الموسوعة الحديثية


- يسلّمُ الراكبُ على الراجلِ ، والراجلُ على الجالسِ والأقلُّ على الأكثرِ . فمن أجاب كان له ومن لم يجبْ فلا شيءَ له
الراوي : [عبدالرحمن بن شبل] | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : فتح الباري لابن حجر | الصفحة أو الرقم : 11/17 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

ليُسَلِّمِ الراكبُ على الراجلِ ، ولْيُسَلِّمِ الراجلُ على القاعِدِ ، ولْيُسَلِّمِ الأقَلُّ على الأكثرِ ، فمن أجاب السلامَ فهو له ، ومن لم يُجِبْ فلا شيءَ له
الراوي : ميمون بن أبي شبيب وابن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 5450 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

السَّلامُ أوَّلُ أسْبابِ التَّآلُفِ، ومِفْتاحُ استِجْلابِ المَوَدَّةِ؛ ففي إفْشائِهِ تَمْكينُ أُلْفةِ المُسلِمينَ بعضِهم لِبَعضٍ، وإظْهارُ شِعارِهِم؛ بخِلافِ غَيرِهِم من سائِرِ المِلَلِ، مع ما فيه من رِياضةِ النُّفوسِ، ولُزومِ التَّواضُعِ، وإعْظامِ حُرُماتِ المُسلِمينَ.
وهذا الحَديثُ يُوضِّحُ مَن الذي يَبدَأُ بالتَّحيَّةِ، ومَنِ الَّذي يرُدُّ، وهذا تَنْظيمٌ بَديعٌ للتَّحيَّةِ حتى لا يَتَكاسَلَ النَّاسُ عنها وحتى لا يَختَلِفوا أيُّهُما يَبدَأُ، ورُبَّما أدَّى ذلك إلى عَدَمِ انتِشارِها، فيقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لِيُسَلِّمِ الرَّاكِبُ على الرَّاجِلِ"، أي: يَبدَأُ الرَّاكِبُ بإلْقاءِ السَّلامِ علي الماشي ثم يرُدُّ عليه الماشي السَّلامَ، وإنَّما شُرِعَ سَلامُ الرَّاكِبِ على الماشي؛ حتى لا يدخُلَ في قَلْبِ الراكِبِ شَيءٌ من الكِبْرِ والزَّهْوِ، إذا رأى أنَّه يَركَبُ وغيرَهُ فَقيرًا يَمْشي على الأرضِ، "ولْيُسَلِّمِ الرَّاجِلُ على القاعِدِ"، أي: يَبدَأُ الماشي بإلْقاءِ السَّلامِ على القاعِدِ ثم يرُدُّ عليه القاعِدُ السَّلامَ، وشرَعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للماشي أنْ يَبدَأَ بالسَّلامِ؛ لأنَّ القاعِدَ قد يَتوقَّعُ شَرًّا من الوارِدِ عليه، ويَخافُ منه، فإذا ابتَدَأَهُ بالسَّلامِ آنَسَ إليه، ولم يَأمُرِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القاعِدَ أنْ يَبدَأَ بالسَّلامِ؛ لأنَّ القاعِدَ يَشُقُّ عليه مُراعاةُ المارِّينَ مع كَثرَتِهم، فسَقَطتِ البِدايةُ عنه، وأُمِرَ بها المارُّ لعَدَمِ المَشَقَّةِ عليه؛ ولأنَّ المُرادَ من السَّلامِ الأمانُ، والماشي يَخافُ الرَّاكِبَ، والقاعِدُ يَخافُ الماشيَ، فأُمِرَ بالسَّلامِ لِيَقَعَ الأمْنُ، "ولْيُسَلِّمِ الأقَلُّ على الأكْثَرِ"، أي: يَبدَأُ الجَماعةُ الأقَلُّ عَدَدًا بإلْقاءِ السَّلامِ على الأكْثَرِ عَدَدًا، "فمَن أجابَ السَّلامَ فهو له"، أي: مَن ردَّ السَّلامَ فله أجْرُ الرَّدِّ بحَسَبِ ردِّهِ، "ومَن لم يُجِبْ فلا شَيءَ له"، أي: مَن لم يرُدَّ فليس له أجْرٌ.
وإذا الْتَقى مارَّانِ راكِبانِ أو ماشِيانِ، فيَبدَأُ الأدْنى منهما الأعْلى قَدْرًا؛ إمَّا مَكانةً أو سِنًّا، فإذا تساوَيَا من كُلِّ الِجهاتِ فكُلٌّ منهما مَأمورٌ بالابتِداءِ وخَيرُهُما الَّذي يَبدَأُ بالسَّلامِ. فقد أخرَجَ البُخاريُّ في الأدَبِ المُفرَدِ من حَديثِ جابِرٍ رضِيَ اللهُ عنه قالَ: "الماشِيانِ إذا اجتَمَعَا، فأيُّهُما بدَأَ السَّلامَ فهو أفضَلُ".
وبهذا الحَديثِ مع غَيرِه من الأحاديثِ يُعلَمُ أنَّ السَّلامَ عُمومًا فيه أجرٌ لِمَن ألْقاهُ ولِمَن ردَّ عليه، والأجرُ يَبدَأُ من عَشْرِ حَسَناتٍ لِمَنْ قالَ: وعليكم السَّلامُ، كما رواه أبو داودَ "جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فقال: السَّلامُ عليكم، فرَدَّ عليه السَّلامَ ثمَّ جلَسَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: عَشْرٌ. ثمَّ جاءَ آخَرُ فقال: السَّلامُ عليكم ورَحْمةُ اللهِ، فرَدَّ عليه، فجلَسَ، فقال: عِشْرونَ. ثمَّ جاءَ آخَرُ، فقال: السَّلامُ عليكم ورَحْمةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ، فرَدَّ عليه، فجلَسَ، فقال: ثَلاثونَ".
وفي الحَديثِ: بَيانُ أهمِّيَّةِ السَّلامِ والتَّحيَّةِ.
وفيه: الحَثُّ على إفْشاءِ السَّلامِ والتَّحيَّةِ بيْنَ المُسلِمينَ .