الموسوعة الحديثية


- إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحِي مِنَ الحقِّ، لا تَأْتوا النِّساءَ في أدبارِهِنَّ.
الراوي : خزيمة بن ثابت | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سير أعلام النبلاء | الصفحة أو الرقم : 14/129 | خلاصة حكم المحدث : سنده صحيح

أنَّ رجلًا سألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن إتيانِ النساءِ في أدبارِهنَّ أو إتيانِ الرجلِ امرأتَهُ في دُبُرِهَا فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حلالٌ فلمَّا وَلَّى الرجلُ دعاهُ أو أمَرَ بهِ فدُعِيَ فقال كيفَ قلتَ في أيِّ الخُربَتَينِ، أو في أَيِّ الخَرَزَتَينِ، أو في أَيِّ الخَصْفَتَينِ أمن دبرِها في قُبُلِهَا فنعم أم من دبرِها في دبرِها فلا فإنَّ اللهَ لا يستحيى من الحقِّ لا تأتوا النساءَ في أدبارِهنَّ
الراوي : خزيمة بن ثابت | المحدث : الألباني | المصدر : إرواء الغليل
الصفحة أو الرقم: 7/67 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه ابن ماجه (1924)، وأحمد في ((المسند)) (5/214)، والنسائي في ((الكبرى)) (5/317) باختلاف يسير.


شرَعَ الإسلامُ على الزواجِ لِحِكَمٍ بالغةٍ؛ منها: العِفَّةُ عن الحرامِ، والإنجابُ وتكثيرُ نَسْلِ الأُمَّةِ، وبيَّنَ ما يَحِلُّ فِعلُه بينَ الزَّوجينِ في الجِماعِ، ولكنَّه في الوقتِ ذاتِه حرَّمَ أمورًا بين الزَّوجينِ ممَّا تأباه الفِطَرُ السَّليمةُ، ويضرُّ بهما، ومِن ذلك إتيانُ الزوجاتِ في غيرِ موضعِ الحَرْثِ، كما يُبيِّنُ هذا الحديثُ؛ حيثُ يَروي خُزيمةُ بنُ ثابتٍ رَضِي اللهُ عنه: "أنَّ رجُلًا سأَلَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن إتيانِ النِّساءِ في أدبارِهنَّ، أو إتيانِ الرجُلِ امرأتَه في دُبُرِها"؛ يَقصِدُ: جِماعَهنَّ في الدُّبُرِ دونَ القُبُلِ، وهل هو حلالٌ أم حرامٌ؟ "فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: حلالٌ"، وقد فَهِمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقصَدًا غيرَ مَقصَدِ الرجُلِ؛ بمعنى أنَّ إتيانَ الرجُلِ امرأتَه مِن ناحيةِ دُبُرِها ومِن خلْفِها مع الإيلاجِ في الفَرْجِ، فهو حلالٌ؛ "فلمَّا ولَّى الرجُلُ دعاهُ" النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَرجِعَ، "أو أمَرَ به فدُعِي، فقال: كيف قلتَ في أيِّ الخُرْبَتَيْنِ -أو في أيِّ الخُرْزَتَيْنِ، أو في أيِّ الخُصْفَتَيْنِ-؟"، فاستَفهَمَ منه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُرادَه ومقصودَه بسُؤالِه، وما الجهةُ التي يُريدُ أنْ يَسألَ عنها ويُولِجَ فيها؛ هل هي فُتْحةُ الدُّبُرِ مِن الخَلفِ، أو فُتْحةُ الفَرجِ مِن الأمامِ؟ والخُرْبةُ: كلُّ ثَقْبٍ مستديرٍ، والخُرْزةُ مِثلُ الخُرْبةِ، والخُصْفةُ مِثلُ الخُرْزةِ، فقال: "أمِن دُبُرِها في قُبُلِها، فنَعَمْ"؛ لأنَّ الإيلاجَ يكونُ في الموضعِ الصحيحِ، واللهُ سبحانَه يقولُ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223]، والفرجُ الأماميُّ هو موضعُ الحَرثِ والذُّرِّيَّةِ، "أم مِن دُبُرِها في دُبُرِها، فلا"؛ فأَوضَحَ له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجلَّى له الأمرَ بما لا يَحتمِلُ التأويلَ، فحرَّمَ الإيلاجَ في فُتحةِ الدُّبُرِ، وقال: "فإنَّ اللهَ لا يَستحْيي مِن الحقِّ، لا تَأتُوا النِّساءَ في أدبارِهنَّ"، فنهاهُ نهيًا مؤكَّدًا عن الإيلاجِ في الدُّبُرِ، وأَوضَحَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ قولَه وتصريحَه بهذا النهيِ لا حياءَ في توضيحِه؛ فاللهُ سبحانَه لا يَستحْيي مِن إظهارِ الحقِّ للناسِ بأوضَحِ لفظٍ وأَجْلاه.
وفي إتيانِ النِّساءِ في الدُّبُرِ مِن المَضارِّ: الجنايةُ على الفِطْرةِ البشَريَّةِ السَّليمةِ، وقلَّةُ النَّسْلِ بانتشارِ هذه الفاحشةِ، وإفسادُ الحياةِ الزَّوجيَّةِ، وتفكُّكُ العائلاتِ والأُسَرِ، وغَرْسُ العَداوةِ والبغضاءِ، وأنَّه مَفْسَدةٌ للشَّبابِ؛ لأنَّه يُفْضي إلى اللِّواطِ، ومع كلِّ ذلك ففيه داءٌ خطيرٌ، وهو إفسادُ حَلْقةِ الدُّبرِ فلا تُمسِكُ الأذَى، وبالجملةِ فإنَّ أضرارَ هذا الفِعلِ الفاحشِ خطيرةٌ لا يُمكِنُ حَصْرُها؛ لِكَثرتِها وشَناعتِها وخُطورتِها على الفرْدِ والمجتمَعِ.
وفي الحديثِ: تثبُّتُ المُفتي مِن مَقصَدِ المُستفتي حتى يُبيِّنَ له الحُكمَ الصحيحَ .