الموسوعة الحديثية


- إنَّ أخوَفَ ما أخافُ عليكم الشِّركُ الأصغرُ ، قالوا : وما الشِّركُ الأصغرُ ؟ قال الرِّياءُ ، يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ لأصحابِ ذلك يومَ القيامةِ إذا جازَى النَّاسَ : اذهبوا إلى الَّذين كنتم تُرائون في الدُّنيا فانظُروا هل تجِدون عندهم جزاءً ؟ !
الراوي : محمود بن لبيد الأنصاري | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة | الصفحة أو الرقم : 951 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد

إنَّ أخوَفَ ما أخافُ عليكُمُ الشِّركُ الأصغرُ: الرِّياءُ، يقولُ اللهُ يومَ القيامةِ إذا جَزَى النَّاسَ بأعمالِهم: اذهَبوا إلى الذينَ كنتم تُراؤونَ في الدُّنيا، فانظُروا هل تَجِدونَ عِندَهم جزاءٍ.
الراوي : محمود بن لبيد الأنصاري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب
الصفحة أو الرقم: 32 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

للشِّركِ باللهِ عاقِبةٌ وَخيمةٌ، وآثارٌ جَسيمةٌ؛ فإنَّه يُحبِطُ عَمَلَ كُلِّ عاملٍ، وإنْ كان مُجتَهِدًا؛ لِفَسادِ أهمِّ شَرطٍ مِن شُروطِ العمَلِ، وهو الإيمانُ وإخْلاصُ العَمَلِ للهِ عزَّ وجلَّ دونَ غَيرِهِ، وللشِّركِ دَرَجاتٌ وصُوَرٌ كَثيرةٌ منها: الرِّياءُ بالعَمَلِ كما في هذا الحَديثِ حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّ أخوَفَ ما أخافُ عليكم الشِّركُ الأصغَرُ، الرِّياءُ"، وسمَّاهُ أصغَرَ؛ لأنَّ العَبدَ لم يَكفُرْ باللهِ، ولم يُنكِرْ أُلوهيَّتَهُ، ولكِنَّه برِيائِهِ أشرَكَ مع اللِه غَيرَهُ، والرِّياءُ: تَركُ الإخْلاصِ في الأقْوالِ والأعْمالِ، بأنْ يقولَ قَولًا أو يَعمَلَ عَمَلًا لا يُريدُ به وَجْهَ اللهِ عزَّ وجلَّ، وهذا يُحبِطُ العَمَلَ، "يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ إذا جَزى النَّاسَ بأعْمالِهِم: اذْهَبوا إلى الَّذين كُنتُم تُراؤُونَ في الدُّنيا، فانْظُروا هل تَجِدونَ عِندَهُم جَزاءً؟" والمَعْنى مَن عَمِلَ عَمَلًا لِغَيرِ اللهِ، ودونَ إخْلاصِهِ للهِ، أو مع إشْراكِ غَيرِ اللهِ فيه، فهو مَرْدودٌ عليه، وليس له عِندَ اللهِ جَزاءٌ ولا أجْرٌ؛ فلْيَذهَبْ كُلُّ واحِدٍ ولْيَطلُبِ الأجْرَ ممَّن جعَلَهُ شَريكًا للهِ فيه، ولنْ يَجِدَ عِندَهُ أجْرًا؛ لأنَّه لا يُعْطي الأجْرَ والثَّوابَ إلَّا اللهُ عزَّ وجلَّ، وهو أكثَرُ الأغنياءِ والشُّرَكاءِ غِنًى عن أنْ يَكونَ له شريكٌ في المُلكِ، أو يُوجَّهَ العمَلُ إليه مِن دونِ اللهِ.
وشَوائِبُ الرِّياءِ كَثيرةُ لا تَنحَصِرُ، فمَتى أدرَكَ الإنسانُ من نَفسِهِ تَفرِقةً بيْنَ أنْ يَطَّلِعَ على عِبادَتِهِ أو لا يَطَّلِعَ، ففيه شُعْبةٌ من الرِّياءِ، ولكِنْ ليس كُلُّ شائِبةٍ مُحبِطةً للأجْرِ، ومُفسِدةً للعَمَلِ، وليس كُلُّ سُرورٍ برُؤيةِ النَّاسِ للعَمَلِ مُحبِطًا للأجْرِ؛ لأنَّ السُّرورَ يَنقَسِمُ إلى مَحْمودٍ ومَذْمومٍ، فالمَحْمودُ أنْ يكونَ قَصدُ الإنسانِ إخْفاءَ الطَّاعةِ، مع الإخْلاصِ للهِ، ولكِنْ لمَّا اطَّلَعَ عليه الخَلْقُ، عَلِمَ أنَّ اللهَ أطلَعَهُم، وأظهَرَ الجَميلَ من أحْوالِهِ، فيُسَرُّ بحُسنِ صُنعِ اللهِ، ولُطفِهِ به فيكونُ فَرَحُهُ بذلِكَ، لا بحَمدِ النَّاسِ وقيامِ المَنزِلةِ في قُلوبِهِم، وأمَّا إنْ كان فَرَحُهُ باطِّلاعِ النَّاسِ عليه؛ لقيامِ مَنزِلَتِهِ عِندَهُم حتَّى يَمدَحوهُ، ويُعظِّموهُ فهذا مَذْمومٌ، وقد روى مُسلِمٌ عن أبي ذَرٍّ رضِيَ اللهُ عنه: "قيلَ: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ الرَّجُلَ يَعمَلُ العَمَلَ من الخَيرِ ويَحمَدُهُ النَّاسُ عليه؟ فقال: "تِلْكَ عاجِلُ بُشْرى المُؤمِنِ".
وفي الحَديثِ: التَّحْذيرُ مِن الرِّياءِ والشِّركِ.
وفيه: الحَثُّ على إخْلاصِ النِّيَّةِ، والعَمَلِ للهِ عزَّ وجلَّ .