملَؤُهما المالُ "لابْتَغى إليهما ثالثًا"، أي: لحرَصَ وطَمِعَ أنْ يَضُمَّ واديًا ثانيًا، ولو كانَ له ثانيًا، لابتَغَى إليه ثالثًا، وهكذا، "فقال ابنُ عبَّاسٍ" مُتمِّمًا لروايةِ الحديثِ: "ولا يَملَأُ جوفَ ابنِ آدَمَ إلَّا الترابُ" يعني أنَّ ابنَ آدَمَ لا يَزالُ حريصًا على الدُّنيا حتَّى يموتَ ويَمتَلئَ جَوْفُه مِن ترابِ قَبرِه، "ثم يتوبُ اللهُ على مَن تابَ" فيَقبَلُ اللهُ عزَّ وجلَّ كلَّ توبةِ تائبٍ راجِعٍ إلى اللهِ تعالى.
"فقال عُمَرُ لابنِ عباسٍ: ممَّن سَمِعْتَ هذا؟ قال: من أُبَيٍّ" وهو ابنُ كَعبٍ رضِيَ اللهُ عنه، "قال: فإذا كان بالغَداةِ" صباحِ اليومِ التالي، "فاغْدُ عليَّ" يُريدُ أنْ يَرجِعَ عليه ابنُ عبَّاسٍ، "قال: فرجَعَ إلى أمِّ الفَضلِ"، وهي أُمُّه زَوجةُ العباسِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ، "فذكَرَ ذلك لها، فقالت: وما لكَ وللكلامِ عندَ عُمَرَ" تُعنِّفُه على تَحدُّثِه عندَ عُمَرَ؛ وذلك لِمَا عُرِفَ عن عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنه في هذا المَقامِ من شِدَّةِ تَثَبُّتِه من حديثِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا ذُكِرَ عِندَه، ورُبَّما أغلَظَ على صاحِبِه حتى يَثبُتَ صِحةُ حَديثِه، "وخَشيَ ابنُ عباسٍ أنْ يكونَ أُبَيٌّ نَسيَ، فقالت أُمُّه: إنَّ أُبَيًّا عَسى ألَّا يكونَ نَسيَ" ما سَمِعَه منه، "فغَدا إلى عُمَرَ ومعَه الدِّرَّةُ" وهي عصًا قَصيرةٌ كان يَحمِلُها عُمَرُ في يَدِه، ليَزجُرَ بها المُتعَدِّي، "فانطَلَقا إلى أُبَيٍّ" ذهَبَ عُمَرُ وابنُ عباسٍ إلى أُبَيِّ بنِ كَعبٍ في بَيتِه، "فخرَجَ أُبَيٌّ عليهما وقد توضَّأَ" وعليه آثارُ ماءِ الوُضوءِ، "فقال: إنَّه أصابَني مَذْيٌ" والمَذْيُ: ماءٌ أبيضُ رَقيقٌ، مِن شأنِه أنَّه يتَقدَّمُ أو يَعقُبُ خُروجَ المَنيِّ، ويكونُ عندَ ثَوَرانِ الشَّهْوةِ، وعندَ مُلاعَبةِ النِّساءِ والتَّقْبيلِ، "فغسَلْتُ ذَكَري، أو فَرْجي -مِسعَرٌ شكَّ-" لتَطْهيرِه منَ المَذْيِ ولم أغتَسِلْ، "فقال عُمَرُ: أوَيُجْزئُ ذلك؟" هل يَكْفي غَسْلُ الذكَرِ عن الاغتسالِ الكامِلِ في هذه الحالةِ؟ "قال أُبَيُّ بنُ كَعبٍ: نَعم، قال: سَمِعْتَه من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قال: نَعمْ، قال: وسأَلَه عمَّا قال ابنُ عباسٍ، فصدَّقَه" تأكَّدَ من صِحةِ رِوايةِ ابنِ عباسٍ التي رَواها عن أُبَيٍّ رضِيَ اللهُ عنهم جميعًا.
وفي الحَديثِ: الحثُّ على القَناعةِ والرِّضا بما تَيسَّرَ للإنسانِ، ولا يَطلُبُ الاستِكْثارَ بغَيرِ وَجهِ حقٍّ.
وفيه: الوُضوءُ من ماءِ المَذْيِ.
وفيه: الحَضُّ على التثَبُّتِ من صِحةِ أحاديثِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ .