الموسوعة الحديثية


- ابن عباس قال في قولِ الجِنِّ: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [الجن: 19]، قال: لما رأَوْه يُصلِّي بأصحابِه، ويُصلُّونَ بصلاتِه، ويركَعونَ برُكوعِه، ويسجُدُونَ بسجودِه، تعَجَّبوا من طَواعيةِ أصحابِه له، فلمَّا رجَعوا إلى قومِهم، قالوا: إنه لما قام عبدُ اللهِ -يعني: النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يدعوه كادوا يكونونَ عليه لِبَدًا.
الراوي : سعيد بن جبير | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 2431 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه الترمذي بعد حديث (3323)، وأحمد (2431) واللفظ له

عن ابن عباس قال: قولُ الجنِّ لقومِهم لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا قالَ لمَّا رأوْهُ يصلِّي وأصحابُهُ يصلُّونَ بصلاتِهِ ويسجُدونَ بسجودِهِ قالَ تعجَّبوا من طواعيةِ أصحابِهِ لَهُ قالوا لقومِهم لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا .
الراوي : سعيد بن جبير | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي
الصفحة أو الرقم: 3323 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

مَنزلةُ العُبوديَّةِ أَعظمُ المنازلِ للمَخلوقِ؛ لأنَّ اللهَ خلَق الخَلْقَ لعِبادتِه، وكانتِ الرُّسلُ مِن أكمَلِ النَّاسِ عِبادةً للهِ تعالَى؛ ذلك أنَّهم أكثرُ معرفةً باللهِ وعِلمًا به، وأشدُّ تَعظيمًا له؛ ولذلك وصَف اللهُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالعبوديَّةِ في أشرفِ المقاماتِ، وهو مقامُ الدَّعوةِ إليه وتوحيدِه.
ففي هذا الحديثِ يقولُ ابنُ عبَّاسٍ: "قول الجِنِّ" والجِنُّ هم خَلْقٌ مُغايِرون لطبيعةِ البشَرِ مِن حيثُ شَكلُهم وأصلُ مادَّتِهم الَّتي خُلِقوا منها؛ فإنَّهم مخلوقون مِن النَّارِ؛ سُمُّوا بذلك لاجتنانِهم، وهو استِتارُهم، فكانوا يَقولون لقومِهم: "لَمَّا قام عبدُ اللهِ"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "يَدْعوه"، أي: اللهَ سبحانَه وتعالى "كادوا"، أي: الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم "يكونونَ عليه لِبَدًا"، أي: كانوا على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم جَماعاتٍ "قال"، أي: ابنُ عبَّاسٍ في تَفسيرِه للآيةِ: "لَمَّا رأَوْه"، أي: لَمَّا رأَتِ الجِنُّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "يصلِّي، وأصحابُه يُصلُّونَ بصلاتِه"، أي: يَقتَدون به في صَلاتِه ويَسجُدون بسُجودِه، "قال"، أي: ابنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "تعجَّبوا"، أي: الجِنُّ "مِن طَواعيَةِ"، أي: مِن طاعةِ وانقيادِ "أصحابِه له"، أي: للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فرجَعوا لقومِهم" مِن الجِنِّ وأخبَروهم بما رأَوْا، فقالوا: "لَمَّا قام عبدُ اللهِ"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "يَدْعوه"، أي: يَدْعو اللهَ بالذِّكرِ وقراءةِ القرآنِ "كادوا"، أي: صحابتُه "يكونون عليه لِبَدًا"، أي: كانوا جماعاتٍ حولَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يتقرَّبونَ منه؛ حِرْصًا منهم على مُتابعتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
وقيل: إنَّ ذلك خَبرٌ مِن اللهِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لَمَّا قام يَدْعو إلى اللهِ كادَتِ العربُ تكونُ عليه جميعًا؛ ليُطفِئوا نورَ اللهِ، فأبَى اللهُ إلَّا أن ينصُرَه ويُظهِرَه على مَن عادَاه.